2024-11-20 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

ماراثون الثانوية العامة في دورته الشتوية

فيصل تايه
جو 24 : بدأ بعون الله تعالى مارثون الثانوية العامة من جديد والمتكرر بدورته الشتوية وبشخوصه وأحداثه ووقائعه والمستهدف لأبنائنا الطلبة.. وها أنا اكتب كل مرة نفس العبارات التي لم ولن أجد غيرها لتكرار الحديث عن الموضوع إياه .. بالرغم من أن القائمين على ذلك يبتكرون كل دورة امتحانية سيناريو من نوع جديد وباحتياطات اجرائية ضخمة وغير مسبوقة لحماية الامتحان وأمنه ليضاف ذلك إلى مجمل الاجراءات الاحترازية ليسير الامتحان كما خطط له لكن نسبة كبيرة من طلبتنا الاعزاء تستهويهم شهوة النجاح من أجل النجاح وبأي ثمن كان ..

اذاً بدات الجولة الأولى من امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة للعام الدراسي 2013 / 2014 م .. واغلب الاسر الاردنية تعيش حالة طوارئ وجوٍ من الخوف والتوتر.. وفق منهجية تقليدية .. مفروضة على الطلبة بمنطق مستهلك .. دون مبرر موضوعي أو ذرائعي او حتى الأخذ بالتحولات الاجتماعية ومنطق حسابات التفكير الأدائية أو الجوانب المهارية البلومية..أو حتى مهارات التفكير الناقد أو الإبداعي أو الاستدلالي والتي أصبحت بحكم التغيرات التربوية الحديثة مطلب يفرض نفسه .. في ظل متغيرات معلوماتية وتكنولوجية .. وبقي طلبتنا يحملون نفس الافكار التقليدية المستهلكة المتعلقة بمستقبلهم الدراماتيكي المجهول الذي يعتمد على تحصيلهم التراكمي في الثانوية العامة.. وحسب مقدرة كل منهم على الحفظ والتذكر ليصبحوا – أعانهم الله- مسيرين إلى المجهول الذي يُفرض عليهم بمنطق التنافسية (العادلة) في الجامعات ..والتي توجه مصير شبابنا نحو مزيدا من البطالة الهيكلية المقنعة .. بعيداً عن تلبية حاجاتهم وطموحهم ورغباتهم.. فالعصف التساؤلي هو الذي يعيد الطريق نحو هذا المنطق المستشري .

كل مرة كنا نأمل أن تعيد وزارة التربية والتعليم حساباتها مع هذه الفوبيا المتكررة .. خاصة وان وزارتنا العتيدة أكدت باستمرار أن لا سبيل إلى الارتقاء بالثانوية العامة إلا عبر مؤتمر وطني عام وشامل .. وجميعنا أدركنا أن الوزارة عازمة على المضي قدماً للإعداد لذلك المؤتمر .. بقصد الوصول إلى صيغ جديدة وتغيير قائم على أسس علمية ومداخل تقنية معروفة كالتخطيط الاستراتيجي أو الجودة الشاملة أو إعادة الهندسة أو إدارة المعرفة أو إدارة الإبداع أو الإدارة بالأهداف وما إلى ذلك ..

إننا نعي تماما أن مؤسستنا التربوية الرسمية تخشى أن تواجه الكثير من التحديات التي تفرضها طبيعة التغيرات خاصة المتعلقة منها بالثانوية العامة.. ونعي أيضا أن الأمر أكثر من انتهاج مداخل القصد من ورائها أي تغيير منشود .. بل ومن الضروري أن يرافق ذلك تهيئة مسبقة للمجتمع الأردني بشكل عام والمجتمع التربوي بشكل خاص ومجتمع التعليم الثانوي بشكل أكثر خصوصية.. فكثير من التجارب التي كان هدفها النهوض بالثانوية العامة خاصة في دول الجوار كان مصيرها الفشل رغم جودتها .. إلا أنها لم تراع أبسط أبجديات التغيير المتمثل في التهيئة المسبقة وعدم إحداث التغيير بشكل فجائي وعشوائي.. ومن وجهة نظري الخاصة أجد حتماً أن الإعلام التربوي يجب أن يمارس فيها دورًا كبيرًا.

لكن دعونا نعود الى امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة الحالي فلا أحد ينكر انه يجرى سنويا لأغراض عديدة في مقدمتها محاسبة الطالب على كم المعرفة الحفظية والتذكرية التي بجعبته .. لا من أجل تحسين العملية التعليمية والاعتماد عليها في القرارات التربوية وغيرها.. وبحسب معرفتي المتواضعة بالمعايير التربوية الحديثة والقياس والتقويم التربوي المعتمد على الأسس والقواعد الفعالة فلا اعتقد أن مصطلح المحاسبة التربوية له وجود في قواميس التربية والتعليم لذلك فإنني ازعم وفق المعطيات الحالية إن الممارسات التقويمية المؤسسية لدينا هي ممارسات مكتبية شكلية تمارس بعيدة عن الواقع التعليمي الذي نحن بحاجته .

أما فيما يتعلق بالمنهجية التقليدية التي تتبعها وزارتنا العتيدة للتحضير الجيد للامتحان ذلك ما يستوجب إعداداً للقاعات وللجان المراقبة والتصحيح وما إلى ذلك من طرق الهدر التربوي ..وفي ذلك دعوني أتساءل : لماذا لا تجري عملية أتمتة لامتحانات الثانوية العامة.. ولماذا لا تكون منهجية امتحانات الثانوية العامة معتمدة على مجموعة من وسائل التقييم الحديثة المستندة إلى قواعد إجرائية واضحة ترقى إلى مستوى عال من التطور والتقدم ليقيم أداء الطالب بما ينسجم وطموحة وآماله ونسايره في تحصيله الدراسي عبر مرجعيات تقويم أو بنوك أسئلة مقننة الخصائص السيكومترية باحتراف؟ تمامًا كما في اختبارات التوفل وغيرها.

وفي مقابل ذلك يكون هناك اختبارات للقبول في الجامعات ليقبل الطالب وفقها بناء على محكات تختلف باختلاف الكفايات المطلوبة لكل تخصص.. بحيث تصبح معايير القبول مركبة من اختبار الثانوية بآليات جديدة .. واختبار القبول في الجامعة.. بالإضافة إلى اختبار القدرات.. واختبار للاتجاهات والميول وغيرها من المتطلبات. من هنا نجد ان المشكلة التربوية القائمة لدينا في الأردن أن الثانوية العامة تحولت من غاية العلم والتعلّم إلى غاية اجتياز الامتحان ..

من هنا يجب أن ندعو إلى عمل تقييم شامل ومراجعة عامة للمرحلة الثانوية .. واعتماد المناهج الدراسية الحديثة المنبثقة عن المفاهيم الواضحة المعتمدة على بيداغوجيا تعليمية متطورة .. اضافة لإعادة النظر بأدوات التقييم المتبعة.. والتصدي للمناهج الخفية المكتوبة ( مناهج الظل ) التي تعتمدها المراكز الثقافية الربحية كبدائل قوية للمناهج الرسمية .

واخيرا فإننا لا نريد أن نضع كل اللوم على وزارة التربية والتعليم وأجهزتها المختلفة.. ولكن ..!! لا نريدها أن تستمر في اعتمادها على سياسات تقييم تربوية آن لها أن تتجدد .. وفق المعايير التي سبق وتحدثت عنها .. مع ضرورة مراعاة لجميع المستويات العقلية للطلبة عند بناء التقييم لنتمكن من إزالة الفوبيا من التوجيهي.. لأننا بالفعل لا نريد أن نرى جدلية غير مبررة في الأسئلة التي لا تحاكي إلا من له القدرة على الحفظ والتذكر .. .. فلنتذكر أنهم أبناؤنا وأفراد هذا التكوين الطلابي لمجتمعنا الفتي والله ولي التوفيق
مع تحياتي
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير