بماذا يفيدنا الاستطلاع؟
فهد الخيطان
جو 24 : أظهرت نتائج استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، والتي أعلنت أول من أمس، أن صدمة الأردنيين بالعمل الوحشي الذي ارتكبه تنظيم "داعش" بحق الطيار الشهيد معاذ الكساسبة، أحدثت انقلابا كبيرا وكاسحا في أوساط الرأي العام الأردني تجاه التنظيمات المتطرفة في المنطقة، خاصة "داعش". وتبدى هذا الانقلاب بموقف الأغلبية المطلقة "95 %" من "داعش" بوصفه تنظيما إرهابيا، وتهديدا لأمن واستقرار الأردن "83 %".
كما يُظهر الاستطلاع أن الجماعات الأخرى المحسوبة على التيار المتطرف؛ "القاعدة" و"النصرة"، خسرت، وإن بدرجة أقل من "داعش"، ما كان لها من حضور وتعاطف في الشارع الأردني. ومرد ذلك التحول الكبير في المزاج العام الأردني حيال مدارس التطرف الفكري والسياسي، ممارسات "داعش" الشنيعة.
يبقى لافتا في الاستطلاع تجاوز نسبة من يعتقدون أن حزب الله تنظيم إرهابي حاجز الخمسين في المائة، مع أن الحزب لم يقدم على عمل يشكل تهديدا للأمن والاستقرار في الأردن.
لا شك في أن لهذا التحول المتصاعد في الموقف من حزب الله علاقة بدوره إلى جانب النظام في سورية. لكن هذا الدور لم يشهد تغيرا جوهريا عما كان عليه منذ سنة تقريبا، يبرر ارتفاع النسبة عشر درجات، مقارنة بآخر استطلاع رأي.
يبدو أن المستجيبين لأسئلة الاستطلاع، والذين أيدوا بأغلبية كاسحة وصف منظمات "سُنّية" بالإرهابية، حرصوا أن لا يصب ذلك في صالح نظام بشار الأسد والمنظمات "الشيعية" الداعمة له، ولهذا اتخذوا، وبشكل تلقائي، موقفا مماثلا منها.
لكن بعيدا عن مقاربة الموقف من حزب الله والمنظمات الأخرى المحسوبة على إيران في دول المنطقة، نتوقف عند خلاصتين مهمتين للأردن.
الأولى، أن تنظيم "داعش" خسر معركة الطيار الكساسبة مع الأردن. فبعد أن سعى إلى استثمار احتجازه، ثم قتله بهذه الطريقة الوحشية، إلى تأليب الشارع الأردني ضد الدولة وسياستها في الحرب على الإرهاب، فوجئ التنظيم بانتفاضة الأردنيين ضده، والتفافهم غير المسبوق حول الدولة ورمزها الملك عبدالله الثاني، ومؤسساتها العسكرية والأمنية على وجه الخصوص. ويظهر ذلك جليا في نسبة من يعتقدون أن تلك الأجهزة كانت ناجحة في إدارتها للأزمة مع "داعش"، وفي تأييد 87 % لمشاركة الأردن في الحرب ضد "داعش"، باعتبارها "خطوة استباقية لحماية مصالح وأمن الأردن".
لقد أدركت قيادة التنظيم الإرهابي هذه الحقيقة قبل أن تصدر نتائج استطلاع مركز الدراسات، وحاولت عبر تسجيلها الأخير تبرير موقفها، برسالة حملها هذه المرة عنصر أردني في التنظيم. لكن حتى هذه المحاولة ارتدت سلبا على "داعش"؛ إذ كان يكفي أن يذكر اسم أبو مصعب الزرقاوي، كي يتذكر عامة الأردنيين فعلته النكراء بحق الأبرياء في فنادق عمان قبل عشر سنوات، وجريمته التي راح ضحيتها نحو ستين شخصا من المدعوين لحفلة زواج.
الثانية، تبلور أغلبية واسعة وطاغية في المجتمع الأردني معادية للجماعات المتطرفة وفكرها الإقصائي. هذا المخزون الكبير من العداء للقوى الظلامية والمتطرفة، ينبغي استثماره لتنفيذ أوسع وأعمق عملية إصلاح ثقافي وتعليمي وديني، ومن قبل ومن بعد سياسي، لتنقية البيئة الاجتماعية الأردنية من كل مظاهر التطرف وفكره، والمصادر التي تغذيه، وعلى كل المستويات.
إن مشروعا كهذا أصبح اليوم مسلحا بدعم شعبي كبير، لا يجب التفريط به أو تبديده من دون أن نجني ثماره في كل الميادين التي ترددنا كثيرا في إصلاحها.
كما يُظهر الاستطلاع أن الجماعات الأخرى المحسوبة على التيار المتطرف؛ "القاعدة" و"النصرة"، خسرت، وإن بدرجة أقل من "داعش"، ما كان لها من حضور وتعاطف في الشارع الأردني. ومرد ذلك التحول الكبير في المزاج العام الأردني حيال مدارس التطرف الفكري والسياسي، ممارسات "داعش" الشنيعة.
يبقى لافتا في الاستطلاع تجاوز نسبة من يعتقدون أن حزب الله تنظيم إرهابي حاجز الخمسين في المائة، مع أن الحزب لم يقدم على عمل يشكل تهديدا للأمن والاستقرار في الأردن.
لا شك في أن لهذا التحول المتصاعد في الموقف من حزب الله علاقة بدوره إلى جانب النظام في سورية. لكن هذا الدور لم يشهد تغيرا جوهريا عما كان عليه منذ سنة تقريبا، يبرر ارتفاع النسبة عشر درجات، مقارنة بآخر استطلاع رأي.
يبدو أن المستجيبين لأسئلة الاستطلاع، والذين أيدوا بأغلبية كاسحة وصف منظمات "سُنّية" بالإرهابية، حرصوا أن لا يصب ذلك في صالح نظام بشار الأسد والمنظمات "الشيعية" الداعمة له، ولهذا اتخذوا، وبشكل تلقائي، موقفا مماثلا منها.
لكن بعيدا عن مقاربة الموقف من حزب الله والمنظمات الأخرى المحسوبة على إيران في دول المنطقة، نتوقف عند خلاصتين مهمتين للأردن.
الأولى، أن تنظيم "داعش" خسر معركة الطيار الكساسبة مع الأردن. فبعد أن سعى إلى استثمار احتجازه، ثم قتله بهذه الطريقة الوحشية، إلى تأليب الشارع الأردني ضد الدولة وسياستها في الحرب على الإرهاب، فوجئ التنظيم بانتفاضة الأردنيين ضده، والتفافهم غير المسبوق حول الدولة ورمزها الملك عبدالله الثاني، ومؤسساتها العسكرية والأمنية على وجه الخصوص. ويظهر ذلك جليا في نسبة من يعتقدون أن تلك الأجهزة كانت ناجحة في إدارتها للأزمة مع "داعش"، وفي تأييد 87 % لمشاركة الأردن في الحرب ضد "داعش"، باعتبارها "خطوة استباقية لحماية مصالح وأمن الأردن".
لقد أدركت قيادة التنظيم الإرهابي هذه الحقيقة قبل أن تصدر نتائج استطلاع مركز الدراسات، وحاولت عبر تسجيلها الأخير تبرير موقفها، برسالة حملها هذه المرة عنصر أردني في التنظيم. لكن حتى هذه المحاولة ارتدت سلبا على "داعش"؛ إذ كان يكفي أن يذكر اسم أبو مصعب الزرقاوي، كي يتذكر عامة الأردنيين فعلته النكراء بحق الأبرياء في فنادق عمان قبل عشر سنوات، وجريمته التي راح ضحيتها نحو ستين شخصا من المدعوين لحفلة زواج.
الثانية، تبلور أغلبية واسعة وطاغية في المجتمع الأردني معادية للجماعات المتطرفة وفكرها الإقصائي. هذا المخزون الكبير من العداء للقوى الظلامية والمتطرفة، ينبغي استثماره لتنفيذ أوسع وأعمق عملية إصلاح ثقافي وتعليمي وديني، ومن قبل ومن بعد سياسي، لتنقية البيئة الاجتماعية الأردنية من كل مظاهر التطرف وفكره، والمصادر التي تغذيه، وعلى كل المستويات.
إن مشروعا كهذا أصبح اليوم مسلحا بدعم شعبي كبير، لا يجب التفريط به أو تبديده من دون أن نجني ثماره في كل الميادين التي ترددنا كثيرا في إصلاحها.