jo24_banner
jo24_banner

ناسَك لا كاسك يا وطن

ابراهيم عبدالمجيد القيسي
جو 24 :

..وفي نهاية المشهد اعترف غوار؛ وقال لوالده الشهيد بأنه سكران، يعني «شربان» أو «ثمل»، وإنه كان «يخرط» على والده، كذبا وطنيا قومجيا من كل الأصناف، وأكد النجم الكوميدي : ما ظل في الكاس الا شفّة أو شحطة، ابتلعها الرجل، وغنى للوطن ولكؤوسه.
المشهد شيطاني؛ فوق لا حضاريته، مظاهر لا وطنية ولا إنسانية تخللت اعتصامات كراج مستشفى الأردن، شاهدناها أمس في فيديو معبّر عما آلت إليه أحوال بعض منا، ولا أتحدث هنا عن المواطنين الأردنيين الذين يخرجون الى الشوارع، يمارسون حقوقا ديمقراطية مقدسة، تستحق كل الثناء والشكر فوق الاحترام، فهم يعبرون عن رفضهم لسياسات، وهو حقهم وحق كل مواطن، لكن بما أننا نتحدث عن الحقوق، فيجب على القلة أو الكثرة التي تخرج عن القانون وعن الحقوق والحريات أن تلتزم وتحترم حقوق وحريات الناس، وتحافظ على مدنية وحضارية الشعب الأردني وتحافظ على مقدراته وممتلكاته العامة، وأن لا تخدش حياءه أو تعطل مصالحه وحريته في الحركة والتنقل والعلاج ..الخ الحقوق التي يتم الاعتداء عليها على مرأى ومسمع من الحكومات ومن الجهات المعنية.
حرائق؛ وسيارات اسعاف لا تستطيع المرور على الشارع العام باتجاه مرفق صحي معروف، وإزعاج لمرضى يرقدون على أسرة الشفاء، وإعاقة للناس وتعطيل لمصالحهم، ونفايات تغمر الساحة الواقعة على طريق حيوي..وشعب؛ يكظم الغيظ ويصطبر، ويخجل ان يطرح مثل هذه القضايا على الرأي العام، فالعنوان هو الفوضى والتجاوز على حقوق الآخرين، واحتلال المرافق العامة، وفي نهاية المسرحية: ما ظل في الكاس الا شحطة..وكاسك يا وطن!.
لو كنت صاحب قرار لواجهت هؤلاء بحقيقة التهريج الذي يقومون به، ولا أتحدث عن المواطنين الذين يحترمون حقهم وحق حريات ومصالح غيرهم، فيعبرون عن معارضتهم للسياسات الحكومية بحضارية وديمقراطية تشرفنا جميعا، بل أتحدث عن «الطافيين»، الذين يعربدون علينا جميعا بحجة انقاذنا من السياسات الحكومية.. لو كنت صاحب قرار لطلبت من المعتصمين أن يحلوا مشاكل البلد..تعالوا يا ناس، حلولنا مشاكل المديونية والفساد والكذب، لا أطلب أن تقدموا بديلا، بل أن تتولوا حل المشكلة بأنفسكم، وإن لا تجتروا الاسطوانة المشروخة (هاتوا عطية وسويلم وكل اللي خانوا البلد وهربوا)، يا سيدي روح جيبهم انت، فنحن نريد أن نتشبث بعمود الخيمة، نسندها، خشية أن تسقط على رؤوسنا، فالأولوية اليوم لحماية ما تبقى وليست المطالبة بالأندلس.
المظاهر التي شاهدتها في ذلك الفيديو فضحتنا، وصادرت كل التاريخ الحراكي المشرف الذي سطره الأردنيون شعبا ومعارضة وحكومات وأجهزة أمنية وقيادة، كله تعرض للإساءة بسبب تلك المظاهر السوريالية.. شباب يجلسون في بكب ويشعلون داخله نارا، وآخرون يحضرون «عدة الطبخ» ويقيمون في البكبات، معهم غاز وطباخ وربما عصارة فواكه، ورز أمريكي..وسائر تجهيزات «الكبسة» أو الملوخية أو «المنسف»، شباب: روحوا على الصحراء والمتنزهات الوطنية وخيموا سويعات وابتعدوا عن الشوارع العامة، ومارسوا حقوقكم في التنزه والمغامرة، فهذه المظاهر تصبح لا قانونية وفيها اعتداء على سائر المجتمع حين تتم ممارستها في شارع عام، وعلى مرأى من الجمهور الأردني، الذي يتمتع أغلبه بأخلاق وقناعات وقيم ترفض مثل هذ السلوك.. ألا تشعرون بأنكم تعتدون على الناس وعلى قناعاتهم وحقوقهم ومنظومة قيمهم فوق اعتدائكم على وطن ومقدراته وصورته، وتسيئون الى تاريخ أردني ديمقراطي مشرف في المعارضات السياسية؟!
هذا ما يقوله «الفيديو» المذكور، وهو نقطة سوداء، تحدث دوما لكن ليس بمثل هذه القسوة على الأردن..احترموا البلد والشعب، وأتمنى على صاحب الأرض الفارغة «الكراج» الواقع أمام مستشفى الأردن، إن كانت ملكية خاصة، أتمنى عليه أن يقدم شكوى بحق مجهولين استولوا على أرضه ومارسوا عليها أفعالا خادشة للحياء العام، وألقوا فيها نفايات وأشعلوا حرائق، أو أن تتم مخالفته هو شخصيا بأنه يملك أرضا أصبحت مكرهة صحية ومطالبته بتنظيفها وانفاذ القانون بحقه.


 
تابعو الأردن 24 على google news