اعتبرونا نملا
يتداول الإعلام هذه الأيام تنبؤات جوية غير عادية, يصحبها انخفاض حاد على درجات الحرارة وربما ثلوج عميقة ومستديمة لعدة ايام, وذلك بسبب ما سمي بحالة "هدى"
ثم يتعرض البعض بسلبية ملحوظة لشعبنا الأردني العزيز بأنه "مفجوع" كما فهمت من بعض الكتابات لأنه أفرغ رفوف المولات والدكاكين من المواد تحوطا للمحروسة هدى.
الأخوات والإخوة والعزوة, وأي سلبية وأية وحشية وأية طفاسة في أن يؤمن رب العائلة صغاره ببعض الكاز والخبز ومجروش العدس او ربما ان ظل بالميزانية بعض نفس, ببعض الكستنا حتى, والجميع يعلن أن هناك ثلج وبرد قادم وربما تغلق بعض الشوارع الى حين, والحكومة تنادي دائما بأن لا نخرج في مثل هذه الظروف.
طوابين بالبيوت لم تعد موجودة, وطحين وصاجات للشراك البيتي انعدمت, وما عاد في سكناتنا متسع لسدة او مستودع لخزن بعض محاصيل الصيف الى فصلنا هذا, كما يفعل النمل على اقلها, ولم يتبقى لنا الا ان نشتري خبزا وسكرا وشايا وعدسا يكفينا شر الجوع ان اضطررنا للبقاء في المنازل لأيام او أسبوع مثلا, وبعض مواد التدفئة تكفي زغب الحواصل شر البرد والإصطكاك.
وما العيب في ذلك وما المبرر للتشريح والتخبيص والنقد اللاذع؟ وما وجه السلبية وسواد الوجه في هكذا ممارسات انسانية طبيعية تأتي من صميم حب البقاء الفطري لدى آدم الأول ولا تنتهي الا عندما يرث الله الأرض وما عليها.
لو ضمن الأردني مثلا, أن تبقى شوارعنا مفتوحة وحوارينا سالكة ومجارينا كذلك, ودكاكيننا وأفراننا مستديمة الخير والعرض, لما احتاج او اضطر للتخزين ولما عمل ما بوسعه حتى لا تتهمه زوجته مثلا بأنه قصر بحق عائلته وصغاره ولم يلملم لهم قوت ثلجتهم.
يقال أن بعض مساعدات الغرب لعالمنا العينية, هي من مخازن الحرب العالمية الثانية والتي وضعت أوزارها عام 1945, يعني من سبعين عاما, وما زال لديهم مخزونا "نمليا" كبيرا جرّوه قبل وخلال الحرب الى خلاياهم تحت الأرض, لم ينفذ بعد, مطروحا منه ما استخدموه لملايينهم وتبرعا لملاييننا طيلة هذه العقود. فهل هذا تصرفا همجيا يصف الغرب بالتخلف والطفاسة؟
دعوا بالله عليكم "جماعتنا" يلتهوا بكم علبة فول وشوية خبز زيادة وكيس سكر احتياط, حتى لا يطلع علينا واحد بعقل وآخر بلا عقل ليحاكموننا على طلعتنا بالثلج أمام بيوتنا, في حين يسافر الغربي والشرقي الى جبال سويسرا والنمسا للتزحلق على الثلج والجليد وتأتيه طائرة هليوكوبتر ان هو ظل الطريق او انزلق بقوة أكثر مما يجب. مشان الله حلوا عنا, واعتبرونا نمل عالأقل.
ولكم وللوطن السلامة من هدى وأخواتها.