2024-05-13 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

حماس و بوتين.. هل أضحت حماس دولة عظمى؟!!

عدنان الروسان
جو 24 :
 


في المقال الذي نشره الرئيس الأمريكي في صحيفة الواشنطن بوست قبل أيام ما يستدعي الوقوف عنده والتأمل العميق فيه، وقد يستدعي ذلك أن نقرأ المقال بعناية وحرص لأنه يعبر عن التغير الذي يطرأ والمرشح للتصاعد على سياسية الولايات المتحدة الأمريكية نحو المناطق الأكثر أهمية في العالم، إذ يقول الرئيس الأمريكي "أن العالم يجد نفسه اليوم أمام منعطف رئيسي تجاه مستقبلنا أمام الأجيال القادمة " و يستطرد في مكان أخر " هل سنتمكن من تحميل فلاديمير بوتين المسؤولية عن عدوانه على أوكرانيا و هل سننجح في منع حماس من القيام بعمليات ارهابية".

المقال طويل لكنه يضع حماس في موضع الدولة العظمى ويجمع بينها وبين روسيا، ويعقد مقارنات ومقاربات توحي بأن أهم مشكلتين في العالم اليوم هما بوتين و السنوار، و بعيدا عن العواطف و المشاعر و بمحاولة الجنوح نحو تحليل استراتيجي سريع لما يحصل و التغير الكبير الذي يطرأ على صعيد السياسة الأمريكية في المنطقة لا بد من التوقف عند كل تصرف و تصريح و موقف أمريكي بعد بدء معركة طوفان الأقصى ، فقد بات من الواضح أن حركة حماس فرضت انماطا جديدة من التفكير على الإدارة الأمريكية و على مؤسسات صنع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية و الغرب عامة ، كما أنها أحدثت انقلابا في المشهد السياسي العربي السياسي و الشعبي و لم تتبدى حتى الآن اثار هذا الإنقلاب كلها فربما لا تعود الأمور الى مسارها الإسرائيلي مع العرب كما كانت تشتهي اسرائيل قبل حرب غزة.

تداعيات حرب غزة و انعكاساتها بدأت قبل أن تنتهي الحرب التي ما تزال مستمرة و تمخضت بسرعة عن اتفاقية لتبادل جزئي للأسرى بين اسرائيل و حماس و هدنة لأيام تستمر بعدها الحرب بموافقة الطرفين ، و هو أمر مثير للغاية حينما يتم بين حركة مقاومة ( ... ) و بين كيان قوي مثل اسرائيل التي تزعم أن جيشها الأقوى في المنطقة كلها ، و هذا واحد فقط من التداعيات ، أما على الصعيد العربي الرسمي فقد توقف الحديث بكل تأكيد عن التطبيع و عن الديانة الإبراهيمية الجديدة التي كانت تبشر بها اسرائيل بالإشتراك مع عدد قليل جدا من الدول العربية ، و تغير المشهد السياسي و الخطاب السياسي في بعض الدول العربية ومنها الأردن.

في الجانب الأردني اضطر صانع القرار ان يغير نظرته و رؤيته تجاه التقارب مع اسرائيل و التعاون معها في مجالات الطاقة و المياه و الغاز و غير ذلك من مقترحات و اتفاقيات بعضها تم توقيعه و بعضها كان ينتظر التوقيع ، و ربما أو على الأغلب أن يكون التغير الذي يشهده الأردن تغيرا حقيقيا و ليس تكتيكيا تماشيا او تماهيا مع المشاعر الجارفة في الشارع الأردني الذي يدعم المقاومة الفلسطينية و حركة حماس بصورة جارفة ، بل ان النقاشات التي دارت و بشكل مكثف و التي كان الأردن حاضرا فيها كلها بين وزراء و مبعوثين و رؤساء غربيين الى المنطقة و النقاشات في المؤتمر العربي الإسلامي في الرياض ثم الأحداث الدامية التي تصل مشاهدها كل يوم الى كل شاشات التلفزة العالمية مما أثر في المزاج الشعبي الأوروبي و الأمريكي و أثار موجة واسعة جدا من الإحتجاجات و التظاهرات أدت في بعض الدول الى اقالة وزراء أو استقالة موظفين كبار او احتجاجات لأعداد كبيرة من كبار الساسة و الموظفين في وزارات أمريكية و بريطانية كل هذا بالإضافة الى المقاطعة العربية الفعالة خاصة في الأردن و مصر و الكويت و قطر و المغرب و الجزائر للمنتجات الأمريكية و الأوروبية ( هذه المقاطعة لن تكسر الشركات الغربية لكنها مهمة للغاية ) و التي ارسلت برسائل قوية للمرة الأولى للعالم بشأن القضية الفلسطينية ، الأردن الرسمي تنبه لما يحصل و رغم البون الشاسع الذي كان قائما بين شرائح واسعة من الشعب الأردني و بين النظام و الحكومة لأسباب داخلية و معيشية و اقتصادية و مجتمعية فقد طغت أحداث غزة على كل شيء و وقف الجميع تجاه القضية الفلسطينية موقفا ينسجم مع الموقف الشعبي المؤيد للقضية الفلسطينية ، كما بدأ يطفو على السطح ضرورة ان يكون للأردن دور و علاقات على المستوى السياسي مع حركة حماس لأن الرئيس الأمريكي و الإدارات الغربية كلها باتت تعرف أن الشعب الفلسطيني يقف خلف حركة حماس و ليس وراء السلطة الوطنية الفلسطينية.

كلام كثير يمكن أن يقال في التحليل الموضوعي السياسي و انعكاسات الأحداث على العالم العربي لكن لا يمكن اجمال كل ذلك في مقال بل يحتاج الأمر لورش عمل و لقاءات و أظن أننا سنرى حراكا كبيرا في هذا الإتجاه في قادم الأيام و خاصة ان معركة طوفان الأقصى لم تنته بعد و نتائجها مفتوحة على كل الإحتمالات ، اليوم رسمت فصائل المقاومة الفلسطينية صورة جديدة لفلسطين و المقاومة ، و كان من الأحداث البارزة جدا و غير المتوقعة أن تقف المقاومة الفلسطينية و تحديدا حماس و الجهاد وحدهما و تصمدا لما يقراب الشهرين حتى اليوم ( وما زال العداد يعد ) و من الأحداث البارزة و المهمة أن فصائل المقاومة العربي في محور المقاومة لم تشارك في القتال الا باسناد خجول لرفع العتب و رأينا حزب الله و الحوثيين و الحشد الشعبي و ايران نفسها واقفة على الحياد الى حد كبير في الميدان و لكنها على الصعيد الإعلامي و بعض المناوشات قدمت بعض الدعم المعنوي لحماس ، بكل الأحوال لسنا هنا للحكم على أحد و لكن لتحليل المشهد بموضوعية ووقوف المقاومة الفلسطينية دون اي مساعدة من أحد في وجه الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر هو ما دفع الرئيس الأمريكي لأن يخصص مقالا كاملا في الواشنطن بوست و في أهم لحظات حياته السياسية ليتحدث عن دولتين عظميين روسيا و حماس، ياللمفارقة!!

قد يكون للحديق بقية


adnanrusan@yahoo.com
 
تابعو الأردن 24 على google news