نظرة عميقة الى العمالة الطارئة
أكثر من 50 الف عامل سوري حسب تقديرات غير رسمية تنضم الى مئات الالاف من العمالة المصرية المتواجدة في السوق الاردني ، ورغم اغلاق بعض المهن من قبل وزارة العمل الاردنية امام العمالة العربية المصرية لكن العمالة الطارئة والمتمثلة بالاخوة السوريين اللاجئين فهي غير مقيدة ، وبدأنا نلمس تواجدها في قطاعات مختلفة ودخلت بعض المهن التي كانت محرّمة على الوافدين وهذا يشكل خطراً كبيراً على العامل الاردني الذي يعاني اصلا عزوفا متبادلا مع اصحاب العمل إما لقلة الراتب او زيادة ساعات العمل أو نوعية العمل !
السوريون يعملون برواتب تكفيهم مؤنة السؤال وتؤمن لهم عيشاً بعيداً عن المخيمات ذات الخدمات المتدنية ولذا فالرواتب بالنسبة لهم اهميتها ليست في قيمتها بل في ديمومتها وخاصة إذا كانت مصحوبة بسكن " وظيفي " داخل المحل او الشركة وبغض النظر اذا كانت المنامة في المطبخ او السدة او على الأريكة حتى !
من جانب آخر قد يقول قائل هذه العمالة تخلق توازنا مع العمالة الوافدة المصرية وتخفض بدل الاجور وهذا طبعا يحقق وفرا للمتعهدين والتجار واصحاب المهن ومقدمي الخدمات لكنه يؤثر على السوق ويحرم نسبة من الاردنيين الباحثين عن عمل في مهن يقبلون عليها ولا تدخل ضمن منظومة " العيب. " التي يتجنبون العمل بها ،
التقيت شابا سوريّا يعمل في صالون حلاقة رجالي بضاحية الأمير حسن بالتزهة ويعمل براتب 250 دينارا فقط وينام بالمحل ويعمل اكثر من 14 ساعة يوميا . وهذا نموذج يريد العيش بأمان لكنه يفكر باستقدام والدته وشقيقاته ويخطط لاستئجار بيت بسعر منخفض لتنفيذ حلمه الجديد !
وهنا تبرز عدة مشاكل وقضايا جديدة في القضية المسماة " اللاجئون السوريين " لا تنحصر بالموجودين بالمخيمات واحتياجاتهم فقط بل بالمتسربين للمدن والقرى ويمكن تلخيصها كما يلي :
اولا : مشكلة اقتصادية وهي اخلال التوازن في السوق بكل الاتجاهات وحرمان الاردنيين من
فرصهم التي قد تتاح لهم ولو بشكل شحيح ، ناهيك عن ارتفاع اجور الشقق والبيوت .
ثانيا : مشكلة ديموغرافية ، فالزيادة في عدد السكان والتأثيرات الناتجة عنها وتأمين الخدمات
اللازمة لها من اطعام وعلاج وتعليم ومحروقات وغيرها .
ثالثا : مشكلة اجتماعية وآثارها المصاحبة لها وانتشار الظواهر والسلوكيات الطارئة والتي نحن
بغنىً عنها و" يكفينا ما فينا " منها .
رابعا : مشكلة أمنية وهي اخطر المشاكل ويجب التفكير بها ومطلوب من الدوائر ذات الاختصاص
والتي لها مساس بالأمن القومي أن تلحظ أن هذا الجيش من الشباب غالبا هو هارب من
بلده لأنه ثائر على النظام هناك فهو يحمل فكرا معينا لا يقتصر على مطالب الحرية فقط بل
هناك منهم ربما من يحمل فكر متعصب ونشاهدهم بالعمامات والعصايب السوداء وهم
يتبنون الفكر الجهادي فما يمنع ان يكون على الأقل 50% من الموجودين عندنا منهم
جاءوا باحثين من مأمن لهم ومستقر ولكنهم يشكلون قنابل موقوتة قد تنفجر في لحظة تحين
لها ويستغلها بعض المتربصين ويستعملها أداة اشتعال لا سمح الله . سيما وان جميع الذين
يتواجدون على الارض الاردنية مدربون عسكريا إذ الخدمة الإلزامية العسكرية في سوريا
معمول بها ولم تلغ مطلقا.
الجانب الانساني في القضية السورية له مكان على اجندة الملك والحكومة والدولة بشكل عام ، لكن المصلحة العليا والامن القومي بغض النظر عن تباين المواقف لا ينبغي تجاهلها ويجب الانتباه لهذا الامر بمنتهى الجدية وبدون تراخٍ او اهمال او ترهل من الجميع وبدون استثناء