jo24_banner
jo24_banner

الى روح استاذي .. عبد الله رضوان

فيصل تايه
جو 24 : ايها الراحلون هل تعلمون ان للموت جلال ، كما له مرارة وألم وشعور بالغ بالفقد، نحن وحدنا من تمتد به الحياة نبكيكم، ونذرف الدمع في وداعكم.
أتعلمون لماذا يثير الموت هذه الرهبة الكبرى؟ ولماذا نبكي الراحلين وقد امتدت بهم مراحل أخرى لمحطات أخرى انتظاراً لحياة أخرى، ونحن سائرون إليها شئنا أم أبينا؟


حقيقة الامر اننا لا نبكيهم لأنهم رحلوا، بل نبكي أنفسنا لأنهم تركونا وحدنا، إن كل آلامنا ودموعنا وفراقنا وقلقنا لأننا لن نراهم بعد اليوم في دنيانا، وقد كانوا بعض سلوتنا أو جزءاً من حياتنا أو بقية من رفاقنا.. إننا نبكي من أجلنا نحن، لا من أجلهم، لأنهم رحلوا، فلن يشعروا ببكائنا، ولن يستعيدوا شيئاً مما مضى، ولن يكون بمقدورهم أن يصنعوا شيئاً لأنفسهم أو لنا.

الامر كذا اننا نحن إذن من يجزع، لأن الراحلين انطفأت شموعهم في حياتنا، ولأن رحيلهم إعلان كبير بأن قطار العمر ماضٍ، والأيام حبلى والقدر محتوم.. وللموت جلال أيها الباقون.

ها هو أستاذي عبد الله رضوان قد رحل ، البلدي الأليف الذي كان يضحك كمحارب ، والراقي الفخم بالصداقات واللمحات النقدية النقيّة.
رحل عبد الله رضوان ، ذلك المعلم في الشعر والنقد والأدب الناصع الذي سأفتقده ، مات المستفز الحنون، والكئيب الشهم الذي كان يمنح الأمل للغرباء .
هذا اليوم فارقتنا روح شفافة صافية، فيه من الكبار العبقرية والخبرة. كان حكمة تتحرك على الأرض وإحساساً يتوجع , رحل بصفته أجمل رابح وأجمل خاسر عرفته ، وقد قضى حياته في استذكار الجميع وفي عقلة وفكره كل الشرفاء .. رحل قامة باسقة ووحيداً وواضحاً ومتشنّجاً تنتظره الأمنيات مكلّلة بهمومه القديمة والجديدة معاً.. رحل وقد عاش حياته ينقد بحب بالرغم من التعب المكدّس في زحمة أيامه .

على أنه الراحل عبد الله رضوان الذي لا يشابهه احد ، هو المتأصل في أيامنا القادمات، كما من الصعب محاكاته، فهو من كان أكثر عطاء وتنوعاً وتميّزاً في كل المجالات التي أبدع فيها، كمن أرى فبه المؤرّخ والناقد والمفكر وليس الشاعر فقط ، رغم أنه المجدد الاستثنائي الفاعل داخل الشكل الكلاسيكي للقصيدة، وهو المأهول بالتفرد الساطع والمثير في عرش الروح الجمعية، فيما ستبقى له أهمية ثقافية قصوى في الضمير الجمعي بالتأكيد، ليس لأنه صوت خاص فقط وصاحب مزاج خصوصي جداً في الفكرة والإبداع والموقف على أنه “الواحد الذي لا يتكرّر” كشاعر وكمثقف، وهو قانون أخلاقي في الثقافة المعاصرة، سيبقى في رؤوس محبيه كقيمة دائماً، كما ستظل قيمته تنمو وتتطور على مدار الحلم.

فيا أيها الوطن الذي تحتضن العظماء اطبق عليه من حبك ومن ترابك الطهور ما تقر بيه عينة ونفسه وروحه يا من امتزجت روحك بأرواحنا حتى نموت
فالى رحمة الله استاذي الجميل " عبدالله رضوان " والفاتحة منا ومن كل محبيك..
تابعو الأردن 24 على google news