منع من النشر بالدستور|| تخفيض عقوبة الغشاشين
كنت أقول لإبني : حتى لو جاءك وزير التربية وقال لك هذه هي أجوبة الامتحان فلا تأخذها، لأن هذا اسمه غش، ولا يمكن اعتبار الغشاش بطلا، انما مجرم، وكان الولد يحدثني دوما عن قصص وروايات وأجهزة غريبة يستخدمها الطلاب في القاعة، وكنت أقول له :كلهم غشاشون، انسى موضوعهم، فهم فاشلون وإن نجحوا بالتزوير، ثم نجح ابني وذهب للجامعة "موازيا" في الهندسة، لكنه خرج منها بسرعة الضوء..وانسوا موضوعه.
الغشاشون؛ الذين يضيعون الحقيقة ويسطون على حقوق الآخرين، ويفسدون قيما طيبة، هؤلاء قال فيهم الرسول عليه الصلاة والسلام "من غش فليس منا"، لأنه ارتكب عملا منافيا تماما لقيم الاسلام السماوية، واعتدى على قوانين، واستولى على حقوق ليست له، وفي حالة الغش في امتحانات الثانوية العامة، فإن الغشاش والذي يساعده يعتدون على وطن قبل اعتدائهم على حقوق أبنائه، وإنني أستغرب فعلا أن يطالب بعضهم بتقليل العقوبة على الطالب "الغشاش"، واعتبارهم أن هذه سياسة يمكنهم أن يتبنوها ويحاولون التدخل في قرارات منبثقة عن تشريعات تحكم حياة الناس في البلاد.
ما زال بعضهم يعتبر نفسه قرصانا وغازيا، يستبيح كل ما وقعت يده عليه، وقد سبق وأن كتبنا كيف يعتبر هؤلاء أن الغش "حقا مكتسبا"، يسعون للحصول عليه بكل الوسائل المتاحة، وقد وصلت بهم هذه القناعة في سنوات سابقة إلى حد محاولة دخول قاعات امتحان الثانوية عنوة، لتغشيش أبنائهم !، يصعب التحدث مع هؤلاء وسؤالهم : هل تريد أن تكون ابنتك أو ابنك غشاشا ؟! ولا أستبعد أن يوافق بعضهم على نعت ابنه وبنته بأنهم "غشاشون".
نجحت "حتى الآن" وزارة التربية والتعليم في تقليص وربما القضاء على الغش نهائيا في امتحانات الثانوية العامة، وهذا بحد ذاته إنجاز كبير، نظرا لكثرة التجاوزات السابقة والحديث الطويل عن وسائل الغش وتسريب الأسئلة من قاعات الامتحانات، لتعود الإجابات عليها بالوسائل ذاتها، ولا يلزمنا التحدث تفصيلا عن هذه التجاوزات سيئة الذكر والتأثير، لكننا نتحدث استنكارا عن نواب يقدمون مذكرة حسب وسائل إعلام، يطالبون فيها أن يتم تقليص عقوبة الغش التي تنتهجها الوزارة حاليا ضد أي طالب أو طالبة يرتكب "جريمة" الغش، وهذا تفكير مستهجن، لا يجب أن يصدر عن نوابنا أو عن بعضهم، بل إن المتوقع كان ومازال أن يتم تعميم العقوبة حتى على طلاب المدارس في الصفوف التي تسبق "التوجيهي"، وكذلك تعميمها في جامعاتنا وفي كل المؤسسات التعليمية وغيرها، فالغشاش ليس منا ..
الغشاشون استولوا على جهود وفرص ابني الطبيعية، وهكذا فعلوا مع أبناء وبنات الكثيرين منا، ويبدو أن بيننا من يتعاطف معهم ويتناسى الظلم والجريمة بحق أبنائنا وبناتنا ، ولا يشعر حتى بالخجل !.