عفو ملكي عاجل
من المقرر أن جلالة الملك سيلتقي اليوم في الديوان الملكي، بمختلف الفعاليات الشعبية، وهذا لقاء طيب في أيام مباركة وفي ظروف استثنائية، فاقتصاد البلاد ينحدر سريعا نحو الهاوية، نتيجة عوامل متعددة أدت إلى الوصول لهذه الحالة، وتحتاج إلى حلول سريعة قبل فوات الأوان، فالحكومة تدرك تماما حساسية أي قرار يمكن أن يكون له آثار سلبية على الأوضاع المعيشية، التي تبدو متعسرة على كثير من أفراد الشعب، الذين أرهقتهم تكاليف المعيشة، وأصبحت القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية من الضروريات، أمر يصعب تحقيقه لدى الكثيرين.
وفي الوقت نفسه تعجز الحكومة عن تقديم أي دعم للمواطن، نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها من جهة، ونتيجة للظروف المختلفة التي تنعكس آثارها على المملكة، نتيجة الصراعات التي تفرض نفسها في المنطقة، وعلى وجه الخصوص الأوضاع في سوريا.
و المشكلة أيضا تتزايد، نتيجة إقحام الحكومة نفسها في محاولة الحد من التجاوزات الفردية، بتأطير قوانين ناظمة جديدة، ليست ظروف المرحلة الحالية مناسبة لها، بل إن إصدار هذه القوانين في هذا الوقت يعتبر تجاوز من الحكومة على الحريات، وكمثال على ذلك قانون المطبوعات وتعديلاته، فكان بإمكان الحكومة الاعتماد على التشريعات التي كانت متاحة، وإرجاء مثل هذا القانون للوقت المناسب، بدل خلق حالة من التوتر وعدم الرضا بين الأوساط الشعبية والمؤسسية المختلفة.
ومن القضايا الحساسة التي ورثتها حكومة النسور، قضية المعتقلين الشباب، التي تصدح الحناجر بالمطالبة بالإفراج الفوري عنهم، رغم حدة الشعارات التي كانوا يتبنونها، ولا يزالون مصرين على تبنيها والمناداة بها، والتي تقف الحكومة بأجهزتها المختلفة وقفة حاسمة حيالها، إلا إن وقفتها هذه في نظر الفعاليات الشعبية، وقفة قاصرة وعاجزة، لان النتيجة الطبيعية لها، تزايد أعداد مناصري المعتقلين، وتبنيهم لنفس تلك الأفكار والشعارات المحرمة، وعدم التردد من إطلاقها وباللحن الغنائي، عند انطلاق أي مسيرة شعبية.
وكنتيجة طبيعية للقاء الذي سيجمع الملك بمختلف الفعاليات الشعبية، ستكون النتائج مخيبة للآمال من هذا اللقاء، إذا لم تكن من الملك مبادرة بالعفو عن المعتقلين السياسيين والشباب فورا، وفي نفس الوقت لا نتوقع أبدا أن هذا العفو، سيكون معناه أن إطلاق الشعارات خلال المسيرات القادمة، سيتوقف عند حد معين، فالعفو الملكي إن تم، لا يعني اندراجه تحت مثل ( إذا أكرمت الكريم ملكته، وإذا أكرمت اللئيم تمردا)، ولكن الشيء المعلوم والمؤكد، أن حالة إطلاق الشعارات المزعجة، للحكومة والقصر، هي حالة طبيعية في هذه المرحلة، رغم خطورتها وانفلاتها، و ستبقى دائما خارج نطاق السيطرة، وعرضه للتكرار باستمرار.
kayedrkibat@gmail.com