jo24_banner
jo24_banner

خيار التدخل العسكري لم يكن على جدول زيارة "بانيتا"

فهد الخيطان
جو 24 : على بعد مئات الأمتار من المواجهات الشرسة بين قوات النظام السوري والجيش السوري الحر كان الملك عبدالله الثاني يتناول طعام الإفطار مساء يوم الاربعاء الماضي مع جنوده المرابطين في منطقة تل شهاب. وبعد ساعات من زيارة الملك التفقدية للقاطع الشمالي فتح الجنود السوريون النار باتجاه دوريات الجيش الاردني التي كانت توفر الغطاء لعبور مئات اللاجئين السوريين الى الاراضي الاردنية. رد الجيش الاردني على مصادر النيران ولم تسجل إصابات في صفوف العسكريين.

صبيحة اليوم التالي "الخميس" أجرى الملك مباحثات مع وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا الذي زار عمان لعدة ساعات قبل أن يتوجه الى افغانستان. سيطرت الأزمة السورية على مباحثات الملك مع بانيتا، وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الاميركية جورج ليتل إن الملك وبانيتا بحثا الانتقال السياسي في سورية في مرحلة ما بعد الأسد. واتفقا على الحاجة لضغوط دولية قوية من اجل رحيل الاسد.

وقبل وصول بانيتا بقليل كانت كتيبة من الجيش الأميركي تستعد للتوجه الى الاردن في إطار برنامج التعاون العسكري بين البلدين.
هذه التطورات المتلاحقة على المسارين العسكري والسياسي دفعت ببعض المحللين الى القول إن الموقف الاردني من الأزمة السورية يتجه الى التحول و"التورط" في الأزمة السورية.

لكن عند التدقيق في مسار الاحداث يتبين أن استنتاج هؤلاء المحللين كان متسرعا وتأثر بحالة الاستقطاب الحادة حيال الأزمة السورية في أوساط النخبة الاردنية.

لم تكن زيارة بانيتا الى الاردن الاولى من نوعها كما قال وزير الخارجية ناصر جودة للصحافيين، فهناك زيارات متبادلة بين الجانبين وتعاون عسكري يمتد لعقود مضت.

وتؤكد مصادر مطلعة أن المباحثات مع بانيتا لم تتناول من قريب أو بعيد سيناريو التدخل العسكري في سورية، والمناقشات في هذا الخصوص تقتصر على سبل التعامل مع مخزون سورية من الأسلحة الكيماوية في حال انهيار سلطة الاسد، وتركز التدريبات المشتركة بين الجانبين الاردني والاميركي على السبل الكفيلة بمنع انتشارها أو انتقالها لمجموعات إرهابية.

الموقف الأميركي من الأوضاع في سورية لم يشهد أي تغير جوهري، ويجمع المحللون الغربيون على استحالة حدوث مثل هذا التغير قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية تشرين الثاني المقبل. ونقلت وكالة الانباء الفرنسية أمس الاول عن المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني قوله إن الموقف الأميركي "لم يتغير: نقدم مساعدة غير قاتلة الى المعارضة" . واضاف "لا نعتقد أن زيادة عدد الاسلحة في سورية هو المطلوب للمساعدة في الوصول الى انتقال سلمي".

ورصدت الولايات المتحدة حسب تقرير الوكالة الفرنسية 25 مليون دولار من الدعم غير القاتل المتمثل بأجهزة اتصال مخصصة للمعارضة السورية.

ويتشارك الاردن مع الولايات المتحدة في هذا الموقف، وفي كل الاجتماعات العربية والدولية الخاصة بالأزمة السورية يردد الدبلوماسيون الاردنيون موقفا واحدا هو رفض التدخل العسكري وتسليح المعارضة السورية.

ويفاجأ المرء عندما يكتشف أن ما يحصل من احتكاكات على الحدود بين الجيشين الأردني والسوري ليس بالأمر الجديد، فمنذ ثلاثة اشهر تسجل حوادث مشابهة لتلك التي وقعت في الاسابيع الثلاثة الاخيرة. وردا على سؤال لأحد الصحفيين في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الاسترالي وصف وزير الخارجية ناصر جودة ما يحصل على الحدود من مناوشات بأنها "احداث مستمرة". وقللت الحكومة من شأن "الاشتباكات" الحدودية الى حد نفيها ثلاث مرات على لسان وزير الدولة لشؤون الاتصال والاعلام سميح المعايطة رغم تأكيدها من مصادر عسكرية وأمنية حسب وكالات أنباء.

لكن ماذا عن خيار المنطقة العازلة على الحدود الاردنية أو "كردورانساني" في حال سيطر الجيش السوري الحر على المعابر الحدودية مع الاردن ومحافظة درعا؟

من الناحية الاستراتيجية الحدود الاردنية مع سورية هى اخطر حدود بالنسبة للنظام السوري نظرا لقربها من العاصمة دمشق وطبيعتها الطبوغرافية المستوية. وبهذا المعنى ستكون الطريق المفضلة والميسرة للقوات البرية المتجهة الى دمشق ولذلك ليس من مصلحة النظام السوري تأزيم الجبهة مع الاردن أو استفزازه عسكريا. ومن الجانب الاردني يبدو خيار المنطقة العازلة مستبعدا، لأن حماية المناطق العازلة أو الآمنة يحتاج في العادة الى تواجد دائم للطائرات المقاتلة في سماء المنطقة ما يعني عمليا التدخل العسكري وهو أمر غير وارد في الحسابات الاميركية والغربية عموما.

عند الاشارة الى موقف الاردن من الأزمة السورية يعلق المراقبون بالقول انه يقف في المنطقة الرمادية. لكن هذا الوصف ليس دقيقا بالكامل. سياسيا الاردن منحاز الى الخطة العربية والاممية التي تدعو الى انتقال سلمي "مدار" للسلطة في سورية، وبالأمس صوت في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قرار عربي يدين استخدام الحكومة السورية للأسلحة الثقيلة وينتقد عجز مجلس الأمن عن التحرك في إطار الأزمة الجارية هناك. كما أيد قرارات الجامعة العربية المتعلقة بالأزمة السورية وشارك في اجتماعات اصدقاء سورية.

لكن من الناحية العسكرية يمكن الجزم أن الاردن يقف في المنطقة الحدودية مع الأزمة السورية، لن يتقدم الى الشمال مترا واحدا، ولن يتخلى عن حالة التأهب والمرجح أن تدوم طويلا.الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير