داعشيون أكثر من داعش
فهد الخيطان
جو 24 : بعد أيام قليلة على نشر تنظيم "داعش" لشريط يصور جريمته بحق الطيار الشهيد معاذ الكساسبة، خرج من يدّعي أن الشريط مفبرك. وراجت على مواقع إخبارية عربية تحليلات منسوبة لأشخاص يدعون أنهم من العارفين بأمور التصوير والإخراج، يزعمون فيها عدم صحة الشريط، والواقعة من أساسها.
تكرر الموقف نفسه بعد صدور شريط الإعدام الوحشي لواحد وعشرين مصريا في ليبيا قبل نحو أسبوعين. بضعة أشخاص متحذلقين بدأوا حملة تشكيك بصحة الشريط، واجتهدوا في دحض الواقعة، والموقع الذي جرت فيه عملية قطع الرؤوس. وسمعنا في هذا المجال كلاما سخيفا وسطحيا من محللين سذج، لم تتردد بعض القنوات الفضائية في استضافتهم لتحليل الشريط فنيا، وكشف زيفه.
كان مبررا حصول مثل هذا الجدل مع الإصدارات الأولى من شرائط إعدام الرهائن بطرق وحشية؛ فقد بدا الأمر في حينه صعبا على التصديق من هول ما ظهر في تلك التسجيلات من مشاهد مروعة. لكن مع استمرار "داعش" في ارتكاب هذه الجرائم، والتفنن في تنفيذها، سقطت مبررات مثل هذا الجدل.
واللافت في ما يدور من سجالات حول صحة التسجيلات من عدمها، هو أنها تأتي في ذروة الغضب الشعبي من جرائم "داعش" وأفعاله الوحشية، وكأنها محاولة لاحتواء هذه الحالة، وتبييض سمعة التنظيم الإرهابي، من خلال التشكيك بصحة الجرائم المنسوبة إليه.
وتوفر هذه الشكوك، في العادة، الفرصة لأصحاب نظرية المؤامرة للقول بأن جهات استخبارية أجنبية تقف وراء مثل هذه الجرائم لتشويه صورة العرب والمسلمين.
ومن يتابع المناقشات حول أشرطة "داعش"، سيلحظ ترابطا زمنيا بين التقارير المشككة بصحتها، والتحليلات التي تدّعي وقوف جهات أجنبية خلفها.
بيد أن لا أحد من المشككين بصحة تلك التسجيلات يسأل نفسه: إذا كان تنظيم "داعش" بريئا من تلك الأفعال، فلماذا يصمت عليها ولا يخرج قادته لنفيها أو التبرؤ منها؟
هناك بالفعل من لا يستطيع عقله أن يصدق وجود بشر يرتكبون مثل هذه الجرائم. وهناك من لا يتصور أن هؤلاء كانوا يعيشون بيننا قبل أن يلتحقوا بآلة القتل الوحشي. وعندما اجتاح التنظيم مدينة الموصل الصيف الماضي، شكك العديد من السياسيين بصحة ما نسب إليه من جرائم بحق سكان المدينة، وما تزال تصريحات بعض هؤلاء الساسة ترن في أذني.
لكن في المقابل، فإن حالة الإنكار لدى بعض الأوساط والمحللين لتسجيلات "داعش" تنطوي على خبث، ينم عن تعاطف مع التنظيم وفكره. ويرى هؤلاء، والذين ربما لا يتفقون مع بعض أساليب التنظيم الوحشية، أن من واجبهم مساعدته على تجاوز آثارها السلبية، وتقليل خسائره قدر الإمكان، والاحتفاظ بمخزونه من الزخم والتعاطف الذي يحظى به لدى أوساط من عامة الناس في بلدان عربية عديدة.
لقد لاحظنا قوة الصدمة على أنصار التنظيم في الأردن والخارج بعد التسجيل المصور لجريمة الشهيد الكساسبة، وقد عبروا عن ذلك بعبارات صريحة لوسائل الإعلام. ويمكنني هنا أن أعيدكم إلى تصريحات بعض قيادات التيار السلفي الأردني لموقع "سي. إن. إن" العربي في اليوم التالي لجريمة الكساسبة.
لقد وجد المتعاطفون مع "داعش" أن من واجبهم إنقاذ سمعة التنظيم من أفعال منتسبيه، عبر حملات التشكيك بتسجيلات تصور ما يقترف من جرائم. باختصار، إنهم داعشيون أكثر وأخطر من "داعش".
(الغد)
تكرر الموقف نفسه بعد صدور شريط الإعدام الوحشي لواحد وعشرين مصريا في ليبيا قبل نحو أسبوعين. بضعة أشخاص متحذلقين بدأوا حملة تشكيك بصحة الشريط، واجتهدوا في دحض الواقعة، والموقع الذي جرت فيه عملية قطع الرؤوس. وسمعنا في هذا المجال كلاما سخيفا وسطحيا من محللين سذج، لم تتردد بعض القنوات الفضائية في استضافتهم لتحليل الشريط فنيا، وكشف زيفه.
كان مبررا حصول مثل هذا الجدل مع الإصدارات الأولى من شرائط إعدام الرهائن بطرق وحشية؛ فقد بدا الأمر في حينه صعبا على التصديق من هول ما ظهر في تلك التسجيلات من مشاهد مروعة. لكن مع استمرار "داعش" في ارتكاب هذه الجرائم، والتفنن في تنفيذها، سقطت مبررات مثل هذا الجدل.
واللافت في ما يدور من سجالات حول صحة التسجيلات من عدمها، هو أنها تأتي في ذروة الغضب الشعبي من جرائم "داعش" وأفعاله الوحشية، وكأنها محاولة لاحتواء هذه الحالة، وتبييض سمعة التنظيم الإرهابي، من خلال التشكيك بصحة الجرائم المنسوبة إليه.
وتوفر هذه الشكوك، في العادة، الفرصة لأصحاب نظرية المؤامرة للقول بأن جهات استخبارية أجنبية تقف وراء مثل هذه الجرائم لتشويه صورة العرب والمسلمين.
ومن يتابع المناقشات حول أشرطة "داعش"، سيلحظ ترابطا زمنيا بين التقارير المشككة بصحتها، والتحليلات التي تدّعي وقوف جهات أجنبية خلفها.
بيد أن لا أحد من المشككين بصحة تلك التسجيلات يسأل نفسه: إذا كان تنظيم "داعش" بريئا من تلك الأفعال، فلماذا يصمت عليها ولا يخرج قادته لنفيها أو التبرؤ منها؟
هناك بالفعل من لا يستطيع عقله أن يصدق وجود بشر يرتكبون مثل هذه الجرائم. وهناك من لا يتصور أن هؤلاء كانوا يعيشون بيننا قبل أن يلتحقوا بآلة القتل الوحشي. وعندما اجتاح التنظيم مدينة الموصل الصيف الماضي، شكك العديد من السياسيين بصحة ما نسب إليه من جرائم بحق سكان المدينة، وما تزال تصريحات بعض هؤلاء الساسة ترن في أذني.
لكن في المقابل، فإن حالة الإنكار لدى بعض الأوساط والمحللين لتسجيلات "داعش" تنطوي على خبث، ينم عن تعاطف مع التنظيم وفكره. ويرى هؤلاء، والذين ربما لا يتفقون مع بعض أساليب التنظيم الوحشية، أن من واجبهم مساعدته على تجاوز آثارها السلبية، وتقليل خسائره قدر الإمكان، والاحتفاظ بمخزونه من الزخم والتعاطف الذي يحظى به لدى أوساط من عامة الناس في بلدان عربية عديدة.
لقد لاحظنا قوة الصدمة على أنصار التنظيم في الأردن والخارج بعد التسجيل المصور لجريمة الشهيد الكساسبة، وقد عبروا عن ذلك بعبارات صريحة لوسائل الإعلام. ويمكنني هنا أن أعيدكم إلى تصريحات بعض قيادات التيار السلفي الأردني لموقع "سي. إن. إن" العربي في اليوم التالي لجريمة الكساسبة.
لقد وجد المتعاطفون مع "داعش" أن من واجبهم إنقاذ سمعة التنظيم من أفعال منتسبيه، عبر حملات التشكيك بتسجيلات تصور ما يقترف من جرائم. باختصار، إنهم داعشيون أكثر وأخطر من "داعش".
(الغد)