«الكتابة على لحم يحترق»
اكرام الزعبي
جو 24 : أستعير هذا العنوان للدراما التاريخية التي أبدعها الكاتب المصري محفوظ عبد الرحمن ذات حقبة سابقة، والأمر الذي استدعى اسم ذلك العمل الكبير هو تلك الأنباء عن مجزرة «القبير» في سوريا ؛ فلقد أشارت كل الأخبار المتعلقة بهذه المجزرة بأن رائحة اللحم المحترق (الشواء) كانت تزكم الأنوف.. هذه الصورة المفجِعة تجعل الكتابة كلّها على لحم الناس الذي يحترق، فهذا ما نفعله: نكتب عن أُناس يُذبحون ويُحرَقون دون أن نعرف ما الذي يمكن أن نقدمه لهم سوى الكتابة ! ودون أن يتضّح في ظل الإتهامات المتبادلة بين كل الجهات متى ستنتهي هذه المأساة.
لم يعُد أحد يكترث لما يبثُّه الإعلام عن الأقطاب التي «تلعب» على الأرض السورية التاريخية، وما اذا كان «الروس» يبحثون عن مكانتهم السياسية التي فقدوها لعقود خلت في مواجهة ألأمريكان، أو إذا كانت إيران تستخدم «الورقة السورية» لخوض معاركها بالوكالة.وليس مهمّاً البتّة إذا كانت أحلام تركيا بدور أكبر في منطقتنا قد وصلت الى أقصاها، أو إذا كانت جهات أخرى ترمي لأهداف أخرى ! كل هذا غير مهم الآن: المهم أن تُبتكَر لعبة سياسية لإيقاف ذبح المزيد من الأبرياء الذين يذهبون كفرق حساب بين اللاعبين الكُثر.
مصير النظام السوري كما تراه الكاتبة السورية ريمة فليحان-التي لجأت إلى الأردن-قد تَحدّد مُسبقاً عندما كسر السوريون حاجز «الخوف» وهتفوا بسقوط النظام؛ فالأمر في سوريا بحسب فليحان ليس كمثله في غيرها؛ ففي سوريا العقدة هي الخوف المتأصّل في قلوب الناس.. وقد زال هذا الخوف أو تحوّل الى تحدّي. الكارثة من وجهة نظري هي أن مصير المواطنين السوريين هو المجهول وأن لا أحد يعرف بالضبط متى سنشّم رائحة شجر النارنج والإجاص بدلاً من رائحة اللحم البشري المُحترق !
إذا كانت سايكس بيكو الجديدة-التي ستكون تقسيماتها أصغر بكثير من سابقتِها-لن تتم إلا عبر سورية، فلماذا يهيّيء النظام السوري الأرضية لذلك التقسيم ؟ اليوم يفقد هذا النظام الدموي تدريجياً تلك الطبقة من المثقّفين والسياسيين الذين كانوا يدافعون عنه، ويترك سؤالاً عالقاً في أذهانهم: ما الذي بقي من دولة «المُمانعة» ولماذا اعتبر النظام السوري نفسه مُمانعاً ؟ إلا إذا كان المقصود هو منع الشعب السوري من حق الحياة.
ikramdawud@yahoo.com
الرأي
لم يعُد أحد يكترث لما يبثُّه الإعلام عن الأقطاب التي «تلعب» على الأرض السورية التاريخية، وما اذا كان «الروس» يبحثون عن مكانتهم السياسية التي فقدوها لعقود خلت في مواجهة ألأمريكان، أو إذا كانت إيران تستخدم «الورقة السورية» لخوض معاركها بالوكالة.وليس مهمّاً البتّة إذا كانت أحلام تركيا بدور أكبر في منطقتنا قد وصلت الى أقصاها، أو إذا كانت جهات أخرى ترمي لأهداف أخرى ! كل هذا غير مهم الآن: المهم أن تُبتكَر لعبة سياسية لإيقاف ذبح المزيد من الأبرياء الذين يذهبون كفرق حساب بين اللاعبين الكُثر.
مصير النظام السوري كما تراه الكاتبة السورية ريمة فليحان-التي لجأت إلى الأردن-قد تَحدّد مُسبقاً عندما كسر السوريون حاجز «الخوف» وهتفوا بسقوط النظام؛ فالأمر في سوريا بحسب فليحان ليس كمثله في غيرها؛ ففي سوريا العقدة هي الخوف المتأصّل في قلوب الناس.. وقد زال هذا الخوف أو تحوّل الى تحدّي. الكارثة من وجهة نظري هي أن مصير المواطنين السوريين هو المجهول وأن لا أحد يعرف بالضبط متى سنشّم رائحة شجر النارنج والإجاص بدلاً من رائحة اللحم البشري المُحترق !
إذا كانت سايكس بيكو الجديدة-التي ستكون تقسيماتها أصغر بكثير من سابقتِها-لن تتم إلا عبر سورية، فلماذا يهيّيء النظام السوري الأرضية لذلك التقسيم ؟ اليوم يفقد هذا النظام الدموي تدريجياً تلك الطبقة من المثقّفين والسياسيين الذين كانوا يدافعون عنه، ويترك سؤالاً عالقاً في أذهانهم: ما الذي بقي من دولة «المُمانعة» ولماذا اعتبر النظام السوري نفسه مُمانعاً ؟ إلا إذا كان المقصود هو منع الشعب السوري من حق الحياة.
ikramdawud@yahoo.com
الرأي