jo24_banner
jo24_banner

إرهاب في العراق ومجازر في سوريا والهدف إخضاع الشعب

طاهر العدوان
جو 24 : رمضان الدامي في العراق يتكرر منذ ٩ سنوات والحصاد في كل مرة مئات الضحايا جلهم من المدنيين كما حدث في هجمات الاثنين الاخير، تكرر الامر الى ان اصبح خبرا عاديا تتناقله وسائل الاعلام من باب استكمال النشرة وتنوعها في عالم اصبحت فيه المواقف من المجازر التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبه مجرد رأي او وجهة نظر وفي أحسن الأحوال دعوة الى تفهم حرب المصالح التي يخوضها الروس والأميركيين حول سوريا.
غير ان المقارنة بين ما تعرضت له ١٩ مدينة عراقية من هجمات إرهابية تستبيح الأرواح والممتلكات بلا رحمة وبين ما تتعرض له مدن وقرى سوريا من استباحة مماثلة تستحق التوقف عندها، فلم يعد المشهد محتملا حتى يقتصر على عملية احصاء القتلى والجرحى، ولا هو مناسبة لاجتراح تحليلات سياسية انما امر يستدعي البحث عن العلاقة بين الدين والطائفية بصورها المظلمة الراهنة، وبين أزمنة الفتنة وعهود الحكم المطلق التي اسالت الدماء انهارا باسم الدين، او نصرة لطائفة على غيرها بعد ان أطلقت أوصاف القداسة على الحكام المستبدين. بالمقابل انحدرت جماعات التكفير الى الاحتفال بقتل الرجال والنساء والأطفال بالرجوع الى فتاوى وأحكام عصور الفتن السوداء.
عقيدة الإرهاب الأعمى تلتقي مع الحكم المطلق على هدف واحد هو إخضاع الناس وتحويلهم الى مستعبدين والأساليب واحدة، إشاعة التعصب بين صفوف المجتمع واعتبار التسامح ضعفا وجبنا، نشر الفرقة بين الناس، وبين المدن والقرى والعشائر في البلد الواحد، ان ما نراه اليوم من مجازر وما رأيناه في السنوات الاخيرة في العالم العربي هو استماتة قوى التخلف والديكتاتورية على منع الشعوب من تذوق طعم الحرية وقمعها بالحديد والنار لانها تريد ممارسة إرادتها الجماعية وحقها الطبيعي في ان تكون هي مصدر السلطات وليس الديكتاتور ولا الفكر الشمولي الذي يريد وضع الأغلال في اياديها واعناقها.
لا شرعية لأي نظام ولا قدسية لفكر اي تنظيم اذا لم يلتزم قولا وعملا بحرية وكرامة وحقوق المواطنين، ومثلما نزلت الشعوب الى الشوارع والطرقات لطرد الحاكم الديكتاتوري فان ما تحتاجه الامة هو بذل كل جهد لوقاية الناس، خاصةالمؤمنين من التبعية للأفكار الظلامية والتعصب الطائفي. وانتشال الدين الاسلامي السمح من كهوف السياسة ودهاليز الإرهاب ومن أذى اصحابه وعقولهم المسلوبة التي فقدت الوعي والضمير حتى انها تحتفل بقدرتها على قتل الاطفال والناس الآمنين. يقول ابن القيم « كثير من أمراض القلوب لا يحس بها أصحابها «. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم « اختلاف أمتي رحمة « لكن الإرهابيين والمستبدين جعلوا من هذا الاختلاف تبريرا لارتكاب المجازر وإضفاء الوطنية على أفعالهم الوحشية، اعمالهم ليست مقدسة ولا إنسانية بل هي جرائم كبرى، قال الله تعالى }ومن قتل نفسا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا{ صدق الله العظيم.
والعلاج واحد في العراق كما هو في سوريا، ضرورة إنجاز المسالة الديموقراطية في ظل دولة مدنية لا حواجز داخلها على الهوية او المعتقد، ديموقراطية القانون والمواطنة القادرة على نزع كل توتر داخلي قائم على الانتقام والأحقاد الغابرة التي ذهبت مع أصحابها ليوم الحساب امام رب العالمين، الديموقراطية التي يقبل فيها الشعب على المشاركة في الحقل السياسي بكل حرية تمكنه من الدفاع عن مصالحه الوطنية العليا، والتصدي لكل محاولات خلق حروب مقدسة داخل الشعب الواحد، مرة دفاعا عن ارث الديكتاتور واخرى من اجل جر الدين الى كهوف الظلام لزرع الفتنة بين الناس، ان غاية الديكتاتور والإرهاب واحدة وهي إخضاع الشعوب وامتلاك رقابها الى الابد.



(الرأي)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير