الأردن يدخل الأزمة السورية من شماله
فهد الخيطان
جو 24 : على وقع تطورات الأزمة السورية، تتحول المناطق الشمالية من المملكة إلى مسرح عمليات يجذب اهتمام العالم كله. ففي غضون أشهر قليلة، وجد سكان إربد والمفرق والرمثا وقراها أنفسهم في خضم الحدث السوري وتشابكاته الإقليمية والدولية.
عشرات الآلاف من اللاجئين يحتلون الساحات والحدائق، ومخيمات في أطراف المدن. حشود عسكرية على الجانبين، وأصوات المدافع والطائرات على مدار الساعة، ومواكب لمبعوثين أمميين وعرب تجوب المناطق يوميا، ومحطات تلفزة تبث من وسط الأحياء الشعبية. عملاء سريون لأجهزة استخبارات عالمية، وفرق إغاثة من مختلف الجنسيات، ومستشفيات ميدانية.
جهاديون ينتظرون حلول الليل للتسلل إلى درعا، وتجار أسلحة يبرمون الصفقات مع الثوار.
واجهت الحدود الأردنية مع العراق أوضاعا مشابهة في حربي الخليج الأولى والثانية، لكن الفرق أن هناك صحراء شاسعة كانت تفصل مسرح العمليات عن المناطق المأهولة بالسكان، باستثناء بلدة الرويشد الصغيرة التي عايشت المأساة العراقية عن قرب.
في الحالة السورية الوضع مختلف تماما؛ نقاط التماس الاجتماعي تمتد على طول الحدود، والقوى من الطرفين تكاد تشتبك مع بعضها يوميا. بمعنى آخر، مسرح العمليات متداخل جغرافيا وسكانيا، وأحيانا عسكريا؛ فالمناوشات بين الجيشين صارت شبه يومية، وعناصر الجيش الحر تتواجد على الجانبين. ويسهّل من عملية التواصل استخدام نفس شبكات الاتصال الهاتفي في درعا والرمثا.
الأزمة في سورية ستطول، حسب تقدير خبراء في شؤون المنطقة. ذلك يعني المزيد من موجات اللجوء، واستمرار حالة الاستنفار العسكري إلى أمد غير منظور، واتساع نطاق جهود الإغاثة الدولية. لكن ربما يخبئ المستقبل لمناطق الشمال ما هو أصعب من ذلك. فمنذ يومين، بدأت الإدارة الأميركية تتحدث، وبشكل صريح، عن احتمال فرض مناطق حظر طيران في سورية. وعقب مباحثات مع نظيرها التركي في اسطنبول أول من أمس، صرحت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، بأنها بحثت في خطط عملانية وتبادل البيانات مع الجانب التركي، بغية "تسريع نهاية إراقة الدماء ونظام الأسد. هذا هو هدفنا الاستراتيجي" تقول كلينتون.
إذا أجازت الإدارة الأميركية هذا الخيار، فإن فرض حظر الطيران لن يقتصر على الحدود السورية مع تركيا، بل سيشمل الحدود مع الأردن. وسيكون هذا بلا شك تحولا دراماتيكيا في مسرح العمليات، تصبح المناطق الشمالية معه جبهة شمالية بالفعل.
قوات الأسد التي تخوض حربا انتحارية لن تسلم بالحظر الجوي، ولن تتوانى عن المواجهة وتوسيع نطاق العمليات، بما يمهد لتدخل عسكري واسع لتسريع نهاية النظام.
ليس سهلا التنبؤ بمسار الأحداث، لكن الأشهر القليلة المقبلة فاصلة في حياة سكان المناطق الشمالية، وعليهم الاستعداد لأيام حافلة وعاصفة."الغد"
عشرات الآلاف من اللاجئين يحتلون الساحات والحدائق، ومخيمات في أطراف المدن. حشود عسكرية على الجانبين، وأصوات المدافع والطائرات على مدار الساعة، ومواكب لمبعوثين أمميين وعرب تجوب المناطق يوميا، ومحطات تلفزة تبث من وسط الأحياء الشعبية. عملاء سريون لأجهزة استخبارات عالمية، وفرق إغاثة من مختلف الجنسيات، ومستشفيات ميدانية.
جهاديون ينتظرون حلول الليل للتسلل إلى درعا، وتجار أسلحة يبرمون الصفقات مع الثوار.
واجهت الحدود الأردنية مع العراق أوضاعا مشابهة في حربي الخليج الأولى والثانية، لكن الفرق أن هناك صحراء شاسعة كانت تفصل مسرح العمليات عن المناطق المأهولة بالسكان، باستثناء بلدة الرويشد الصغيرة التي عايشت المأساة العراقية عن قرب.
في الحالة السورية الوضع مختلف تماما؛ نقاط التماس الاجتماعي تمتد على طول الحدود، والقوى من الطرفين تكاد تشتبك مع بعضها يوميا. بمعنى آخر، مسرح العمليات متداخل جغرافيا وسكانيا، وأحيانا عسكريا؛ فالمناوشات بين الجيشين صارت شبه يومية، وعناصر الجيش الحر تتواجد على الجانبين. ويسهّل من عملية التواصل استخدام نفس شبكات الاتصال الهاتفي في درعا والرمثا.
الأزمة في سورية ستطول، حسب تقدير خبراء في شؤون المنطقة. ذلك يعني المزيد من موجات اللجوء، واستمرار حالة الاستنفار العسكري إلى أمد غير منظور، واتساع نطاق جهود الإغاثة الدولية. لكن ربما يخبئ المستقبل لمناطق الشمال ما هو أصعب من ذلك. فمنذ يومين، بدأت الإدارة الأميركية تتحدث، وبشكل صريح، عن احتمال فرض مناطق حظر طيران في سورية. وعقب مباحثات مع نظيرها التركي في اسطنبول أول من أمس، صرحت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، بأنها بحثت في خطط عملانية وتبادل البيانات مع الجانب التركي، بغية "تسريع نهاية إراقة الدماء ونظام الأسد. هذا هو هدفنا الاستراتيجي" تقول كلينتون.
إذا أجازت الإدارة الأميركية هذا الخيار، فإن فرض حظر الطيران لن يقتصر على الحدود السورية مع تركيا، بل سيشمل الحدود مع الأردن. وسيكون هذا بلا شك تحولا دراماتيكيا في مسرح العمليات، تصبح المناطق الشمالية معه جبهة شمالية بالفعل.
قوات الأسد التي تخوض حربا انتحارية لن تسلم بالحظر الجوي، ولن تتوانى عن المواجهة وتوسيع نطاق العمليات، بما يمهد لتدخل عسكري واسع لتسريع نهاية النظام.
ليس سهلا التنبؤ بمسار الأحداث، لكن الأشهر القليلة المقبلة فاصلة في حياة سكان المناطق الشمالية، وعليهم الاستعداد لأيام حافلة وعاصفة."الغد"