هل سيشهد عام 2014 تصفية القضية الفلسطينية؟
كل الدلائل المرئية والمسموعة والمحسوسة ،تؤكد أن العام المقبل 2014 سيشهد تصفية رسمية للقضية الفلسطينية،وتكون إسرائيل قد حققت ب"السلم"ما عجزت عن تحقيقة بالفانتوم وغيره من الأسلحة الفتاكة التي تمتلكها.
الأمر بالنسبة لنا عادي جدا خاصة وأن المحيط الإسرائيلي لم يكن مشعا بالعداء لها ،ولذلك جرى تجريد الشعب الفلسطيني من ثورته وسلاحه،وباتت المنطقة مكبا لمنتجات إسرائيل المسرطنة ،تكريسا للتطبيع الإقتصادي بعد تحقيق التطبيع السياسي.
الأخطر في كل هذا المسلسل الذي بدأ بث إشعاعه السام منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد، مرورا بإتفاقيات أوسلو وإنتهاء بمعاهدة وادي عربة ،مع عدم إغفال الإتصالات السرية والعلنية بين دول عربية مؤثرة وإسرائيل والتي أفضت إلى تحالفات عسكرية وسياسية وتنسيق أمني ،هو توريط الأردن الرسمي بآخر حلقة من حلقات التصفية للقضية الفلسطينية.
قبل الغوص في التفاصيل ،وحتى لا يتخيل من يصطادون بالماء العكر ويهيأ لهم أنهم قادرون على قراءة " الممحي"،فإنني أشدد على أن هناك جهات إقليمية ودولية تناصب الأردن العداء وفي المقدمة بطبيعة الحال إسرائيل وأمريكا،اللتان تتمنيان ليل نهار إختفاء الأردن من الخارطة السياسية العالمية .
أمريكا وهذا ليس من عندياتي حاولت كثيرا تأليب المكون الفلسطيني في الأردن للتحرك ضد النظام وبمساعدة امريكية لكن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لم يعر تلك الدعوات بالا، لأن بوصلته كانت تتجه إلى القدس،كما أن أحد السفراء الأمريكيين في عمان قال ذلك صراحة في صالون السيد طاهر المصري و بالنص :"إنكم أيها الفلسطينيون لا تسمعون كلامنا تحركوا ونحن سندعمكم،فرد عليه المصري بالقول :يا سعادة السفير إن الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين."
أما إسرائيل فحدث ولا حرج عن عدائها للأردن وقد فرحوا كثيرا بما يحدث في الوطن العربي من عبث مدروس ،وبشر نتنياهو وعرافته بوقوع الأردن في دائرة العبث قريبا ،ولكن الله سلم،وإنتهت الأمور على خير ،ولم تقع حرب أهلية في الأردن،وها هو مدير مركز بيغين –السادات ل" السلام" ديفيد وينبرغ ، يعرب عن بالغ أسفه يوم الثاني من حزيران الماضي في محاضرة بالنرويج ،لعدم قيام ثورة في الأردن ، وكانت عن واقع الحال في العالم العربي بعد الأحداث ،حيث أكد أن التهديد العربي لإسرائيل قد إنتفى كليا .
وحتى لا يبقى الجو ضبابيا يشوش الرؤية فإن الإنفراج الأخير على الأردن والذي تمثل بإطلاق مياه الديسي بعد إنحسار سياسي طويل،والإفراج عن مشروع قناة البحرين ،والموافقة على قيام الأردن ببناء مفاعل نووي ،رغم رفض الشعب الأردني لذلك ما هو إلا فخ جرى نصبه للأردن.
كل هذه المشاريع التي حصلت الموافقات عليها فجأة ،ما هي إلا رشا لتوريط الأردن في مشروع تصفية القضية الفلسطينية ،ولذلك فإنني ومن منطلق الشفافية السياسية والأخلاقية،أحذر الأردن الرسمي من الإنجرار وراء هذا المشروع تحت أي مبرر .
الأردن- وقد إستشرف ذلك المعلم حسين باشا الطراونة في بيان للأمة في بدايات القرن المنصرم قال فيه وهوالذي لم يدرس في جامعات الغرب أو الشرق ،بل إعتنق العروبة منهاجا قويما:إننا في حال طبعنا مع يهود ،سنفقد الأردن بعد فلسطين!!! ولعمري أن هذا ما جرى .
بعد توقيع أوسلو ووادي عربة ، بدأت خيوط المؤامرة تنجلي إذ أن إسرائيل نجحت في التشبيك مع الفلسطينيين بغض النظر عن الطريقة ومن ساعدها في ذلك ووجدت مدخلا علنيا للأردن ،لذلك فإن الحاجة إلى الأردن بدأت تنتفي،وعليه لا بد من تغيير الإستراتيجية الأردنية الرسمية ،وعلى الجميع أن يقرأوا الرسالة بطريقة صحيحة ،ألا خوف على النظام أي نظام إن هو تدثر بشعبه ،فلا أمان ولا أمن مع غريب مهما بلغت قوته،ويكون الجوع عند الأردنيين آنذاك تخمة لأنه سيكون مع حفظ الكرامة.
سيفرض على الفلسطينيين لا حقا حماية حدود إسرائيل ولذلك فإن الحاجة ستنتفي لحارس آخر مكلف .
ومن الدلائل على عداء إسرائيل للأردن ،مواصلتها في إحراجه داخليا وخارجيا،فهي مصرة على تهويد القدس وهدم المسجد الأقصى وتمنع الأردن من القيام بواجبه تجاه المقدسات،رغم أن معاهدة وادي عربة تتيح له ذلك،ناهيك عن توقيع جلالة الملك عبد الله الثاني إتفاقية حماية المقدسات مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ،ولعل ذلك قمة الإحراج للأردن الرسمي.