هل سيتأثر الأردن من "ضرب سوريا"؟
مع استكمال الحشد السياسي والعسكري خلف هجوم أمريكي أوروبي بات مرجحا في الدوائر العربية والعالمية، من الطبيعي ان نسأل عن مدى تأثر الاردن من هذا الهجوم وفيما اذا كانت الدولة قد وضعت الخطط الأمنية والسياسية لمواجهة السيناريوهات المختلفة التي يمكن ان تنشأ في حال وقوعه وما قد ينجم عنه من تداعيات على الأوضاع في سوريا والإقليم ؟.
اميل الى الاستنتاج القائل بان الدولة الاردنية وضعت الخطط لحصر تداعيات الهجوم على سوريا ان حصل وتحصين البلاد من أية آثار سلبية قد تطال أمنه واستقراره وسلامة أبنائه ، وغير ذلك من قول يجافي الحقيقة . فالقيادة الاردنية وان لم تلجأ الى وسائل الإعلام للكشف عن تفاصيل عملها لمحاصرة النار السورية ، فإنها كانت دائماً بقلب التحرك العربي والدولي من اجل عدم تحول الصراع في سوريا الى صراع إقليمي ودولي يطال الاردن وغيره .
لعل أكثر ما يثير قلق الاردنيين في الأيام الأخيرة احتمال استخدام النظام في دمشق أسلحته الكيماوية على نطاق واسع داخل سوريا وعبر الحدود ، خاصة وان وزير الخارجية السوري قد اعلن في بداية العام « ان دمشق ستستخدم السلاح الكيماوي اذا ما تعرضت لعدوان خارجي « . وإذا ما اقدم الأسد على هذا العمل الخطير من المتوقع ( على سبيل المثال ) ان تحدث عملية نزوح واسعة من اللاجئين السورين الى الاردن وهو ما سيلقي بأعباء ثقيلة اضافية على البلاد ، اقتصادية وأمنية واجتماعية.
حجم التداعيات على المنطقة من أي هجوم على سوريا يعتمد على طبيعة ونوعية هذا الهجوم ، وليس معروفا بعد ان كان العمل العسكري الذي سيقره اوباما هو عمليات قصف مختارة ومحدودة بصواريخ توما هوك تطلقها البوارج من البحر أم ان السيناريو سيكون مماثلا لما حدث ضد صربيا في التسعينات عندما شن الأمريكيون هجمات جوية بالطائرات والصواريخ استمرت أكثر من ٧٥ يوما .
اذا كانت العملية محدودة من المستبعد ان يتجرأ الأسد بتنفيذ تهديداته في استخدام الكيماوي ، لانه لم يفعل ذلك مرتين ضد اسرائيل عندما دمرت مخازن صواريخه حول دمشق وعلى الحدود مع لبنان ، وهناك أخبار نشرتها صحف امريكية عن تعرض اللاذقية لهجوم ثالث لم تعلن عنه دمشق وتل أبيب . اما اذا كانت العملية على نمط ضرب صربيا واستمرت طويلا فان التداعيات ستكون مختلفة والتأثيرات أعظم على الاردن والمنطقة .
مرة أخرى اعتقد ان الاردن الرسمي قد جهز نفسه للتعامل مع السيناريوهات المختلفة ان حدث الهجوم على سوريا ، سواء من الناحية الأمنية او في مواجهة احتمال حدوث تدفق هائل للاجئين ، لانه في جميع الأحوال ظل الصراع السوري ولا يزال هاجسا أمنيا وفي مقدمة أجندة واهتمام القيادة الاردنية لان الاردن هو المتأثر الأكبر من تداعياته ، ولانه لا يستطيع بحكم الديموغرافيا النأي بنفسه عن هذا الصراع أكثر مما فعل .
لقد أثبتت التطورات الدولية والاقليمية الخطيرة بعد استخدام الكيماوي في الغوطة بانه لا بد من تكاتف عربي ودولي من اجل إغلاق فوهة الجحيم السوري . وفي النهاية لابد من خلق مناخ يجبر النظام والمعارضة على ان الحل في سوريا لن يكون الا سياسيا ووفق إرادة الشعب السوري الذي قدم من التضحيات ما لم يقدمه أي شعب .
(الرأي)