لا تعيدونا إلى الوراء
فهد الخيطان
جو 24 : في غضون أيام فقط، طفت إلى السطح ثلاثة ملفات دارت حولها شبهات فساد؛ شحنة القمح البولندي، والأغنام المهربة من سورية، وأخيرا اتفاقية التنقيب عن النفط التي ثار حولها جدل خطير في مجلس النواب أول من أمس.
مثل هذه القضايا تعيدنا سنوات إلى الوراء، عندما كان الرأي العام مشغولا بما عرف حينها بملفات الفساد الكبيرة، والسجال الذي دار حولها تحت قبة البرلمان، وفي وسائل الإعلام، وساحات القضاء.
شكلت تلك القضايا بمجملها إرثا ثقيلا أرهق كاهل الدولة، ووضع سمعتها ومصداقيتها على المحك.
بصراحة، لا نريد أن نعود إلى تلك الأيام؛ فقد استنزفت طاقتنا، وأضرت بسمعة البلاد، وضربت جسور الثقة بين مؤسسات الدولة والمجتمع، بفعل الطريقة التي أديرت بها، وسعي بعض الأطراف إلى إغلاق الملفات أو تسكينها، والاكتفاء بمعالجات انتقائية.
في عهد حكومة د.عبدالله النسور، انخفض منسوب الحديث عن قضايا الفساد الكبير. وعندما كانت هناك حاجة لاتخاذ مواقف محددة من ملفات مشبوهة، لم يتردد د.النسور في حسمها؛ كقضية أسطوانات الغاز الهندية، التي تمسكت مؤسسة المواصفات والمقاييس برفض إدخالها رغم الضغوط الكبيرة. وفي نهاية الأمر، انحاز رئيس الحكومة لموقف المؤسسة ومنع إدخال الشحنة.
الملفات الثلاثة التي أشرنا إليها تخضع حاليا لمداولات وتحقيقات. شحنة القمح محل خلاف بين مؤسسات الرقابة وهيئات حكومية. وملف الأغنام صار في عهدة هيئة مكافحة الفساد، وجهات أخرى تفحص تفاصيله بعناية، بعد ما تردد من معلومات خطيرة عن تورط أشخاص نافذين في العملية. أما اتفاقية النفط، فهي "ما تزال على النار" كما يقال، وأعلن النائب خليل عطية تحت القبة أمس أنه بصدد التقدم ببلاغ للنائب العام للتحقيق فيما قال إنها محاولة رشوة تعرض لها لعدم تمرير الاتفاقية في البرلمان.
يتعين على الجهات المعنية في القضايا الثلاث أن تأخذ الأمر على محمل الجد ولا تخضع لضغوط المتنفذين، والسير في التحقيقات حتى النهاية وبأقصى سرعة ممكنة، لإجلاء الحقيقة كاملة للرأي العام، وتحويل المتهمين أو المقصرين في أداء الواجب إلى القضاء.
بعد سنوات من التخبط في معالجة ملفات تدور حولها الشبهات، توافق الجميع على السير إلى الأمام، وعدم التوقف عند الماضي. والأهم، فتح صفحة جديدة عنوانها الشفافية والمصارحة، واحترام سيادة القانون. ينبغي أن لا تهتز إرادتنا في هذا الاتجاه، وأن نمضي في تطبيق القانون على الجميع من دون استثناءات.
الرأي العام الأردني ليس سلبيا ولا سوداويا، ويقدر للحكومات مواقفها الشجاعة دفاعا عن مصالح البلاد والعباد. وما نزال نذكر كيف استقبل الناس باحترام كبير قرار "المواصفات والمقاييس"، وموقف مديرها الشجاع الذي رفض المساومة على حياة الأردنيين في قضية الأسطوانات الهندية.
في الأثناء، لا يجوز استغلال مثل هذه القضايا من البعض لتحقيق مكاسب شعبية على حساب المصلحة العامة. فوجود خلاف على مواصفات شحنة القمح، على سبيل المثال، لا يعني أنها قضية فساد. ففي مثل هذه الأمور يجب الاحتكام إلى المعاير العلمية والتقنية البحتة، وليس للمزاج العام.
لكن في كل الحالات، لا يجوز إهمال حق الرأي العام في معرفة الحقائق، لأن تجاهل هذا الحق هو العامل المسؤول عن تآكل الثقة الشعبية بمؤسسات الدولة.
مثل هذه القضايا تعيدنا سنوات إلى الوراء، عندما كان الرأي العام مشغولا بما عرف حينها بملفات الفساد الكبيرة، والسجال الذي دار حولها تحت قبة البرلمان، وفي وسائل الإعلام، وساحات القضاء.
شكلت تلك القضايا بمجملها إرثا ثقيلا أرهق كاهل الدولة، ووضع سمعتها ومصداقيتها على المحك.
بصراحة، لا نريد أن نعود إلى تلك الأيام؛ فقد استنزفت طاقتنا، وأضرت بسمعة البلاد، وضربت جسور الثقة بين مؤسسات الدولة والمجتمع، بفعل الطريقة التي أديرت بها، وسعي بعض الأطراف إلى إغلاق الملفات أو تسكينها، والاكتفاء بمعالجات انتقائية.
في عهد حكومة د.عبدالله النسور، انخفض منسوب الحديث عن قضايا الفساد الكبير. وعندما كانت هناك حاجة لاتخاذ مواقف محددة من ملفات مشبوهة، لم يتردد د.النسور في حسمها؛ كقضية أسطوانات الغاز الهندية، التي تمسكت مؤسسة المواصفات والمقاييس برفض إدخالها رغم الضغوط الكبيرة. وفي نهاية الأمر، انحاز رئيس الحكومة لموقف المؤسسة ومنع إدخال الشحنة.
الملفات الثلاثة التي أشرنا إليها تخضع حاليا لمداولات وتحقيقات. شحنة القمح محل خلاف بين مؤسسات الرقابة وهيئات حكومية. وملف الأغنام صار في عهدة هيئة مكافحة الفساد، وجهات أخرى تفحص تفاصيله بعناية، بعد ما تردد من معلومات خطيرة عن تورط أشخاص نافذين في العملية. أما اتفاقية النفط، فهي "ما تزال على النار" كما يقال، وأعلن النائب خليل عطية تحت القبة أمس أنه بصدد التقدم ببلاغ للنائب العام للتحقيق فيما قال إنها محاولة رشوة تعرض لها لعدم تمرير الاتفاقية في البرلمان.
يتعين على الجهات المعنية في القضايا الثلاث أن تأخذ الأمر على محمل الجد ولا تخضع لضغوط المتنفذين، والسير في التحقيقات حتى النهاية وبأقصى سرعة ممكنة، لإجلاء الحقيقة كاملة للرأي العام، وتحويل المتهمين أو المقصرين في أداء الواجب إلى القضاء.
بعد سنوات من التخبط في معالجة ملفات تدور حولها الشبهات، توافق الجميع على السير إلى الأمام، وعدم التوقف عند الماضي. والأهم، فتح صفحة جديدة عنوانها الشفافية والمصارحة، واحترام سيادة القانون. ينبغي أن لا تهتز إرادتنا في هذا الاتجاه، وأن نمضي في تطبيق القانون على الجميع من دون استثناءات.
الرأي العام الأردني ليس سلبيا ولا سوداويا، ويقدر للحكومات مواقفها الشجاعة دفاعا عن مصالح البلاد والعباد. وما نزال نذكر كيف استقبل الناس باحترام كبير قرار "المواصفات والمقاييس"، وموقف مديرها الشجاع الذي رفض المساومة على حياة الأردنيين في قضية الأسطوانات الهندية.
في الأثناء، لا يجوز استغلال مثل هذه القضايا من البعض لتحقيق مكاسب شعبية على حساب المصلحة العامة. فوجود خلاف على مواصفات شحنة القمح، على سبيل المثال، لا يعني أنها قضية فساد. ففي مثل هذه الأمور يجب الاحتكام إلى المعاير العلمية والتقنية البحتة، وليس للمزاج العام.
لكن في كل الحالات، لا يجوز إهمال حق الرأي العام في معرفة الحقائق، لأن تجاهل هذا الحق هو العامل المسؤول عن تآكل الثقة الشعبية بمؤسسات الدولة.