انعكاسات الربيع العربي
أظهرت موجات الربيع العربي على الساحة، قيادات عربية وحزبية ذات توجهات إسلامية، كما وقوت هذه الموجات من موقف الأحزاب الإسلامية في الدول التي لا تزال تناضل لتحقيق إصلاحات، وتسعى للتغيير، وهو الأمر الذي يعد خطر حقيقي ينعكس على الأنظمة التي لا تزال متمسكة بالسلطة المطلقة، وتحصن الفساد، وتستخدم الطرق القمعية لمواجهة المطالب الشعبية، وتضعهم في أقفاص الاتهام بقضايا وتهم أدناها تقويض نظام الحكم، أو إطالة اللسان، في محاولة منها إلى الحد من سقوف المطالب الإصلاحية، واستخدامها كوسيلة ترهيب وفرض للسيطرة.
وبالإضافة للخطر الذي يحيط بهذه الأنظمة، فان الحراكات الشعبية لها أيضا انعكاسات على إسرائيل، سواء كان خطر امني، أو خطر اقتصادي، أو سياسي، و تحاول إسرائيل جاهدة على إحباط الشعوب العربية، وإيهامها بان حركات الربيع العربي هي حركات مدعومة من الخارج، في محاولة منها إلى المحافظة على ما تبقى من الأنظمة القائمة حاليا، وذلك لكون هذه الأنظمة تعتبر السياج الحامي لأمنها، ومن خلال الحوادث الزمنية السابقة، فان هذه الأنظمة مستسلمة للأمر الواقع، ولا تجد أي طريقة للتعامل مع إسرائيل إلا من خلال الوسطاء الدوليين، والذين هم في نفس الوقت لا يمارسون أي ضغوط حقيقية على إسرائيل، فزادت قوتها، وازدادت الأنظمة العربية في مقابل ذلك ضعفا.
فمن المستبعد إحراز أي مكاسب لمصلحة إسرائيل في ظل الربيع العربي، فالأحزاب الإسلامية تستمد قراراتها من ضوابط شرعية في إطارها العام على الأقل، وتستطيع أن تحشد جمهور كبير من المواطنين لدعم قراراتها، في حين أن الأنظمة العربية البائدة، أو تلك التي في طريقها للفناء، كانت تصدر قراراتها بموجب الفروض الخارجية التي تقع عليها، ومن باب تحقيق المصالح الخاصة لهم على حساب الشعوب، التي كانت تتغنى بالوطنية وأمجاد الزعماء، قبل لحظة الاستيقاظ من السبات العميق.
وعلى الرغم من المحاولات الإسرائيلية، والتي تستخدم بها كل فنون المكر السياسي والإعلامي لمحاولة تشويه الحراكات الشعبية، والتي من أمثلتها تصريحات نتنياهو، بان الأردن سيلحق بالفوضى السياسية، وان ما سيشهده الأردن من أحداث سيكون على درجة من العنف تفوق تلك التي شهدتها سوريا، ويتنبئون أيضا بان أوان هذه الأحداث بات قريبا، وان ما يؤخرها فقط هو صمود الأسد في سوريا، فإدراج مثل هذه التصريحات يوهم بان الحراكات التي تشهدها الساحة الأردنية هي حراكات مسيرة بمعرفتهم وتخطيطهم، وهذا الأمر أيضا يروق لسكان القبة السياسية والأمنية في البلاد، والذين يسعون بدورهم لحشد اكبر عدد ممكن لمواجهة الحراكات الشعبية بهم، وتحت شعارات الحفاظ على الأمن، وشعارات مناهضة إنشاء الوطن البديل، وكان الحراكات الشعبية هي من تعبئ لتقويض الأمن، وتروج للوطن البديل، وان الحكومة بشخصياتها الكريمة براء من ذلك.
kayedrkibat@gmail.com