الثلجة والاعلام

جو 24 : " مايا " ذات الاثني عشر ربيعاً ماتت جّراء صعقة كهربائية من سلك مقطوع ومغطى بالثلوج على الشارع العام في حي الونانات بماركا الشمالية .
اللافت أن ذوي مايا وجيرانهم قد بلغوا عن السلك المقطوع أكثر من جهة ...
للاسف كثرة منابر الاعلام التي تتلقى الشكاوى اربكت الجهات ذات العلاقة وأضحت هذه المحطات الاذاعية والتلفزيونية ملجأ المواطن للشكوى وبالتالي فان المواطن اعتمد عدم المتابعة باعتبار أنه ضَمِنَ وصول شكواه الى مكانها الصحيح !
في الظروف الطارئة لا بد من مركز واحد فقط لتلقي الشكاوى وسحب هذا الموضوع من جميع وسائل الاعلام التي نصّبت نفسها غرفاً للعمليات وهي تعرف أنها لا تسمن ولا تغني من جوع وأن معظمها لا تملك أجهزة متابعة حقيقية وأن شكوى المواطن تذهب أدراج الرياح ممهورة بوعد من مذيع يبحث عن الشهرة أولاً فيبادر رداً على أي شكوى : تكرم ولا يهمك هي صوتك ع الهوا ... !!!
وإلا فلماذا تم انشاء مركز التحكم والسيطرة 911 والذي يغطي معظم انحاء المملكة وكذلك مركز الازمات ، والمتابع خلال الظروف الجوية التي مرت بنا لاحظ أن الخطط التي كانت تسير وفق منهجية عالية نجحت وأن الاعلام لم يكن سوى شاهد يستفز الناس ويزيد من قلقهم ومن توترهم فلا يصدقن أحد أن الشوارع فتحت لأن قناة تلفزيونية طالبت بذلك ولا تم تأمين سيارة اسعاف لمواطن لأن اذاعة ما قد انجزت ذلك ، بل كل ما انجز كان بفعل الجنود المجهولين الذين كانوا على رأس عملهم وقاموا بواجبهم حسب الخطة العامة .
سمعت اتصالاً مبكراً من رئيس بلدية ما على قناة تلفزيونية وبعدها بعشر دقائق كان نفس الرئيس على التلفزيون الاردني بنفس المضمون وذات الحكاية ، والغريب أنه يقول أن في اللواء الذي يتحدث عنه هناك مناطق وفيها بيوت شعر مقطوعة من الثلج الكثيف وأن آليات الجيش لم تستطع أن تصلها !!!
فاذا كانت قناعة هذا المسئول أن آليات الجيش وهي الأفضل والأقوى والمتوفر الممكن، غير قادرة على الوصول للأربع بيوت شعر فمن يستطيع أن يصلها إذن ؟ وطبعاً اذا صح كلامه فهذا لا يعني سوى أن الموقع مرتفع جداً أو منزلق ومنحدر جداً وهنا السؤال الذي يطرح نفسه ، هل يستطيع التلفزيون او جهاز اعلام بعد ذلك أن يفعل شيئاً وحتى لو طرح الموضوع على الهواء بهذا الشكل البائس ؟
والغريب أن هذا الرئيس نفسه كان على التلفزيون بعد يومين ضاحكاً منتشياً يشيد بجهود التلفزيون التي لمسها !!!! فهل حُلت المشكلة بجهود التلفزيون ولم تحلها آليات الجيش من قبل ؟؟ أم ان القضية فقط استعراض وبحث عن الشكر والثناء وتسجيل اعجابات ؟!
وبالنتيجة فإن ثقافة الشكوى للأسف آصبحت استعراضاً واسلوباً لكسب شعبية وتلميع وتسجيل مواقف ليس إلا ، وحان الوقت لتوجيه كل الشكاوى في الظروف غير العادية الى مكان واحد يتولى توزيها حسب المناطق والجهات ذات العلاقة لئلا تتكرر مأساة " مايا" رحمها الله وغيرها .
بالعموم نجحت الأجهزة المعنية الى حدٍ كبير في تخطي آثار الظروف الجوية الطارئة ولكن حتى تكتمل صورة النجاح فلا بد من معالجة مثل هذه الأخطاء والتي قد لا تكون مقصودة ولكنها معيقةٌ وأصبحت تقليدية ومكررة وباتت غرف العمليات المزعومة للفضائيات والاذاعات معيقةً وغير هادفة على عكس ما يراد لها وبالتالي اربكت الجهات المختصة والتي تقع عليها المسئولية أولاً وآخراً .