ضربة سوريا ..قراءة أخرى
بدون مقدمات فلسفية ،ولا حذلقات لغوية ،فإن نتيجة الضربة الأمريكية – الغربية المتوقعة لسوريا ستحكم عليها، بمعنى أن المخرجات ستفضح المعطيات.
الأمر برمته لا يحتاج لبذل مجهود كبير ،فإن إنتهت الضربة "على خير"ولم تتسع دائرة نيرانها ، تكون صفقة ومتفقا عليها ، ولست معنيا بالحديث عن أطرافها لأنهم كثر ووكلاؤهم أكثر.
وإن إتسعت دائرة النيران ورأينا النيران بأشكالها تنطلق من الجهات الأربع ومن الجو والبر والبحر ،كانت بالفعل ضربة عدائية أخطأ من بدأها لأنه إستجاب لضغوط خارجية،ولست مقتنعا بالأسلحة الكيميائية على أنها سبب النخوة الأخيرة للتحالف ورجاله العشرة الذين إلتقوا في العاصمة الأردنية لبحث تداعيات الموقف .
هنا لا بد من كشف الستار قليلا لإدخال بصيص من نور ،فإن كانت صفقة فإن الإتفاق سيكون "دعوها تمر مرور الكرام"وعندها يقول الرئيس الأمريكي أوباما أنه نفذ وعده وإنتقم لمباديء أمريكا الإنسانية وعاقب النظام السوري الذي أطلق غاز السارين في غوطة دمشق،ويكون بذلك في مأمن من مخالب الكونغرس واللوبيات الضاغطة عليه ،بدليل أنه أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بقراره تأجيل الضربة حتى يصوت عليها الكونغرس الأمريكي،إذ لو كان القرار امريكيا فما دخل رئيس وزراء دولة اجنبية "نتنياهو" بها ،وقيل أن إسرائيل غضبت من التأجيل ،مع أنه لم يكن قرار إلغاء.
أما بالنسبة للرئيس السوري بشار الأسد ،فإن كانت الضربة متفقا عليه "صفقة" فسوف لن يصدر أوامره كقائد عام للجيش ،لن تصدر للقطعات العسكرية كي ترد على مصدر الضربة،وسيقول بعد ذلك أنه ضحية القرن الحادي والعشرين وأنه تعرض لضربة امريكية وصمد أمامها ،وبالتالي يستحق التعاطف الشعبي العربي والسوري وحتى الدولي ،أما في حال كونها ضربة عدائية فإن الأوامر للجيش السوري بكافة قطعاته ستكون إحرقوا كل الجهات ولا تدعوا شيئا يفلت من بين أيديكم ،خاصة وأن إيران زودته بما يلزم من الأسلحة والمعدات القتالية ،وكذلك روسيا ،رغم ما قيل عن تأجيل صفقة صواريخ إس إس 300.
أما تحالف الرئيس السوري وأخص تحديدا إيران وحزب الله ،فإن كانت الضربة متفقا عليها كمخرج من الأزمة لحل سياسي يتمثل في عقد مؤتمر جنيف 2 ،فإنهما لن يتدخلا وكأن سوريا لا تعنيهما ،مع أنهما ينظران إلى سوريا بمثابة الرئة والقلب معا ،وهما يقدران رفض الرئيس الأسد المساومة عليهما وقطع العلاقة معهما ،وعندها كان سيحصل على المليارت التي لا تعد وليس غريبا أن نسمع من ينادي بتنصيبه إمبراطورا على بلاد الشام ،وربما أعيد النظر في إحتلال هضبة الجولان وأعيد جزء منها إن لم يكن كلها للرئيس الأسد.
أما في حال الرد الإيراني المفتوح على المصالح الأمريكية في المنطقة وقيام حزب الله بواجبه في المنطقة وإمطار إسرائيل والبوارج الأمريكية الحربية التي تتخندق في البحر المتوسط ،فإن ذلك أكبر دليل على أن الضربة عدائية،وكم أتمنى لو أن إيران وحزب الله وسوريا كانوا هم من يبدأ بالضربة لا أن تكون سوريا هي المتلقي لها ،وإن حدث ذلك فإن النصر سيكون حليفهم لأن صاحب
الضربة منطقيا يحصل على 50% من العلامة ومهما صمد بعد ذلك وأطلق النيران فإن المحصلة تكون نصرا له ،أما إن إنتظروا حتى تطلق أمريكا وتحالفها النيران فإن الهزيمة هي النتيجة وعندها نقول ليتنا ما كنا ولا كانت المايكروفونات التي تنثر التصريحات النارية ليستفيد منها أعداؤنا ويقولون للغرب هاكم إسمعوا التهديدات التي يطلقونها لقتلنا.مع انهم وفي حقيقة الأمر هم من يمارس قتلنا وبصمت وأثناء جلوسهم معنا للمفاوضات التي لن تسمن ولن تغني من سلام.
الموقف الروسي حاسم في هذه القضية ،فإن تحركت روسيا عسكريا ودافعت عن حليفها الوحيد في المنطقة ،فإن الضربة حتما وبدون أدنى شك ستكون عدائية ،وإن لم تتدخل فستكون الضربة صفقة لم تطق هي نفسها رائحتها ،وسيكون ذلك اكبر دليل على ان روسيا ضمنت بقاء قاعدة طرطوس العسكرية على شاطيء البحر المتوسط في اللاذقية.
لا أظن ان صناع القرار الامريكي كائنا من كان رئيسا ام الكونغرس بهذه الدرجة من قصر النظر والرغبة في المؤامرة كي يقرروا زج أمريكا في اتون حرب ثالثة غن لم يكونوا "ربطوا" مع الأطراف المعنية او وكلائهم.خاصة وانهم يعرفون جيدا حجم الخسائر التي تعرضوا لها في أفغانستان والعراق،ومنطقيا أنهم سيكونون حذرين جدا في الوقوع في شرك حرب ثالثة يعرفون أن إيران "الفارسية"وحزب الله "الشيعي "وروسيا من أهم أطرافها ،أما المال فسوف لن يكون مسألة نقاش في أمريكا لأن هناك من سيدفع التكاليف مع العمولة من أجل القضاء على حزب الله وإيران ،وقد قلنا ذلك فور إنتهاء ملحمة حزب الله صيف العام 2006.
مثل هذه المغامرة ليست لعبة ،لأنها في الوضع الطبيعي ،ستقود إلى حرب عالمية ثالثة .ولا أظن أن جهة ما مستعدة لخوض غمار الحرب العالمية.