صندوق تحوط لأسعار النفط!
عصام قضماني
جو 24 : في حمى النقاشات حول أسعار النفط واتفاقية الغاز , لمعت من جديد فكرة إنشاء صندوق تحوط لأسعار النفط يستغل الأسعار الرخيصة باعتبار أنها لن تبقى كذلك طويلا وهو مقترح همس به نواب تحت القبة وتداولته أوساط صحفية وإعلامية بشغف , فهل مقبول من الحكومة دخول أسواق المضاربات ؟.
صناديق التحوط هي صناديق مراهنات , لكنها بالنسبة للحكومات التي تتعامل بها أو تنشئها فهي تهدف الى تأمين الاقتصاد ضد تقلبات الأسعار خصوصا في سلعة النفط إذ تشتري عقودا آجلة بسعر اليوم في سياق توقعات بإرتفاعها مستقبلا لكن العملية تنطوي على مخاطر يمكن أن يتحملها مضاربون أو شركات لكنها بالنسبة للحكومات هي خسارة لو وقعت لا رجعة فيها ولا قدرة على التعويض..
عندما ارتفعت أسعار النفط زادت صناديق التحوط من مراهناتها مدفوعة بتوقعات ارتفاع أسعار النفط الخام إلى مستويات أعلى مما بلغته قبل الهبوط الأخير , وهي اليوم تعيد الكرة لتزيد من مراهناتها المدفوعة بتوقعات تراجعات أكبر في أسعار النفط فهي تستثمر في عقود آجلة قد تصيب أسعارها التوقعات وقد تخطئ , وهو ما لا يمكن أن تفعله الحكومات خصوصا تلك التي لا تمتلك ترف المال الذي لا تحتاجه.
هناك خلط بين صندوق تحوط يشتري النفط بعقود آجلة بسعر اليوم وبين حساب كان أعلن عن دراسة إنشائه غرضه مواجهة أي ارتفاع في أسعار النفط عالميا محليا ، وزعم أن المال المودع فيه وصل الى 70 مليون دينار فهل لصندوق التحوط لأسعار المحروقات من وجود ؟.
انشاء مثل هذا الصندوق كان مجرد مطلب تقدم به نواب ، الغرض منه دعم تثبيت أسعار الكاز والديزل من رفع أسعار البنزين لكن من غير المؤكد أنه قد أنشئ فعلا فهو لا يظهر في بيانات المالية ولا في الحسابات وغيرها ، على ما تسنى الحصول عليه من معلومات فإن الحكومة آنذاك , استبدلت فكرة الحساب الخاص بمعونة الكاز ، وبرفع رواتب الموظفين بربطها بالتضخم الذي من أسبابه الرئيسية ارتفاع أسعار الوقود.
على أية حال , مطلب انشاء صندوق التحوط للأسعار كما في المقترح الذي قدمه بعض النواب حينذاك على معادلة ، رفع أسعار البنزين بشكل أكبر مما هو فعلا ، واستخدام المال الفائض من ذلك لدعم الكاز والسولار ، كأداة للتخفيف من أثر ارتفاع السلعتين الأكثر حساسية في حياة المواطن ، لكن الفكرة التي درست في حينها وواجهت تساؤلات عدة ، لم ترَ النور لأن أسعار النفط سرعان ما تراجعت بشكل كبير لم تعد معها الفكرة ذات جدوى.
بالعودة الى الشراء الآجل للنفط وتخزينه أو الشراء التحوطي , هي فكرة تتجاوز فيها درجة المخاطر المكاسب بالنسبة لحكومات نفقاتها وإيراداتها محسوبة علاوة على أن فاتورة الطاقة تستحوذ على أكثر من نصف موازناتها فلم تنزل يوما عن 4 مليارات دينار وأكثر من 17 % من الناتج المحلي الاجمالي , هذا المال الكبير غير قابل للمخاطرة باعتبار أن أسعار النفط الرخيصة مغرية لشراء تحوطي يستهوي بعض المعلقين ممن لا تعنيهم حسابات الربح والخسارة وأثرها المدمر مستقبلا.
الحكومة ليست مضاربا ولا تاجرا وليس بامكانها أن تكون.
qadmaniisam@yahoo.com
(الرأي)
صناديق التحوط هي صناديق مراهنات , لكنها بالنسبة للحكومات التي تتعامل بها أو تنشئها فهي تهدف الى تأمين الاقتصاد ضد تقلبات الأسعار خصوصا في سلعة النفط إذ تشتري عقودا آجلة بسعر اليوم في سياق توقعات بإرتفاعها مستقبلا لكن العملية تنطوي على مخاطر يمكن أن يتحملها مضاربون أو شركات لكنها بالنسبة للحكومات هي خسارة لو وقعت لا رجعة فيها ولا قدرة على التعويض..
عندما ارتفعت أسعار النفط زادت صناديق التحوط من مراهناتها مدفوعة بتوقعات ارتفاع أسعار النفط الخام إلى مستويات أعلى مما بلغته قبل الهبوط الأخير , وهي اليوم تعيد الكرة لتزيد من مراهناتها المدفوعة بتوقعات تراجعات أكبر في أسعار النفط فهي تستثمر في عقود آجلة قد تصيب أسعارها التوقعات وقد تخطئ , وهو ما لا يمكن أن تفعله الحكومات خصوصا تلك التي لا تمتلك ترف المال الذي لا تحتاجه.
هناك خلط بين صندوق تحوط يشتري النفط بعقود آجلة بسعر اليوم وبين حساب كان أعلن عن دراسة إنشائه غرضه مواجهة أي ارتفاع في أسعار النفط عالميا محليا ، وزعم أن المال المودع فيه وصل الى 70 مليون دينار فهل لصندوق التحوط لأسعار المحروقات من وجود ؟.
انشاء مثل هذا الصندوق كان مجرد مطلب تقدم به نواب ، الغرض منه دعم تثبيت أسعار الكاز والديزل من رفع أسعار البنزين لكن من غير المؤكد أنه قد أنشئ فعلا فهو لا يظهر في بيانات المالية ولا في الحسابات وغيرها ، على ما تسنى الحصول عليه من معلومات فإن الحكومة آنذاك , استبدلت فكرة الحساب الخاص بمعونة الكاز ، وبرفع رواتب الموظفين بربطها بالتضخم الذي من أسبابه الرئيسية ارتفاع أسعار الوقود.
على أية حال , مطلب انشاء صندوق التحوط للأسعار كما في المقترح الذي قدمه بعض النواب حينذاك على معادلة ، رفع أسعار البنزين بشكل أكبر مما هو فعلا ، واستخدام المال الفائض من ذلك لدعم الكاز والسولار ، كأداة للتخفيف من أثر ارتفاع السلعتين الأكثر حساسية في حياة المواطن ، لكن الفكرة التي درست في حينها وواجهت تساؤلات عدة ، لم ترَ النور لأن أسعار النفط سرعان ما تراجعت بشكل كبير لم تعد معها الفكرة ذات جدوى.
بالعودة الى الشراء الآجل للنفط وتخزينه أو الشراء التحوطي , هي فكرة تتجاوز فيها درجة المخاطر المكاسب بالنسبة لحكومات نفقاتها وإيراداتها محسوبة علاوة على أن فاتورة الطاقة تستحوذ على أكثر من نصف موازناتها فلم تنزل يوما عن 4 مليارات دينار وأكثر من 17 % من الناتج المحلي الاجمالي , هذا المال الكبير غير قابل للمخاطرة باعتبار أن أسعار النفط الرخيصة مغرية لشراء تحوطي يستهوي بعض المعلقين ممن لا تعنيهم حسابات الربح والخسارة وأثرها المدمر مستقبلا.
الحكومة ليست مضاربا ولا تاجرا وليس بامكانها أن تكون.
qadmaniisam@yahoo.com
(الرأي)