حينما يصبح الحليم حيراناً !
الحليم حيران فعلا !! والقدرة على قراءة المشهد وإصدار الأحكام القطعية على شفافية بعض أفراد الطبقة السياسية وخصوصا بعض من يحملون صفة تمثيلية ومنتخبين ولا أعمم هنا، يبدو أنه المستحيل الرابع، والأمر هنا يستوي مع الكل، سواء من حملتهم الأقدار والمصادفات أو من ساقتهم الفهلوة أو من حملناهم نحن- عباد الله- الذين نسمى "مواطنين"، وخضنا معارك مع بعضنا واختلفنا على دم البرغوث، وجنس الملائكة، حتى يصبحوا صوتنا القوي أمام الحكومات التي أوهمونا في مهرجاناتهم الانتخابية أنها توغلت فينا فأكلت اللحم ورمت العظم، وان رد الحقوق لأهلها وإعادة الكرامة للناس أصبحت قاب قوسين أو أدنى!!، وهي مرتبطة بوصول صاحب السعادة للعبدلي!!، فهناك سيكون كلام كثير وحساب كبير وبأثر رجعي ويعرف كل صاحب موقع مسؤوليته بوضوح ودقة فلا تساهل في حقوق العباد والبلاد!!.
يغالبنا النعاس في ليالي قرانا الباردة والبائسة والكئيبة ولكننا نصر أن نستمع، نحلم ونشوة الأمل تستوطننا بزمن أردني خال من كل مظاهر اقتناص الفرص والاستغلال السياسي والتمثيلي المشكوك في شرعيته!! ، فلا مكان للنوم بعد الآن، وخصوصا عندما نسمع أطنان الوعود والكلام المسفوح مجاناً عن الحرص والشفافية والإيثار والتفاني في خدمة الناس البسطاء!!، لكن سرعان ما نستفيق من حلمنا على فزع عظيم وخيبة أمل بحجم الكون، عندما نكتشف أن كل ما سمعناه مجرد هذيان فارغ ليس أكثر، وأننا مجرد أدوات في مشروع صاحب السعادة الاستثماري!!.
صحيح أن السياسي والنائب تحديدا، أولا وأخيرا مواطن، ومن حقه أن يمارس أي نشاط يساعده في الحصول على حياة كريمة وان يسعى لموقع مؤثر، وهذا لا يمكن أن ننكره عليه أو نستكثره، ولكن ضمن الأطر الشرعية والقانونية وقبلها تساوي الفرص والعدالة التي يفترض أن الناس أوكلت مهمة رقابتها وحمايتها والحفاظ عليها له بل أن مسؤوليته في هذا الأمر مقدسة، لكن المفجع حد الألم أننا نسمع البطولات من بعضهم على الفضائيات، فلقد أصبحوا ينافسون نجوم السينما والتلفزيون من كثرة الظهور الممل، يمارس البعض منهم الجلد القاسي والغير مسبوق للحكومات، لنكتشف أن الأمر لا يتجاوز حدود المكاسب الشخصية والمقايضة فتستجيب الحكومات أحيانا من باب أن درء المخاطر اوجب، فيذهب الوطن ومستقبل أهله – فرق عمله- في سياق مشاريع ليست له ولا تشابهه، أنما تساهم بشكل أو أخر في تكريس الاستغلال كمؤسسة عصية على الاختراق !!.
يبدو للأسف أننا لم نتعلم بعد، وأخشى أننا لن نتعلم أيضا حتى توغل السكين في جسدنا أكثر فأكثر، وسنظل نسمع الكثير من معلقات الحرص على البلد وأهلها وحقهم في ممتلكاتهم، وخطابات ملحمية في الحرص على المقدرات ، ولكنها لن تصرف ألا في بنك الوعود الجميلة والأوهام، وتنتهي الحكاية كما انتهى الكثير من الحكايات التي أصبحت مجرد ذكريات!!.