كل فرنجي برنجي
طاهر العدوان
جو 24 : سمعت من رئيس وزراء سابق تعليقاً على ما ينشر بين وقت وآخر من انتقادات تتعلق بالحريات الإعلامية والسياسية من قبل منظمات دولية مختصة بمتابعة اوضاع هذه الحريات ( بان تقارير هذه المنظمات غير مهمة ولا قيمة لها في أوروبا وأمريكا فلماذا يحسب البعض لها حساباً ).
والواقع ان ما يذهب اليه هذا المسؤول السابق من قول يحتمل الصحة الى درجة كبيرة ( باصطلاحات مراكز الدراسات ) وأوافق عليه ، ذلك لان النقد يكون مهماً عندما يحدث ضجة وصدى في الأوساط الرسمية و بين صفوف الراي العام ، ولا يكون له اثر يذكر في غياب حياة سياسية تتناوب فيها المسؤولية وسلطة المراقبة والمحاسبة بين حكومة ومعارضة قوية كما هو واقع الحال في معظم الدول العربية .
النقد إذن من قبل المنظمات الدولية يكون له قيمة في الدول الديموقراطية لانها تخشى استغلاله من قبل الراي العام ومن المعارضة السياسية للحكومة في البرلمان . لكن ما قيمة تقارير لمنظمات مثل هيومان رايتس ووتش وجمعيات الدفاع عن الحريات العامة والإعلامية المنتشرة في أوروبا وأمريكا وبعض البلاد العربية اذا كان الراي العام في البلد الموجه اليه النقد يساوي لا شيء واذا كانت الحريات غائبة او شكلية ؟ .
اما السؤال المؤلم : فيتعلق بظاهرة اهتمام النشطاء في العالم العربي بتقارير هذه المنظمات اهتماماً فوق العادة ؟ .
والإجابة قد تجدها في حالة الفقر في النشاط السياسي والمشاركة بالحياة العامة وهو ما يضعف مسألة وجود رأي عام يتفاعل مع أنشطة الحكومات وأعمال البرلمان وقضايا المجتمع وشؤون حياته اليومية . فلا يمكن للمرء ان يمارس السباحة نظرياً وهو يجلس على شاطئ البحر ، والى ان نصل عربياً الى مرحلة السباحة عمليا في تيارات الفكر السياسية والبرامج الحزبية المتنافسة في السلطة والمعارضة القائمة على المحاسبة والمراقبة ، عندئذ تصبح تقارير المنظمات الدولية المذكورة لا قيمة لها ولا تعود مهمة ولن يلجأ اليها النشطاء وغيرهم لانه سيكون هناك اعتداد بقوة وتأثير وفعالية المنظمات المحلية التي تتبنى مهة متابعة أوضاع الحريات في مناخ ديموقراطي .
ظاهرة الاهتمام بما يأتي من الخارج لا تقتصر على تقارير هذه المنظمات وفق المثل الشعبي ( كل فرنجي برنجي) بل تتعداها الى وسائل الإعلام الأجنبية فالرأي العام اذا جاز هذا التعبير( في ظل غيابه ) يهتم بما يأتيه عبر الأثير الخارجي ويفضل ما يحمله اليه في سلته من معلومات وتحليلات وانباء على ما تبثه وسائل الإعلام المحلية ، وقد يكون العرب الوحيدون بين شعوب العالم الذين يقلبون جميع الفضائيات ،حتى الأجنبية منها ، ليسمعوا شيئا يتعلق بشؤونهم المحلية والعربية والإقليمية ، او للاجابة على ما يتردد في اذهانهم من تساؤلات .
وفي ظل تعميم هذه السيكولوجية نرى ان اضخم صناعات الاستثمار في الإعلام على الصعيد العربي توظف لإنشاء فضائيات خارج اوطان مالكيها ، وتوجهاتها ذات طابع إقليمي وعالمي مع تجاهل الشأن المحلي ، وتبحث عن المنافسة على الجمهور الخارجي فيما وسائل الإعلام الوطنية في بلدانها تعاني من التهميش والفقر الفني والمادي او من غياب الحريات في نشر الأخبار والتغطيات لما وراء الخبر .
(الرأي)
والواقع ان ما يذهب اليه هذا المسؤول السابق من قول يحتمل الصحة الى درجة كبيرة ( باصطلاحات مراكز الدراسات ) وأوافق عليه ، ذلك لان النقد يكون مهماً عندما يحدث ضجة وصدى في الأوساط الرسمية و بين صفوف الراي العام ، ولا يكون له اثر يذكر في غياب حياة سياسية تتناوب فيها المسؤولية وسلطة المراقبة والمحاسبة بين حكومة ومعارضة قوية كما هو واقع الحال في معظم الدول العربية .
النقد إذن من قبل المنظمات الدولية يكون له قيمة في الدول الديموقراطية لانها تخشى استغلاله من قبل الراي العام ومن المعارضة السياسية للحكومة في البرلمان . لكن ما قيمة تقارير لمنظمات مثل هيومان رايتس ووتش وجمعيات الدفاع عن الحريات العامة والإعلامية المنتشرة في أوروبا وأمريكا وبعض البلاد العربية اذا كان الراي العام في البلد الموجه اليه النقد يساوي لا شيء واذا كانت الحريات غائبة او شكلية ؟ .
اما السؤال المؤلم : فيتعلق بظاهرة اهتمام النشطاء في العالم العربي بتقارير هذه المنظمات اهتماماً فوق العادة ؟ .
والإجابة قد تجدها في حالة الفقر في النشاط السياسي والمشاركة بالحياة العامة وهو ما يضعف مسألة وجود رأي عام يتفاعل مع أنشطة الحكومات وأعمال البرلمان وقضايا المجتمع وشؤون حياته اليومية . فلا يمكن للمرء ان يمارس السباحة نظرياً وهو يجلس على شاطئ البحر ، والى ان نصل عربياً الى مرحلة السباحة عمليا في تيارات الفكر السياسية والبرامج الحزبية المتنافسة في السلطة والمعارضة القائمة على المحاسبة والمراقبة ، عندئذ تصبح تقارير المنظمات الدولية المذكورة لا قيمة لها ولا تعود مهمة ولن يلجأ اليها النشطاء وغيرهم لانه سيكون هناك اعتداد بقوة وتأثير وفعالية المنظمات المحلية التي تتبنى مهة متابعة أوضاع الحريات في مناخ ديموقراطي .
ظاهرة الاهتمام بما يأتي من الخارج لا تقتصر على تقارير هذه المنظمات وفق المثل الشعبي ( كل فرنجي برنجي) بل تتعداها الى وسائل الإعلام الأجنبية فالرأي العام اذا جاز هذا التعبير( في ظل غيابه ) يهتم بما يأتيه عبر الأثير الخارجي ويفضل ما يحمله اليه في سلته من معلومات وتحليلات وانباء على ما تبثه وسائل الإعلام المحلية ، وقد يكون العرب الوحيدون بين شعوب العالم الذين يقلبون جميع الفضائيات ،حتى الأجنبية منها ، ليسمعوا شيئا يتعلق بشؤونهم المحلية والعربية والإقليمية ، او للاجابة على ما يتردد في اذهانهم من تساؤلات .
وفي ظل تعميم هذه السيكولوجية نرى ان اضخم صناعات الاستثمار في الإعلام على الصعيد العربي توظف لإنشاء فضائيات خارج اوطان مالكيها ، وتوجهاتها ذات طابع إقليمي وعالمي مع تجاهل الشأن المحلي ، وتبحث عن المنافسة على الجمهور الخارجي فيما وسائل الإعلام الوطنية في بلدانها تعاني من التهميش والفقر الفني والمادي او من غياب الحريات في نشر الأخبار والتغطيات لما وراء الخبر .
(الرأي)