أرانب + ثعالب = لبؤه...!!!
في تلك الشّجرة الصّغيرة البريّة البعله العطشاء والمتواجدة في وسط غابة الحيوان؛ أُجبر صاحبها الأرنب على العيش فيها مع الثّعلب رغم تناقضاتهم السّلوكيّة والانفعاليّة والمعرفيّة والبيولوجيّة وغيرها من السّمات...، ولبراءة الأوّل وسذاجته وكرمه...، (استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير) فآثر الثّاني على نفسه ومنحه أعلاها بما تملك من سيطرة وثمرٍ ونقاء وهدوء، وسكن هو في أسفلها بما تملك من عدم رؤيةٍ واضحةٍ و إزعاجٍ وأذىً كونها في طريق كلّ قادمٍ وذاهب فجعلوه إلّا له...؛ صدقةً جاريةً لكلّ بعيدٍ وقريبٍ ونسيبٍ وغريبْ... !!!
مرّت الأيّام...، وأخذ الأرنب يشعر بمعاناته وعلم يقيناً بسوء اختياره الخاطئ...، فصبَر وصَمت لعلّ وعسى أن تتبدّل حاله بحالٍ أحسن منها إلّا أن الأمر أضحى يزداد من سيّءٍ إلى أسوأ...، فنظر أخيراً وإذ به مهدّدُ حتّى بمغادرة الشّجرة والرّحيل بعد أن فقد كلّ شيءٍ، وكلّ شيءٍ فقده...، فاستنجد... وشجب... وشكى ...وبكى... وحكى...، إلّا أنّه أيقن أخيراً بأنّ أُذني الأسد صالحتان وقادرتان على سماع كلّ الأصوات ماعدا صوت الحقّ السّاطع من قلب ذلك الأرنب المسكين على لسانه مروراً بحنجرته التي أضحت غير موجودة نظراً لبحّتها التي أُصيبت بها لكثرة ضَغيبها... (الضّغيب صوت الأرنب) !!!
وبدلاً من أن يقوم الأسد في تقييم وتقويم حال الأرنب وإنصافها أو على أقلّ تقدير سماعها؛ أخذ يقوم بالتّجوال في غابته (الهادئة المطمئنّة) بعين ثعالبه، و(العاصفة المُتهالكة) بعين أرانبه... .
وخلال تلك الجولات، وكلّما مرّ الأسد بطريقه الوحيدة والأسهل من عند تلك الشّجرة، ومن باب التّسلية والمرح والبذخ والاستهتار وفرض القوّة وغيرها؛ ينادي على الأرنب في طريقه فيوسعه ضرباً دون ذنبٍ بعد أن يُجْبره على الرّقص والغناء، ومن ثمّ يتابع سيره إلى حيث يريد...، وهكذا كلّ يوم، فكلّما مرّ ناداه وأوسعه ضرباً ولكماً وسبّا..!
ونظراً لشدّة المعاناة التي أضحى يعانيها الأرنب من الأسد كلّ يوم، ولعدم قدرته على التّحمل...؛ توسّل الثّعلب طالباً منه أن ينزل مكانه مرّة واحده ويريحه من الضّرب لمرّةٍ واحدةٍ لعلّه يستعيد أنفاسه وقواه على أقلّ تقدير... !
وافق الثّعلب على مضض...، ونُفّذت الخطة حسب اتفاقهما وما أن أخذ كلاهما مكانه (الثعلب أسفل الشّجرة والأرنب بعيداً في أعلاها)...، إلّا وجاء الأسد الذي توقّف صامتاً للحظة أمام الشّجرة ثمّ نظر إلى حاشيته وقال: لقد أتعبنا هذا المسكين الذي في أسفل الشّجرة وأشبعناه ضرباً كلّ يوم...، دعونا نصفح عنه ولنصعد لذلك الذي بأعلى الشّجرة فنضربه بدلاً منه فنريحه...!!!
(ما دمت أيّها الأرنب أرنباً، والخوفُ فيك جيناتٌ وراثيّة...؛ فلن يُغْنِ عنك الثّعلبُ ولن يحترمْكَ أو يهابُكَ الأسد...، فالثّعلب شيطانٌ مراوغٌ أخرس...، والأسدُ في ظاهره أسدٌ وفي داخله لبؤة...) !!!
أيّها الأرنب: أنت أمامُ ثلاثة...؛ إمّا أن تجرّ أذيالك عن أوحال تلك الشّجرة وتتركها للثّعالب...، وإمّا أن تتحمّل وتصمت وتعيش فيها (بقايا أرنب) مُتهالك ذليل...، وإمّا أن تُريد أو تُعلن الحياة؛ فتستجيب لك الّلبؤةٌ قبل الأسد... ).
على هذه الحالة والهيئة...؛ أنت مع شدّة الأسى والأسف: أرنبٌ (مِثَلِيْ)...