رسالة للسوريين كافة..جنيف ليست مربط خيولكم
المراقبون السويون المحايدون لمجريات الأمور في سوريا، لا يترددون بالخروج بنتيجة واحدة أكيدة، وهي أن ما يجري في سوريا ليس ثورة أو طريقة للإصلاح، بل هو عبث مبيت، وقتل عمد وعن سابق إصرار، ضد سوريا وشعبها.
وهذا يعني بعد التشخيص تحت القسم للحالة السورية، أن المعارضة، ليست معارضة، بل هي جموع مندفعة من الخارج، جرى دفعها إلى سوريا، بعد وضع ما يحجب الرؤيا على عيونها، تماما كما هو الحال بالنسبة للبغال التي يراد لها الدخول في أماكن حرجة، وهذا للتوصيف وليس للإهانة.
وكذلك الحال بالنسبة للجيش الرسمي، الذي يقوم بالدفاع ليس عن سوريا، بل عن النظام الذي عجز عن التعامل مع الحالة منذ بداياتها ،شعارات أطفال في درعا، ولو كان الأمر غير ذلك لوجدنا الجيش السوري بشقيه الرسمي والمنشق "الحر" يدافع عن الجولان المحتلة منذ صيف العام 1967 ويحررها، أو أن نكون قد رأيناه إبان كان موحدا يصد عن الفلسطينيين واللبنانيين ،أثناء غزو شارون للبنان وإحتلال بيروت خريف العام 1982،كأول عاصمة عربية يجري احتلالها بعد القدس .
هذه المقدمة الصادمة لا بد منها لوضع الأمور في نصابها الصحيح ، والإنطلاق نحو تحليل نزيه غير منحاز إلا للحقيقة، فالوضع السوري دخل مرحلة الخطر، وهو المرحلة النهائية التي ستنتهي بالتقسيم، تنفيذا لدعوة رئيس وزراء "مستعمرة "إسرائيل الأسبق :ديفيد بن غوريون الذي قال عام 1953 :إن تدمير الجيش العراقي وتقسيم العراق، وتدمير الجيش السوري وتقسيم سوريا، وتدمير الجيش المصري وتفتيت مصر، أحد أهم وأقوى ضمانات بقاء إسرائيل في المنطقة.
الذين دفع بهم إلى سوريا للتخريب والتدمير والقتل والعبث، بحجة أنهم يرومون الجنة، ويصّعدون إليها من سوريا، مخطئون كثيرا، لأن سوريا رغم أنها من أكناف بيت المقدس، وهي تندرج ضمن الأراضي المقدسة التي بارك الله فيها، إلا أنها ليست بوابة السماء التي يصّعد منها إلى الجنة، بل القدس هي بوابة السماء، وهي التي تستصرخ العرب والمسلمين كي يهبوا لنجدتها ،والدفاع عنها وإنقاذها وأقصاها من التهويد، لكن "نظارات البغال، أعمت قلوبهم قبل أبصارهم، وحطوا رحالهم مع فتاوي نكاحهم في سوريا وكان ما نراه من قتل ممنهج يجري باسم الإسلام، والإسلام منه براء.
سوريا تشهد حربا إقليمية تسللت إليها القوى العالمية الكبرى، لتنفذ الأجندة الإسرائيلية القاضية بتقسيم سوريا، ونكون قد خسرنا وبالضربة القاضية كلا من العراق وسوريا ومصر، كمقدمة لدخولنا إلى مرحلة الشرق الأوسط الإسرائيلي الجديد، بعد شطب خريطة سايكس- بيكو، وعندها سيرفرف علم "مستعمرة" إسرائيل علانية في سماء المنطقة الممتدة من شاطيء البحر المتوسط شرقا حتى بحر قزوين، وبذلك نكون بغبائنا وبتخطيط من البترو- دولار قد ساعدنا "مستعمرة "إسرائيل ،على إقامة نفوذ يتجاوز المعروف وهو "حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل".
ما أو الخلوص إليه هو أن جنيف ليست مربط خيول السوريين، ولو كانوا بشقيهم يرغبون بالتكفير عن خطاياهم بحق سوريا الأرض والشعب ،لجلسوا في مكان ما بسوريا، وليس في جنيف تحت مسميات رقمية ،تمثل مراحل خطرة تتعلق بمصير سوريا، ولكان جلوسهم مقتصرا عليهم فقط ،وليس أن يكونوا ضيوفا في متمر يضم كل القوى العالمية المتنفذة.
لست آتيا بجديد، عندما أقول أن جنيف لكل أرقام مراحله ،لن يحقق شئيا إيجابيا للشعب السوري لأن "الآخر" يعرف ماذا يريد من سوريا، وما تعيين مفاوضين من أمريكا وروسيا وفرزهما إلى جانب الوفود السورية إلا دليل على فشل جنيف بكل مراحله، وهو دليل على أن الطرفين السوريين الرئيسيين، فقدا البوصلة والسيطرة على الأحداث وبات الأمر منوطا بالممثلين الروس والأمركيين كي يقرروا مصير سوريا.
سوريا ما بعد مرحلة "نظارات البغال "ستكون مقسمة، ويرتفع فوق أشلائها العلم الإسرائيلي، وستصبح صاغرة عضوا في صندوق النقد والبنك الدوليين ،تنهل مقهورة من قروضهما على طريق الرهن الكامل.