jo24_banner
jo24_banner

أم الجرائم

أسعد العزوني
جو 24 :

لا يختلف إثنان سويان عاقلان ،لم يرهنا نفسيهما للأجنبي مهما كان الثمن ،على أن الظلم جريمة،والتمييز جريمة،والإقصاء جريمة والتهميش جريمة ،والإستحواذ على مقدرات الوطن لفئة واحدة جريمة،لكن كل نواميس الطبيعة وكل من يمت للمنطق بصلة يجمعون على أن الإستعانة والإستقواء بالأجنبي مهما كانت الأسباب ،يعد أم الجرائم،وكبيرة الكبائر ،وأجزم أن الله لن يغفر هذا الذنب لأنه كالشرك به ،ومعروف ان الله يغفر الذنوب لمن يشاء إلا أن يشرك به. 


أختلف مع النظام السوري فيما يخصني وهو الموضوع الإسرائيلي ،ومع ذلك ،فإنني أرفض وبشدة العدوان الغربي عليه ،وأن يتورط أي بلد عربي أو إسلامي في هذا العدوان ،من منطلقات كثيرة ،أهمها تجريم الشراكة مع المعتدين في شن عدوانهم على أي بلد عربي ،فهذا ليس من شيم الكرام،وإن كان لنا خلاف مع هذا البلد العربي أو الإسلامي أو ذاك فبالحوار ،ثم إن الركون للأجنبي يعد جريمة أيضا.


لو أن الشعب السوري ثار على نظامه وكانت له معارضة منهجية تعرف طريقها جيدا ،لوقفنا معها وآزرناها،لكن أن يتم توظيف البعض للقيام بالتمرد من اجل تنفيذ أجندات خارجية ،فهذا مرفوض ولا يمكن أن نوافق عليه.


ما يحدث في سوريا ليس ثورة مع الإقرار بضرورة أن تجرى إصلاحات في سوريا للحفاظ على الإنجازات المتحققة ، رغم ان الوقت قد فات وما عاد هناك للصلح مطرح ،لأننا رأينا كافة زناديق الأرض تعيث فسادا وتقتيلا في سوريا.


الخطأ هناك جر إلى خطايا وأصبحت الأمور تسير وفق الأجندة الصهيونية ولو كان الأمر غير ذلك لما وجدنا الرئيس الأمريكي متحمسا أكثر من المستأجرين السوريين لضرب سوريا،ولو كان صادقا –مع رفضنا للتدخل الأجنبي - لسعى إلى الضغط على النظام ليجد له مخرجا ،لكن هيهات ان يكون الغرب وفي مقدمته امريكا هذه الأيام لديه لحظة صدق.


من هنا أقول أن الإستقواء بالأجنبي لإسقاط النظام جريمة نكراء وعمل لا أخلاقي وعمالة واضحة للأعداء،ولنا في العراق وليبيا خير مثال،إذ أن الغرب لن يتدخل إلا إذا كانت مصالحة تتصدر الأجندة .


لذلك فعلى المتمردين السوريين الذين ينفذون الأجندة الغربية ،أن يعلموا جيدا انهم خارجون من الملة وهم في صف أعداء الأمة ،وهم أشد كفرا ونفاقا من الأعداء ،لأنهم إرتضوا ان يكونوا حصان طروادة لإدخال الأمريكان وغيرهم إلى سوريا وتدميرها على رؤوس من تبقى من اهلها وتراثها وتاريخها. وليعلموا أنه في حال نجح الأمريكان في تدمير سوريا فإنهم أي المتمردين سيكونون أذل الأذلاء بالنسبة للحاكم العسكري الأمريكي .


نعود إلى المشروع الإجرامي الامريكي المقبل الذي يتمثل بالضربة لسوريا ،فهي إعلان حرب ليس على سوريا بل على الأمتين العربية والإسلامية ،ومن يقبل أن يخدع نفسه بالقول ان الضربات ستكون محدودة تستهدف مواقع محددة تابعة للنظام،لإنما قبل على نفسه أن يكون في هذه الدنيا أعمى بل وأضل سبيلا ،لأن الحرب هي الحرب ،وقد قبل العرب بل وطلبوا ضرب العراق وليبيا وهاهم يقبلون وتطلب الجامعة العربية من المجتمع الدولي ان يعاقب سوريا بعد مهزلة السلاح الكيماوي في الغوطة ،ولعلنا عربا ومسلمين لا نتعظ ولا نستفيد من خطايانا ،ولذلك ما ان نخرج من كارثة حتى ندخل في غيرها أشد فتكا من سابقتها.


كل من يدعو ويوافق ولو بينه وبين نفسه أو يسهم أو يقف متفرجا على ضرب سوريا ،إنما هو خارج من الملة ،ويستحق غضب الله وسوء العاقبة.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير