2024-05-08 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

دستور لكل مواطن

فهد الخيطان
جو 24 : بالصدفة، حصلت على نسخة "جيب" للدستور الأردني المعدل من الصديق موسى المعايطة، وزير التنمية السياسية السابق. كانت النسخة من ضمن رزمة تولت وزارة التنمية السياسية طباعتها وتوزيعها على نطاق محدود.
كم مواطنا أو مسؤولا يمكنه أن يحصل على نسخة من الدستور إذا كان عدد النسخ المطبوعة لا يتعدى بضعة آلاف؟
إقرار التعديلات الدستورية العام الماضي كان المحطة الأهم في عملية الإصلاح السياسي في الأردن، والقاعدة التي بنيت عليها الخطوات اللاحقة. لكن، ما قيمة هذا الإنجاز الذي وصف بالتاريخي، إذا لم يتسن للأردنيين الاطلاع على مضامينه، والإلمام بالتعديلات التي أُدخلت عليه؟
مدخل المواطنة الحقة أن يعرف الفرد في المجتمع ما له من حقوق وما عليه من واجبات. والدستور هو الوثيقة الأولى والأساسية التي تعرّف تلك الحقوق والواجبات، بينما تكون وظيفة التشريعات الأخرى تنظيمها.
الأغلبية الساحقة من المواطنين لا يعلمون على وجه الدقة، حقوق المواطن وواجباته في الدستور. وبعد إقرار التعديلات الدستورية الأخيرة، أظهر استطلاع لمركز الدراسات الاستراتيجية أن أقل من ثلث الأردنيين على علم بتلك التعديلات.
كان ذلك بفضل وسائل الإعلام والصحف اليومية على وجه التحديد، وليس مؤسسات الدولة التي رمت الدستور خلف ظهرها بمجرد إقراره من مجلس الأمة، ولم تلتفت للحاجة إلى تنظيم حملة وطنية عامة للتعريف بالتعديلات الدستورية، وتمكين كل مواطن من اقتناء نسخة من الدستور الجديد مجانا.
وحاجة المسؤول إلى الثقافة الدستورية لا تقل عن المواطن العادي إن لم تفقها؛ فلسنوات مضت عانت الإدارة الأردنية من جهل جيل من المسؤولين "الجدد" بالدستور، الأمر الذي أغرى بانتهاكه وتجاوز أحكامه، وكان ذلك أساس الأزمة بين الدولة والمجتمع.
وفي الحالة الراهنة، حيث يدور سجال سياسي ساخن حول الإصلاحات المطلوبة، يلحظ المتابع أن أوساطا غير قليلة من المنخرطين في العمل العام تجهل طبيعة التعديلات التي أُدخلت على الدستور، وتعتمد في مواقفها السياسية على انطباعات سلبية سائدة، دون معرفة أصيلة بالنصوص الدستورية وما تمنحه من حقوق للمواطنين. ومن الأخطاء السائدة على سبيل المثال، اعتقاد الكثيرين بأن الملكية في الأردن مطلقة، مع أن وجود الدستور بحد ذاته ينفي بشكل أوتوماتيكي هذا القول. ويمكننا سرد عشرات الأمثلة على مفاهيم مغلوطة وشائعة، ناجمة في الأساس عن جهل بالدستور.
لهذه الاعتبارات كلها، أعتقد أن على مؤسسات الدولة التفكير في مبادرة لتعميم الثقافة الدستورية، تبدأ بطباعة وتوزيع نسخ من الدستور مجانا على المواطنين في أماكن العمل والدراسة والمنازل، وإضافة نصوصه إلى المقررات التعليمية في المدارس والجامعات والكليات، وتنظيم حلقات نقاشية للتعريف بحقوق المواطن وواجباته في الدستور. أوليس ذلك مدخلا لإعادة تعريف العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم، وتأطير الحوار الوطني في إطاره الدستوري بدل هذا الشطط الذي نشهده؟

الغد
تابعو الأردن 24 على google news