jo24_banner
jo24_banner

الملك والمشوار الصباحي...

ابراهيم عبدالمجيد القيسي
جو 24 :

بمناسبة خبر قيام جلالة الملك «بمشوار» صباحي مع سمو الأمراء في جبل عمان صبيحة الجمعة، وتناقل وسائل الاعلام لهذا النبأ، وتبادل الناس لصور وفيديوهات حول هذا «المشوار»..
على العموم هذه «مشاوير» يقوم بها الناس حتى ولو كانوا من القادة في اوروبا، ونتبادل أحيانا صورا عن رئيس او رئيسة دولة أو حكومة، أو وزير ما، من الدول الغربية، نراهم يقفون في طابور يتسلمون رواتبهم مثلا، أو يقومون بعمل اجتماعي ما، أو ربما يتطوعون لعمل خدمي ما في شوارع عامة، ونحسبها أعمالا لا يقوم بها مسؤولون كبار من دول العرب أو العالم الشرقي..ونتغنى بها، وإن كنت أوافق كثيرين على بعض قناعتهم وأوصافهم للعرب، فأنا بالتأكيد لا أوافق على إطلاق هذا الوصف على الأردن وعلى جلالة الملك والملكة وسائر أفراد الأسرة الحاكمة.. فهم أقرب وأصدق وأكثر تواضعا وبساطة.
تمنيت لو لم يتجمع الناس حول جلالته في صبيحة الجمعة في جبل عمان، لكانت الصورة أكثر بهاء وحضارية، وعلى الرغم من أن الشخصيات العامة التي تحظى بالجماهيرية والشعبية والتي تتم مطاردتها من قبل وسائل الاعلام، والتدخل في خصوصياتها، لا يمكنها التجول في اوطانها او في العالم محافظة على الخصوصية، إلا أن الموقف يكون أكثر حضارية لو تركتم الملك والأمراء يتجولون بحريتهم في السوق، يأكلون الفلافل، ويتسوقون ويستمتعون كغيرهم، بجماليات صباحات الجمعة في العاصمة عمان، وسيكون حضاريا وجميلا لو تم عندئذ «استراق» ثم تبادل لقطات عفوية لمثل هذه الحياة العادية.. يفعل تماما كما يفعل اي مواطن آخر لا يحظى بتلك الشهرة والنجومية المحلية والعالمية..
على صعيد الحياة الأردنية الاجتماعية العامة، لا يمكن أن نتجاهل تجذر الهاشميين فيها، ومشاركتهم للناس في أفراحهم وأتراحهم، وهذا مشهد يتكرر، فكل مواطن في البلاد تقريبا تواصل بشكل ما مع الملك او الملكة أو ولي العهد أو أي صاحب أو صاحبة سمو من الأمراء والأميرات، حيث تراهم في المناسبات العامة، الرياضية والسياسية والاجتماعية والأعياد وغيرها، وحتى في مناسبات الأعراس وسائر الأفراح، وتراهم يقومون بواجباتهم الانسانية الطبيعية في الأتراح، وكم من صورة وموقف وفيديو في أرشيفنا الأردني للملوك والملكات في الأردن، يشاركون الناس في كل شيء، ويقدمون خدمات تطوعية «شخصية» .
أنا أعذر الناس حين يتجمهرون حول جلالته أينما ظهر، فهي حالة من محبة لرمز، وتنسحب بدرجات ما الى المسؤولين الآخرين، حتى الذين يتجمهرون في الاعتصامات المعارضة للحكومات، لو ظهر الملك بينهم لتجمهروا حوله بطريقة عفوية تعبر عن محبتهم له.
ال»مشوار» الصباحي الذي قام به الملك، جميل، حيث ننعم في هذه البلاد بأمن وأمان وجمال طبيعي مقيم، الفرح ليس ببعيد عن قلوب الناس، وأجزم أن سمو الأمراء استمتعوا وفرحوا بذلك المشوار، وسيتحدثون عنه طيلة عمرهم.. كلنا ندرك حجم الفرح الذي يغمر قلوب العائلة.. هكذا يفرح الأنقياء، الذين يرتبطون بهذا التراب ويفهمون جماله وحضارية تفكير أهله وطيب نفوسهم وعفويتها..
أقوم أحيانا بجمع الحطب او «تسريبه» من «تسوية» بيت شقيقي أبو عمر، وأشعله ليلا في منقل أو في جورة ، وأسهر مع جاري احمد الفرجات «ابو أسامه»، ونحضر طبخة فلاحية بسيطة على الحطب، «كشوربة اللبن بجريش القمح والعدس»..أعني (الرشوف)، أو إحضار «لحم جمال» أو خراف او عجول وإنضاجه على الحطب المشتعل، متلحفين فروة ومتلثمين بشماغ كأجدادنا الرعيان والحرّاثين والبدو، والسماء تجود علينا برذاذ مطر ناعم.. أعمال بسيطة وتقليدية تضفي المزيد من التوازن في العقل والنفس، نفعلها بلا قوانين ولا صور ولا استعراضات خطابية وحوارية وخبطات الترا صحفية..
أتمنى أن نترك المواطنين يقومون بها لنرى حجم الجمال في نفوسهم والطيبة والبساطة .. من حق الملك أن يكون مواطنا عاديا يتجول بين الناس وفي الشوارع مع الأمراء، ومن حقنا جميعا ان نحبه ونحترمه ونعظم هذه العفوية والصدق، ونقدمها لكل العالم «الغربي والشرقي وحتى السماوي»..نحن بشر نتمتع بضمير صاف ومتصالحون مع أنفسنا.

 
تابعو الأردن 24 على google news