إسرائيل لا تريد التفاوض ولا ترغب بالسلام
ليس تجنيا ، ولا هو إدعاء كاذب ،بل هو حقيقة ساطعة مثل الشمس في رابعة النهار ..رغم أنف معهد "بحوث ودراسات الشرق الأوسط الإعلامية "ميمري "في واشنطن
الذي يمارس التضليل للرأي العام في أمريكا والغرب بشكل عام، ويروج لإسرائيل على أنها تسعى للسلام ،وتعمل من أجله ،لكن العرب لا يريدون السلام معها.
لا أريد تقليب الماضي والتعريج على ما جرى توقيعه من معاهدات وإتفاقيات سلام بين دول عربية محورية وإسرائيل ،ولا شك أن قيام م.ت.ف. بتوقيع إتفاقيات أوسلو عام 1993، والإعتراف المجاني بإسرائيل ونبذ الكفاح المسلح ووصفه إرهابا ،يعد مكسبا عز نظيره لأي جهة ترغب بالسلام مع خصومها ،لكن إسرائيل التي لا تعيش إلا في أجواء التوتر لمواصلة "البكبكة"أمام العالم وكسب التعاطف والدعم ،ضربت كل ذلك بعرض الحائط،ولسان حالها يقول..عرب جبناء وعالم غبي..وإسرائيل نووية.
بالأمس القريب جندت إسرائيل وزير خارجية أمريكا السيناتور جون كيري ليحرك الموقف بعد أن أملت شروطها ،فقام بدوره بالإيعاز لوزراء خارجية عرب معنيين بالأجندة الأمريكية وإلتقوا في عمّان مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ،وضغطوا عليه من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات مع نتنياهو.
حقيقة أن هذا هو الهدف المعلن ،لكن الهدف الحقيقي الخفي هو ممارسة فصل مبهر من فصول العلاقات العامة ،والسمح لمصوري وكالات الأنباء وشاشات التلفزة العالمية ببث صور للمفاوضين الفلسطينيين وهم يصافحون الوفد الإسرائيلي ،ويجلسون معهم في واشنطن والقدس ولا ندري كم من العواصم العربية والعالمية ستتحمل وزر هذه المفاوضات ،حتى نهاية سقفها الذي حدده السيناتور كيري بتسعة أشهر.
ليس سرا القول أن الرأي العام العالمي ومساحة كبيرة من الرأي العام الأمريكي وفيه زاوية ملحوظة للرأي العام اليهودي الأمريكي،باتوا ينظرون فعلا إلى إسرائيل على حقيقتها ،وهي أنها لا ترغب بالسلام مع العرب أيا كانت هويتهم.
تراجعت قيادة السلطة عن شروطها للعودة إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل وأخص بالذكر ما يتعلق بالمستوطنات وبنائها وتسمينها في الضفة الفلسطينية،مقابل إطلاق سراح عشرات من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين القدامى ،وكم برزت عقلية شايلوك في ذهنية نتنياهو الذي وضع شروطا تعجيزية لعملية الإطلاق مثل تجزئته الدفعات وربطها بإلتزام المفاوض الفلسطيني بالجلوس المتواصل على طاولة المفاوضات حتى نفاذ السقف ،ومقابل ذلك نراهم يوسعون نطاق الإستيطان ويعرضون المناقصات لبناء المئات من المستوطنات وكأن أحدا لا يجلس معهم على الطاولة ،وهم محقون بذلك ،لأن إسرائيل تفاوض نفسها.
إسرائيل تعلم جيدا أن الغطاء العربي عن الفلسطينيين جرى رفعه رسميا منذ العام 1982،وأن الفلسطينيين هذه الأيام ،لم يعودوا كما كانوا قبل ذلك التاريخ ،وأنهم بعد أوسلو فقدوا بريقهم ،وبالتالي ذهبت ريحهم ،فالناس على دين قياداتهم.
لو كانت إسرائيل حقا راغبة بالسلام ،لتمسكت بكل ما أوتيت من قوة بإتفاقيات أوسلو التي منحتها حق الوجود والبقاء إلى ما يشاء الله ،وكذلك الشرعية التي كانت تحلم بها،ولكن ديدن إسرائيل وعقلية يهود التي تريد الإنتقام من البشرية جمعاء ،عطلت الإحساس بما وفرته أوسلو ،وتمسكت إسرائيل بعقلية الحصن والجيتو والكراهية لكل "الأغيار"وهم غير اليهود،‘إلى درجة أنها تعامل اليهود الشرقيين "السفارديم"على أنهم يهود من الدرجة الثالثة،ولا يعترف الأحبار اليهود بيهود الفلاشا الين هربهم " الرئيس المؤمن"جعفر النميري من أثيوبيا عن طريق السودان مقابل حفنة من الدولارات.
آن للمجتمع الدولي أن يعلن عن موقفه من إسرائيل ويسحب الشرعية عنها بعد دلائل حقيقية على عدم رغبتها بالسلام، بدأت منذ توقيع السادات معاهدة كامب ديفيد عام 1979، حتى يومنا هذا،وعلى العرب أن يخلعوا ثوب ذلهم ،ويبتعدوا عن إسرائيل ويعودوا لأنفسهم ،لأن التاريخ لن يرحم.
السؤال الملح هو :لماذا وافقت إسرائيل على العودة للمفاوضات؟والجواب المنطقي هو :أنها باعت الموقف للإدارة الأمريكية ولا نعلم بالضبط ما هو الثمن الذي قبضته،كما أنها أحرجت القيادة الفلسطينية مع شعبها،وورطت الأردن الرسمي الذي سهل اللقاءات التمهيدية الضاغطة ،كما ورطت الدول العربية التي أسهم وزراء خارجيتها بإجبار القيادة الفلسطينية على العودة للمفاوضات وفق الشروط الإسرائيلية المهينة.