ما الذي يهدد أمن الأردن؟؟
يجب أن نفرق بين أمن الحكومات وأمن الوطن والشعب، فأمن الحكومات وخصوصاً تلك التي لا تعتني بشعوبها يعتبر أمناً مؤقتاً ومزيفاً لا قيمة له، لأنه لا يدوم ومبني على مصالح سرعان ما تنكشف وتزول، أما ذلك الأمن الدائم والذي هو مطلب لكل مواطن يعتز بوطنه ويقدم الغالي والنفيس من أجل الاستقرار و المحافظة عليه فهو أمن استراتيجي وطني وقومي لا يراعي إلا المصالح العليا للوطن والشعب وهو الأمن الأقوى والأثبت، وقد تردد مؤخراً أن هنالك تهديد لأمن الأردن قادم من المنطقة الشرقية والشمالية وأعتقد أن تلك التصريحات لا تخرج عن كونها خزعبلات وأضغاث أحلام، فلا يمكن لسوريا أو العراق تلك الدول العربية الشقيقة أن تهدد الأمن الوطني الأردني أو تعرضه للخطر مهما بلغت الظروف والأحوال، ولكن وبنفس الوقت قد يكون هنالك بعض الخلايا والحالات الفردية المنتشرة في معظم بقاع الأرض قد تحاول تشكيل خطر على الأمن الوطني الأردني عبر تلك الواجهة الحدودية، ولكن ذلك الخطر محدود وتحت السيطرة وتستطيع أجهزتنا الأمنية وجيشنا الباسل من التعامل بكفاءة مع تلك الجيوب هنا وهناك وتمنعها من تحقيق أهدافها.
لذلك نستطيع أن نجزم بأن خطراً ما لن يحدث عبر تلك الجبهات في أي زمن من الأزمان، أما الخطر الكبير والذي يهدد أمننا الوطني الأردني فهو يتمثل في الوجود الإسرائيلي ويجب علينا أن لا نطمئن لحسن العلاقة المؤقتة الحالية فهؤلاء أناس أثبت التاريخ بأنهم لا يحترمون المواثيق ولا المعاهدات ولا يهمهم سوى أمنهم وتنفيذ مخططاتهم التي جاؤوا لأجلها ولو على حساب أقرب الناس إليهم، ولكن الحكومات لم تعد تستوعب هذه الفسيفساء المقلّدة، بل أخذت تتسابق لكسب ودّ تلك الدولة العبرية وتقديم التنازلات تلو التنازلات لها لإرضائها وكسب ودّها وخصوصاً بعد حالة الضعف والوهن التي حلت بالأمة العربية وبالنوم المؤقت الذي يخيم على شعوب تلك الدول الناتج عن تباين مخرجات الربيع العربي.
أما نحن في الأردن وبالإضافة إلى ذلك الخطر الإستراتيجي الذي يجاورنا فهنالك أخطار داخلية تُحدق بنا وتنتشر يوما بعد يوم دونما دراية حكومية لتبعات ذلك الإنتشار، فالفقر والبطالة وضنك العيش وتدني مستوى المعيشة كلها عوامل قاتلة، وهاهي آخذه بالتزايد التدريجي نحو الأسوأ في ظل استمرار فشل السياسة الحكومية في إدارتها للملفات الإقتصادية وقد تمتلئ خزانات هذه الملفات وسرعان ما تفيض وتُغرق الأخضر واليابس، وقد تنفجر بلحظة وضحاها وبدون الحاجة لإشعال فتيل أو قرع جرس إنذار، مما يجعل التعامل مع ما قد يحدث أمراً صعباً ومعقداً.
أما العنصر الأخطر في المعادلة والذي نتج بسبب سوء الأحوال الإقتصادية فهو انعدام الأخلاق وانتشار الرذيلة، وهذه الحالة الصعبة سيكون عقابها ربانياً ولن تكون لا الحكومة ولا الشعب مجتمعين قادرين على التصدي لذلك العقاب الرباني، لأن الله يمهل ولا يهمل ولا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، لذلك نتمنى على الحكومة أن تتعقل وتتقي الله في الأمانة التي تحملها وتحافظ عليها كما أقسمت وترتدي نظارات قصر وطول نظر حتى تتمكن من اكتشاف الحقيقة ومشاهدتها قبل وقوع الفأس في الرأس، ونتمنى على الشعب أيضا أن يحافظ على قيمه وأخلاقه وينبذ ويكافح تلك السلوكيات البغيضة علّ الله سبحانه وتعالى أن يُمن علينا ويشملنا برحمته و يجنبنا شر القادم الصعب، سائلاً العلي القدير أن يحمي الأردن ويحمي شعبه، إنه نعم المولى ونعم النصير.
*عميد متقاعد