2024-11-26 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

أمريكا "تطوّب" الشرق الأوسط لـ"إسرائيل"

أسعد العزوني
جو 24 :

بات في حكم المؤكد أن أمريكا قد "طوّبت" إقليم الشرق الأوسط لإسرائيل،لأنها قررت مجبرة الإنسحاب منه ، والتمترس في إقليم جنوب شرق آسيا ،كي تحاول قدر الإمكان منع تمدد الصين في ذلك الإقليم.

وما إستغلال أمريكا لإنتاج نفطها وبالطاقة القصوى قبل أيام "12 مليون برميل يوميا متجاوزة السعودية إلا مؤشر كبير على الهروب الأمريكي من إقليم الشرق الأوسط.
الأمر ببساطة هو ان واشنطن قامت بالتنازل عن إقليم الشرق الأوسط لإسرائيل، وتطويبه لها لتصبح إسرائيل هي الآمر الناهي والتي تهيمن وتسيطر على مقدرات الإقليم وما أكثرها ،وتكون إسرائيل بذلك قد حققت هدفها المعلن سابقا "شعارك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل "لتتجاوزه ويصبح "شعارك يا إسرائيل من البحر المتوسط حتى بحر قزوين "، مسقط رأس يهود بحر الخزر، فيما نتلهى نحن بالشعار الكاذب "أمجاد يا عرب امجاد".
كان متداولا سابقا أن أمريكا هي صاحبة القوة الوحيدة في المنطقة ، وقد أثبتت واشنطن أن بإمكانها ردع إسرائيل إن هي رغبت في ذلك، وتجلى ذلك أولا في أمر الرئيس الأمريكي الأسبق آيزنهاور بالإنسحاب من سيناء بعد العداون الثلاثي على مصر عام 1956 بمشاركة إسرائيل.
كما أن الرئيس الأسبق جورج بوش الأب رفض منح إسرائيل قرضا مقداره 10 مليارات دولار ثمنا لمشاركتها في مؤتمر مدريد عام 1992،إضافة إلى رفض مشروع طائرة لافي ،لأن المسؤولين الأمريكيين إقتنعوا ان ذلك المشروع يضر بالمصالح الأمريكية، وتم إجبار رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق شامير على المشاركة في مؤتمر مدريد والجلوس مع العرب علانية وجها لوجه.
منذ ذلك الحدث بدأ يهود يستشعرون الخطر الداهم عليهم من قبل أمريكا رغم أنهم هم المسيطرون على كافة مفاصلها السياسية والإقتصادية والمالية وحتى الإجتماعية ،إلى درجة أن أي مسؤول أمريكي أو عضو كونغرس ،إنما كان رهنا لإسرائيل ويعمل لتحقيق مصالحها ،وكان لا يخجل من إظهار دفاعه عن إسرائيل اولا ،إلى درجة أن المرشح الأمريكي للرئاسة أو الكونغرس كان يجبر على زيارة إسرائيل لضمان التأييد اليهودي.
لذلك رأينا تكثيف الغزل اليهودي ضد أمريكا لصالح الصين التي تحث الخطى نحو قمة هرم العالم على انقاض أمريكا التي وجه اليهود أسهمهم إلى خاصرتها لتصيب مقتلا في القلب ،بسبب ضغطها عليهم لإنجاز حل سلمي للقضية الفلسطينية يكون بطبيعة الحال لصالح إسرائيل.
لقد أحرجت امريكا إسرائيل من حيث لا تعلم، لأن جلوس إسرائيل مع العرب وفي مقدمتهم الفلسطينيين ،علانية وبحميمية ملحوظة ،أبطل إدعاء إسرائيل بأنها حمل وديع يحيط به 22 من الغيلان والحيوانات المفترسة،كما كانت تضلل العالم منذ نشأتها عام 1948 وحتى العام 1992 .
رأى العالم بأم عينية ولمس بكل حواسه القبول العربي لإسرائيل إلى درجة أن مخابرات العالم كشفت أن هناك علاقات وثيقة سرية كانت تربط إسرائيل مع العديد من الدول العربية ،وأن إسرائيل كانت تصدر منتجاتها الصناعية للدول العربية على أنها من إنتاج دول أخرى لكن المسؤولين العرب المعنيين ،كانوا يعلمون أن تلك الصناعات جرى إنتاجها في إسرائيل وأنها دخلت الدول العربية من إسرائيل.
وتبين للعالم ايضا بعد العام 1992 أن العرب لا يريدون رمي اليهود في البحر المتوسط ،وأن الفلسطينيين بموجب أوسلو تنازلوا عن ثلثي فلسطين لإسرائيل،ويدرك العالم كله ان إسرائيل هي المعيق الوحيد للسلام في المنطقة ،وبتنا نسمع هذا القول من الأوروبيين وحتى الأمريكيين ،الأمر الذي أدخل الرعب في قلوب القادة الإسرائيليين ،ولا ننسى أن عواصم اوروبية معروفة عقدت محاكمات لقادة إسرائيل وحاولت إعتقال بعضهم وجرى إعتقال أحدهم في لندن قبل أيام.
إسرائيل لن تغفر لمن يخطئ معها ،لأن نسيجها متين في الغرب وحتى في الشرق ،وما أعطاها هذه الميزة هو غياب الاخر وهو العرب والمسلمون لأنهم وعلى ما يبدو غير معنيين ،ولو كانوا معنيين لما إستفردت إسرائيل بالعالم تحت التهديد والوعيد وتصوير العرب بأنهم أكلة لحوم البشر.
لقد أخطأت أمريكا بحق إسرائيل مرارا حسب وجهة النظر الإسرائيلية التي كانت ترى في إسرائيل دولة فوق القانون ،وهذا ما قتل الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي منتصف ستينيات القرن المنصرم عندما إستدعى رئيس الوزراء الإسرائيلي في تلك الحقبة بن غوريون ، وناقش معه ملف إسرائيل النووي وطلب فتح هذا اللمف علانية بقوله :إلى متى ستبقى إسرائيل فوق القانون الدولي ؟

بناء عليه قررت إسرائيل طرد أمريكا من المنطقة، ساعدها في ذلك تحالفها مع الدول العربية ،ضد إيران التي باتت هي العدو الرئيسي للعرب ،بينما أصبحت إسرائيل صديقتهم وحليفتهم واملهم في القضاء على إيران.
الربيع العربي كان من العوامل المساعدة في إضعاف الموقف الأمريكي في المنطقة ،حيث دخلت إسرائيل على الخط ،وها هي تؤيد وبشدة إنقلاب السيسي في مصر، وها هي إسرائيل تسرب أن الرئيس السوري بشار الأسد سيوقع تنازلا رسميا عن الجولان مقابل ضمان حكمه لسوريا.
كل ذلك يؤشر على أن إسرائيل بدأت ترسخ نفسها وصية على المنطقة وها هي تستغل البرنامج النووي السلمي الإيراني ،لتحقيق أهدافها ،مستغلة حالة العداء العربي لإيران.
صحيح ان إستيراد أمريكا من النفط العربي لم يتجاوز 10 % من إحتياجاتها ، بمعنى أن النفط العربي لم يكن ملكا لها ،لكنها كانت ترى في الفضاءات العربية مسرحا لقواتها البرية والبحرية والجوية بعد توحيد ألمانيا وغزو وإحتلال العراق.
أمريكا الآن تقع تحت الضغط الإسرائيلي وفي مواجهة التنين الصيني وتململ الدب الروسي ،لذلك قررت الهروب من هذا الإقليم ،وليس بعيدا إعادة خلخلة وتشطير أمريكا ،خاصة تنفيذ رغبات الولايات الشمالية الغنية التي أبدت رغبتها في الإنفصال عن الولايات الجنوبية الفقيرة.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير