رفقة تشعل عودها الأخير
اكرام الزعبي
جو 24 : أصرّت رياح الخريف في أيلول إلا أن تأخذ معها آخر «أوراق « الأديبة المبدعة رفقة دودين،
لتتركنا في دهشة؛ كيف تضيع من بين أيدينا امرأة بهذا اللطف والوفاء لأصدقائها ومحبيها..؟ وكيف يختار الله أجمل الناس لقربه.. ويعيش بيننا كل من لم يعرف للوفاء طريقاً؟ رفقة الكركية الخليلية العمّانية: ها هو «مجدور العربان» يلف (اللصمة) ويذرف دمعتين لفراقك.. والكحل العربي يسيل مع دمع نساء القرى وهنّ يغرفن أغمار الحنطة من حقول القرى في رواياتك وقصصك..
شاءت الأقدار أن أعرف المرحومة رفقة دودين «على سفر» -في ألمانيا-وكم أذكر بساطتها وبراءتها وطيب نفسها وتعاونها.. فهي لا تغار ولا تحسد ولا تظن السوء بصديقاتها.. وهي التي تحفّز الجميع على النشاط والمتابعة وأخذ المواضيع بالجدية التامة -وهي تضحك-.. هي التي رفعت يديها الى السماء حامدة الله الذي بحدّ تعبيرها «أحياني وأراني الريف الألماني..» رفقة لا تخذل من يرافقها..ولكنها خذلتنا بهذا الرحيل الصاعق!
بعيداً عن حفلات الشاي في فنادق الخمس نجوم..وبدون طلاء أظافر ماركة كريستيان ديور، كانت فقيدة الوطن تكتب عن الفروق بين الرجال والنساء في مشاويرها بين الكرك وعمّان، ضمن أوراقها العميقة التي كانت تقدمها للمؤتمرات وملفات البحث المتخصص، ومقالات الصحف اليومية، فكانت كتاباتها منبعاً لحلول ومقاربات واقعية لنساء يتألمن وراء الإبتسامات..
اليوم نبكي رحيل رفقة دودين التي غادرتنا بمؤتمر ببروكسل.. لأننا لن نعثر بسهولة على امرأة أردنية رصينة، وبفكر متقدّم، وشكل بسيط يمثلنا في الخارج، وينتمي للوننا وقمحنا كرفقة.. فنساء قضايا «الجندر» مطليات بطبقة سميكة من المكياج، ويتحدثن بخليط مُحزن بين الإنجليزية والعربية، ويتلقين أوراق المؤتمر مطوية مع حفنة دولارات تسمى التمويل الأجنبي.. وهنّ حتماً لا يعرفن أحداً من طالبات مدرسة «أدِر» الثانوية للبنات.. هناك في الجنوب حيث دَرّستْ رفقة حبّ الوطن..
نعود لذات السؤال الذي يتكرر في كل مرة يغادر أحد مبدعينا وشخصياتنا الوطنية: «متى سنتعامل مع رموزنا باحترام، ونلتفت الى إبداعهم، ونصون مكانتهم، ونعلي شأنهم، قبل أن يفجعنا غيابهم السريع؟».. فلقد أثبت قدرنا الأردني منذ رحيل الشاعر تيسير السبول وحتى رحيل رفقة دودين.. بأن «الجلطة» في بيت النار..
(الرأي)
لتتركنا في دهشة؛ كيف تضيع من بين أيدينا امرأة بهذا اللطف والوفاء لأصدقائها ومحبيها..؟ وكيف يختار الله أجمل الناس لقربه.. ويعيش بيننا كل من لم يعرف للوفاء طريقاً؟ رفقة الكركية الخليلية العمّانية: ها هو «مجدور العربان» يلف (اللصمة) ويذرف دمعتين لفراقك.. والكحل العربي يسيل مع دمع نساء القرى وهنّ يغرفن أغمار الحنطة من حقول القرى في رواياتك وقصصك..
شاءت الأقدار أن أعرف المرحومة رفقة دودين «على سفر» -في ألمانيا-وكم أذكر بساطتها وبراءتها وطيب نفسها وتعاونها.. فهي لا تغار ولا تحسد ولا تظن السوء بصديقاتها.. وهي التي تحفّز الجميع على النشاط والمتابعة وأخذ المواضيع بالجدية التامة -وهي تضحك-.. هي التي رفعت يديها الى السماء حامدة الله الذي بحدّ تعبيرها «أحياني وأراني الريف الألماني..» رفقة لا تخذل من يرافقها..ولكنها خذلتنا بهذا الرحيل الصاعق!
بعيداً عن حفلات الشاي في فنادق الخمس نجوم..وبدون طلاء أظافر ماركة كريستيان ديور، كانت فقيدة الوطن تكتب عن الفروق بين الرجال والنساء في مشاويرها بين الكرك وعمّان، ضمن أوراقها العميقة التي كانت تقدمها للمؤتمرات وملفات البحث المتخصص، ومقالات الصحف اليومية، فكانت كتاباتها منبعاً لحلول ومقاربات واقعية لنساء يتألمن وراء الإبتسامات..
اليوم نبكي رحيل رفقة دودين التي غادرتنا بمؤتمر ببروكسل.. لأننا لن نعثر بسهولة على امرأة أردنية رصينة، وبفكر متقدّم، وشكل بسيط يمثلنا في الخارج، وينتمي للوننا وقمحنا كرفقة.. فنساء قضايا «الجندر» مطليات بطبقة سميكة من المكياج، ويتحدثن بخليط مُحزن بين الإنجليزية والعربية، ويتلقين أوراق المؤتمر مطوية مع حفنة دولارات تسمى التمويل الأجنبي.. وهنّ حتماً لا يعرفن أحداً من طالبات مدرسة «أدِر» الثانوية للبنات.. هناك في الجنوب حيث دَرّستْ رفقة حبّ الوطن..
نعود لذات السؤال الذي يتكرر في كل مرة يغادر أحد مبدعينا وشخصياتنا الوطنية: «متى سنتعامل مع رموزنا باحترام، ونلتفت الى إبداعهم، ونصون مكانتهم، ونعلي شأنهم، قبل أن يفجعنا غيابهم السريع؟».. فلقد أثبت قدرنا الأردني منذ رحيل الشاعر تيسير السبول وحتى رحيل رفقة دودين.. بأن «الجلطة» في بيت النار..
(الرأي)