jo24_banner
jo24_banner

الحراك الشعبي العربي..دروس وعبر

أسعد العزوني
جو 24 : بعد مرور ثلاث سنوات داميات حارقات خارقات ،إصطبغن بصبغة الدمار والقتل ،لم نخرج منها بنتيجة إيجابية رغم ما قدمت الشعوب العربية من تضحيات جسام،آن لمن يجد نفسه قادرا على الإنحياز للحقيقة ،أن يخوض في بحر هذا الحراك اللجي، عل وعسى أن نضع الإصبع على الجرح ،ونخرج بنتيجة تجيب على هذا السؤال:لماذا لم نغادرالمربع الأول ؟
الجواب على هذا السؤال يتطلب منا دراسة التجارب العربية التي شهدت حراكا شعبيا ،ورصد المسيرة كلها بدايات ونهايات ،وقراءتها بعين المراقب الخبير لا بعين المنحاز لغير الحقيقة،وأن يكون الهدف ليس لإرضاء هذا الطرف ودغدغة مشاعره أو إغضاب ذاك وإستفزازه.
الشيفرة التي ستفك رموز المعادلة المعقدة ،والتي ستعيننا على وضع النقاط على الحروف ،هي أن الشعوب العربية ليس لديها معارضات حقيقية ذات برامج سياسية وإقتصادية وإجتماعية ،مبينة على أسس علمية مدروسة ،ولديها بند واضح في باب السعي لتغيير الحكم إلى الأفضل ،كما هو أحد حقوق المعارضات في العالم،وينص على نقطة محددة وهي :ما هو برنامجنا في اليوم التالي ؟أي بعد التخلص من النظام الديكتاتوري.
هذه واحدة وهي الأساس والمؤشر على نجاح أو فشل المسعى،وبدون الإستعانة بنظريات التغيير وفلسفة الحكم والعلاقة ما بين الحكم والمعارضة،فإن الباحث المبتديء يخرج بنتيجة لا تصل إليها نسبة الخطأ إلى واحد في المليون ،لأنه بدون حركة معارضة برامجية منهجية يقودها أشخاص لديهم التجارب والخبرات وجاؤا إلى القيادة من خلال صناديق الإقتراع ولم تنل منهم عدوى الأنظمة المتمثلة في الحكم إلى الأبد ،فإن الفشل سيكون سيد الموقف ،وسيدفع الشعب ثمنا غاليا ،وسيضطر في نهاية المطاف ان يدفع ثمنين الأول لأخطاء الحاكم والثاني لأخطاء من إدعوا أنهم قادة المعارضة.
من أهم المخرجات التي تتوهج أمام أعيننا هي أن الحراك الذي تفجر عشوائيا في الوطن العربي -بعد أن أقدم الشاب التونسي محمد البوعزيزي على حرق نفسه ،إنتقاما من نفسه لعجزه عن الثأر لكرامته بعد أن منعته الشرطة من الإسترزاق كبائع متجول وقامت شرطية شابة بصفعه على وجهه،ولم يستطع أن يفعل لها شيئا،وحز في نفسه أنها إمرأة و تمثل النظام الرسمي- شهد سقوطا مزدوجا للشعب ولحاكمه على حد سواء،فالشعب وجد نفسه بدون معارضة تقوده ولذلك طلب نجدة الأجنبي ،والنظام المستهدف وجد نفسه قاب قوسين أو أدنى لولا قوته الشرطية وتحالفاته الخارجية هو الآخر ،بمعنى أن الشعب المظلوم والحاكم الظالم إستقويا بالأجنبي وتلك أم الجرائم.
لكن ما يجب الإعتراف به ،ووضعه كعامل حسم في المخرجات هو أن حاجز الخوف عند الشعوب قد إنكسر ،ولم تعد هالة الحاكم وأدواته الشرطية والأمنية تعيق الحركة،وبات الشعب يتحدث عن القضايا الحساسة متجاوزا التابوهات التي لم يكن يجرؤ على الخوض فيها ،ذلك أن أزلام النظام الحاكم قد إنكشفوا بل وزاد سعارهم ،وربما كانوا هم الفأل السيء للحاكم الذي توجب عليه أن يتحمل وزرهم لأنه صمت عنهم وربما قام بتوظيفهم لأداء مهام فساد ضخمة وإعتبارهم شركاء ولنا في عائلة زوجة الرئيس التونسي الهارب بزي منقبة بن علي ،وعائلة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وعائلة القذافي وعائلة على صالح في اليمن.
هناك زوايا أخرى تبدد عنها الظلام في هذا الملف منها أن بصمة الأجنبي فاقعة لكنها ليست مفهومة للعامة، إذ رأينا تدخل الناتو في ليبيا بطلب من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامية ،في حين أن الشعب اليمني نزف كثيرا ولم يجد أحدا يعطف عليه بنجدة ،كما أن الشعب السوري ينتظر ضربة أمريكية لأهداف عسكرية وإستراتيجية تابعة للنظام وبعد مرور سنتين على النزف والدمار والتهجير في سوريا.
كما تبين أن إسرائيل هي المايسترو الظاهر في حراكات العرب ،فمن تونس إلى ليبيا فمصر فسوريا وجدنا بصمات إسرائيلية ،وليس أدل من ذلك أن أصبح بيرنارد ليفي الفيلسوف اليهودي الفرنسي وجيفري فيلتمان الديبلوماسي الأمريكي وجون ماكين السيناتور الأمريكي هم أيقونات "الثورات "العربية ،بإستثناء ثورة اليمن التي تعد هي الأطهر والأنظف في هذا المجال ،وهي الثورة المغدورة.
تميزت "ثورة "مصر ،بعمق أسرارها كما الفراعنة في أهرامهم،ولا شك أن ظهور الجنرال عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية الضباط في مصر ،وما فاح من رائحة تزكم أنوف الخلق كلهم حول علاقته بإسرائيل ودعمها له إلى درجة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وجه وزراءه لتبرير دعم إسرائيل للسيسي ،إضافة إلى الإيعاز لمراكز الضغط اليهودية في الغرب كي يضغطوا على حكوماتهم لدعم السيسي وإنقلابه غير الميمون.
هذه الحراكات ونتائجها المشوهة يتحمل مسؤولية فشلها من تصدوا لقيادة احزاب المعارضات العربية التي كانت فروعا لأجهزة المخابرات العربية ، وقد أدت إلى تعطيل التنمية التي كانت تقودها وتمولها مكاتب الأمم المتحدة لأن الحكومات كانت مشغولة بالشفط واللهط،كما أنها زادت من حجم البطالة وعمقت الكراهية والإنقسام بين موالاة إنتهازية ومعارضة عمياء صماء لا قيادة لها .
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير