2024-11-27 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

عن الوعظ والإرشاد ومهمة المسجد التنويرية!!

زيد محمد النوايسة
جو 24 : منذ أن اختار الله-جلت قدرته- هذه الأمة وشرفها بأن أنزل فيها خاتمة الرسالات السماوية إلى البشرية جمعاء، وميزها بأن كانت موجهة للناس كافة بعالميتها وكمالها وتمامها وشموليتها، كان للمسجد ودور العبادة دورا بارزاً وأساسياً مهماً في تنوير الناس في أمورهم الدينية والدنيوية وحثهم على الفضائل وتمثل القيم الإنسانية العليا التي كرسها الإسلام والرسالات السماوية الأخرى والتي جاء ليتممها ويكمل رسالة الهداية والخير للبشرية، والتي أوكلت للإنسان مهمة أعمار الكون وخلافته في الأرض يقول سبحانه وتعالى" وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30]"صدق الله العظيم.


لعل من المناسب أن نتحدث عن دور المساجد في نشر الدعوة الإسلامية وانتشارها والمساهمة في تكريسها كمراكز دين وعلم وإشعاع حضاري ومنطلق لكل حركات التنوير الاجتماعي والسياسي والأخلاقي وقبول الآخر والتسامح، والذي ينطلق من جوهر الإسلام الحقيقي بالدعوة لله بالحكمة والموعظة الحسنة، وعبر كل مراحل الدعوة الإسلامية منذ أن قامت الدولة النبوية في المدينة المنورة، حيث شكل المسجد النبوي نقطة الإنطلاق والتأسيس وكذلك المسجد الأقصى وحلقات العلم والمعرفة التي شكلت حواضر للاجتهاد الديني بمنهجية علمية، وجامع الزيتونة الذي بني في تونس في القرن الهجري الثاني في عهد حسان بن النعمان والذي يعد أول جامعة في العالم العربي والإسلامي قدم للفكر والحضارة الإسلامية أعظم العلماء والمفكرين ولعل أكثرهم شهرة هو صاحب المقدمة الشهيرة "ابن خلدون"، وكذلك جامع القرويين الذي بنته العالمة المغربية فاطمة المهرية في فاس بالمغرب في سنة 245 هجري وكان حاضرة من حواضر العلم وملتقى للعلماء في شمال أفريقيا وبلاد الأندلس لاحقاً، والجامع الأزهر الذي أنشأه الفاطميون في مصر قبل أكثر من ألف عام ليقدم للإسلام وللمشرق العربي علماء ومجتهدين أفذاذ قدموا الإسلام بأنصع صورة وعملوا على وضع تفسير علمي دقيق للرسالة السماوية والقران الكريم، لتوازن بين محكمات الشرع ومقتضيات العصر، حتى لا يبقى الفهم الديني قاصرا عن استيعاب متغيرات الحياة والأوجه الحضارية المتزايدة التطور!!.

ما دعاني للكتابة الآن، هو أن ثمة تغير وتراجع واضح وربما مقلق في الدور المفترض أن تقوم به المساجد والأئمة والوعاظ ورجال الدين والعلماء المتنورين والذين يحملون مشروع الإسلام الحقيقي في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والتي تعلي من قيم المواطنة والانتماء والتسامح وقبول الآخر وتنبذ العنف والتحريض والتطرف والفتنة، ولعلنا مضطرين للإقرار وعدم التغاضي عن حقيقة واقعية نعيشها الآن، وهي أن المنابر تعرضت وفي غفلة منا للاختطاف من غير المؤهلين علميا وفقهيا ودينيا لاعتلائها، فلا أخال أحدا منا يلتزم بأداء واجبه الديني إلا واستمع إلى خطب أيام الجمع ومواعظ ليست من الإسلام في شيء وتصدر من أشخاص لا يملكون الحد الأدنى من التأهيل الديني واللغوي والثقافي، ولعل بعض المقاطع المنشورة على موقع يوتيوب توضح مما يجري في بعض مساجدنا وخصوصا في الأطراف والقرى حيث لا رقابة ولا تدقيق!!.

علينا أن لا نشعر بالاستغراب مما جرى ومن حالة التجييش الديني الذي لا يحسب من الدين الحنيف بشيء، وندرك أن المناخ الذي ساد لفترة سابقة عزز من فرص انتشار ظاهرة التكفير والخروج على النظام العام والتمادي والتطاول على المقدسات الدينية وفوضى الفتاوي التي انتشرت دون ضوابط فقهية ومرجعية ونقر بأنها ساهمت في الحالة المؤسفة التي أوصلت الأمة ورسالتها الحضارية إلى هذا الواقع!!.

في هذا الصدد يمكننا التساؤل عن قانون الوعظ والإرشاد، وعن أهمية تطبيقه بصرامة وحرفية، وان يعاد تأهيل بعض الوعاظ والأئمة تأهيلا دينيا وثقافيا استناداً للفهم الصحيح للإسلام ومن مرجعياته، ولعل من المناسب إعادة التذكير بأهمية مضامين "رسالة عمان" والتي أسست لقراءة عقلانية مسئولة للدفاع عما تتعرض له الرسالة السماوية من مخاطر التسييس وإبعادها عن جوهرها ، ولا بد من إعادة النظر في أن مفهوم الإمامة والوعظ يتجاوز دور الوظيفة التقليدية، بل هي اكبر واهم في كونها رسالة دعوية يفترض فيها تكريس القيم الحضارية للإسلام في البناء والعمل والإجتهاد الذي يعكس روح الإسلام الحقيقية في الإصلاح وإسعاد البشرية، وان تخرج الخطب من دائرة الشتم والتخوين وإفساد العلاقات مع الأقطار العربية والمذاهب والطوائف الأخرى، ويظل الأمل معقود أن تولي الوزارة المعنية أهمية لهذا الأمر توازي الاهتمام بقضية الأموال والأراضي الوقفية !! .
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير