تأجيل الانتخابات.. لم لا؟
فهد الخيطان
جو 24 : إلى الأمس القريب، كان أغلب الساسة والإعلاميين، إلى جانب أوساط واسعة في الرأي العام، تؤيد إجراء انتخابات نيابية مبكرة، وتعارض بشدة فكرة تأجيلها. لكني أعتقد اليوم أن هذا الإجماع بدأ يتصدع، على وقع تطورات لم يكن من المتوقع حدوثها.
الهدف من إجراء انتخابات مبكرة هو إعادة بناء حالة الإجماع الوطني وفق أسس ومعايير جديدة، تفضي إلى تغيير قواعد اللعبة السياسية وأسلوب ممارسة الحكم في البلاد، وإشراك كافة القوى السياسية والاجتماعية في العملية الانتخابية، بما يضمن توسيع قاعدة المشاركة في صناعة القرار، والشروع في عملية إصلاح واسعة تعيد ترميم جسور الثقة بين الدولة والمجتمع. بمعنى آخر، تجديد العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم.
لا يجادلني أحد في أن تحقيق هذا الهدف ما يزال ممكنا، وسط حالة الانقسام الحاد حول قانون الانتخاب، وقرار قوى رئيسة في البلاد مقاطعة الانتخابات.
لأسابيع قليلة ماضية، كان الأمل يحدو الكثيرين بإمكانية حدوث اختراق سياسي يجنبنا الانقسام، لكن الآمال خابت؛ فقد فشلت كل الجهود الرامية إلى تجاوز عقدة المقاطعة، وتمترست الجهات الرسمية خلف مواقف متصلبة، فيما سيطر مزاج متشائم على أوساط المعارضة وصل بها إلى حد مقاطعة عملية التسجيل للانتخابات.
يفصلنا عن الموعد المفترض للانتخابات نحو 120 يوما، لكن مع كل ساعة تمر تتصاعد لهجة التهديد بين الحكومة وجبهة المقاطعة. وإذا ما واصلنا على هذا المنوال، فإن الصدام حاصل لا محالة في الأسابيع المقبلة.
الانتخابات المقبلة ليست استحقاقا دستوريا تجرى بمن حضر، وإنما هي انتخابات مبكرة، الهدف منها تصويب المسار العام في البلاد، بعد سلسلة من الخطوات الإصلاحية المهمة. وفي مثل هذه الحالات، فإن مشاركة القوى كافة فيها هو شرط لا بد منه، وإلا فقدت الانتخابات مبررها.
كنا نعتقد أن لا مبرر لتأجيل الانتخابات ما دام هناك فرصة لإنجاز قانون انتخاب توافقي في ظل وجود مجلس النواب الحالي. لكن هذه الإمكانية انتفت تماما بعد إعلان الحكومة أن القانون بصيغته الحالية هو الذي ستجرى على أساسه الانتخابات.
إزاء هذه الحال، لنفكر بالسؤال التالي: أوليس بقاء المجلس الحالي لعدة أشهر أهون من إجراء انتخابات مبكرة تضع نهاية مأساوية لعملية الإصلاح في البلاد؟
تأجيل الانتخابات لبضعة أشهر سيخفف من حالة الاحتقان السياسي. وإذا ما ترافق التأجيل مع تغيير حكومي، فربما نحظى بفريق وزاري جديد يؤمن بالإصلاح السياسي، ويقدر أهمية التوافق الوطني في هذه المرحلة الحساسة. عندها، يمكن أن نشهد تبدلا جوهريا في ميزان القوى داخل "السيستم"، بما يسمح بإعادة فتح قانون الانتخاب من جديد. الانتخابات ليست هدفا بحد ذاتها، بل وسيلة لتحقيق أهداف كثيرة. وفي ضوء الأوضاع السائدة في البلاد، لا أرى في إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الحالي سوى قفزة نحو المجهول.
سيقول البعض إن هذا الاقتراح مجرد ترحيل للأزمة. نعم، هذا صحيح. لكن أليس ترحيل الأزمة أفضل من انفجارها؟
الغد
الهدف من إجراء انتخابات مبكرة هو إعادة بناء حالة الإجماع الوطني وفق أسس ومعايير جديدة، تفضي إلى تغيير قواعد اللعبة السياسية وأسلوب ممارسة الحكم في البلاد، وإشراك كافة القوى السياسية والاجتماعية في العملية الانتخابية، بما يضمن توسيع قاعدة المشاركة في صناعة القرار، والشروع في عملية إصلاح واسعة تعيد ترميم جسور الثقة بين الدولة والمجتمع. بمعنى آخر، تجديد العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم.
لا يجادلني أحد في أن تحقيق هذا الهدف ما يزال ممكنا، وسط حالة الانقسام الحاد حول قانون الانتخاب، وقرار قوى رئيسة في البلاد مقاطعة الانتخابات.
لأسابيع قليلة ماضية، كان الأمل يحدو الكثيرين بإمكانية حدوث اختراق سياسي يجنبنا الانقسام، لكن الآمال خابت؛ فقد فشلت كل الجهود الرامية إلى تجاوز عقدة المقاطعة، وتمترست الجهات الرسمية خلف مواقف متصلبة، فيما سيطر مزاج متشائم على أوساط المعارضة وصل بها إلى حد مقاطعة عملية التسجيل للانتخابات.
يفصلنا عن الموعد المفترض للانتخابات نحو 120 يوما، لكن مع كل ساعة تمر تتصاعد لهجة التهديد بين الحكومة وجبهة المقاطعة. وإذا ما واصلنا على هذا المنوال، فإن الصدام حاصل لا محالة في الأسابيع المقبلة.
الانتخابات المقبلة ليست استحقاقا دستوريا تجرى بمن حضر، وإنما هي انتخابات مبكرة، الهدف منها تصويب المسار العام في البلاد، بعد سلسلة من الخطوات الإصلاحية المهمة. وفي مثل هذه الحالات، فإن مشاركة القوى كافة فيها هو شرط لا بد منه، وإلا فقدت الانتخابات مبررها.
كنا نعتقد أن لا مبرر لتأجيل الانتخابات ما دام هناك فرصة لإنجاز قانون انتخاب توافقي في ظل وجود مجلس النواب الحالي. لكن هذه الإمكانية انتفت تماما بعد إعلان الحكومة أن القانون بصيغته الحالية هو الذي ستجرى على أساسه الانتخابات.
إزاء هذه الحال، لنفكر بالسؤال التالي: أوليس بقاء المجلس الحالي لعدة أشهر أهون من إجراء انتخابات مبكرة تضع نهاية مأساوية لعملية الإصلاح في البلاد؟
تأجيل الانتخابات لبضعة أشهر سيخفف من حالة الاحتقان السياسي. وإذا ما ترافق التأجيل مع تغيير حكومي، فربما نحظى بفريق وزاري جديد يؤمن بالإصلاح السياسي، ويقدر أهمية التوافق الوطني في هذه المرحلة الحساسة. عندها، يمكن أن نشهد تبدلا جوهريا في ميزان القوى داخل "السيستم"، بما يسمح بإعادة فتح قانون الانتخاب من جديد. الانتخابات ليست هدفا بحد ذاتها، بل وسيلة لتحقيق أهداف كثيرة. وفي ضوء الأوضاع السائدة في البلاد، لا أرى في إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الحالي سوى قفزة نحو المجهول.
سيقول البعض إن هذا الاقتراح مجرد ترحيل للأزمة. نعم، هذا صحيح. لكن أليس ترحيل الأزمة أفضل من انفجارها؟
الغد