jo24_banner
jo24_banner

منع من النشر بالدستور|| مع الاعتذار للوزير

ابراهيم عبدالمجيد القيسي
جو 24 :

لم يعجبني جواب الناطق باسم الحكومة، وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال، الدكتور محمد المومني، على سؤال الزميل د حسين العموش، حين أفرد له وعلى غير المعتاد حلقة كاملة من برنامج رئيس التحرير على شاشة التلفزيون الأردني..سأله العموش عن الحل الممكن لمشكلة جريدة الدستور المالية، فأبدى المومني مشاعر وعواطف صادقة بلا شك، لكنها لم تقنعني ولم تعجبني أيضا، لأنها تنظر الى جريدة الدستور باعتبارها مجرد "شركة" في قطاع انتاجي ما، ولم يظهر البعد والدور الوطني لمثل هذه الصحف الأردنية التي حملت عبئا كبيرا في الذود عن الدولة الأردنية وخطابها وهويتها السياسية والفكرية والثقافية، ورابطت على ثغور الوطن لفترة تمتد إلى أكثر من نصف قرن لو أنصفنا، فتاريخ مدرسة الدستور يمتد الى تاريخ الصحف التي اتحدت وتشكلت منها جريدة الدستور الحالية، وهي صحف تم تأسيسها مطلع القرن العشرين، أي قبل أكثر من قرن من الزمان..
القول إن القصة منوطة بوزير المالية، قول ينفي البعد الوطني الملزم للدولة بقيامها بحماية منابرها الحقيقية، وهذا أمر لا يدركه كثيرون من صانعي القرار هذه الأيام، ولا أعلم إن حاولوا التفكير أو إطلاق العنان لخيالهم: كيف تتصورون حال الصحافة الأردنية التي تعتزون بها حين تخلو من صحف كالدستور والرأي؟! هل يتبقى واجهة صحفية مهنية تنبع من ينابيع أردنية وتتجذر في تاريخ الدولة الأردنية ماضيه و حاضره، وتشع فكرة أردنية وطنية ثاقبة ؟.
تحدثنا في مقالة سابقة عن قيام أمريكا بتجاوز كل تشريعات وقوانين التجارة العالمية، وقدمت دعما بلغ 30 مليار دولارا لشركة "جنرال موتورز" متعددة الجنسيات، والصديق الوزير يستطيع أن يحدثنا عن هذا الموقف الأمريكي ويجد له ما يبرره، باعتباره تجاوز "مقبول" على قوانين التجارة الدولية، ولا أعلم بصراحة، ما هي القوانين التي ستتجاوزها الحكومة حين تقدم تسهيلات لجريدة الدستور، لتعفي الورق المستخدم للطباعة من الجمارك، وتدعمها بقروض مالية ميسرة أو تسعفها في دفع رواتب صحفييها لمدة ما تراعي نجاح محاولاتها النهوض من كبوتها المالية، التي لا نبرىء الحكومات السابقة من افتعالها أو التغاضي عنها حين كان علاجها ممكنا وسهلا..
يقول الزميل حسين العموش موجها كلامه للوزير: أنا أحبك، ولا أريد أن يسجل التاريخ بأن صحيفة الدستور اختفت في عهدك، وهو كلام عاطفي أيضا، يصبح غير ذلك لو قال للوزير لن يرحمكم التاريخ كحكومة وأدت الصحافة الوطنية، وتعاملت معها كشركة أبعد من شركة أجنبية..
نقول هذا الكلام الآن، ونؤكد بأن لا شكوك أو ظنون آثمة تعتمر أو تختمر في عقولنا، ولا نعتقد على الاطلاق بأن الوزير المومني والدكتور النسور يتبنيان فعلا أجندات ضد الصحافة الوطنية، لكننا لا يمكننا أن نستوعب الوقوف على الحياد من موضوع انهيار الصحف الوطنية والنظر إليها بأنها شركات تمثل قطاعا يعاني مشاكل ككل القطاعات الأخرى، ولا نريد أن نتحدث هنا عن مقارنات ومواقف حكومية تجاه منابر الاعلام الرسمي الأخرى، التي تحظى بموازنات كبيرة، ولا تقدم أكثر مما تقدمه للوطن صحف كالدستور والرأي، الصحيفتان اللتان لا تكلفان الدولة قرشا واحدا..
بكل أسف، ثمة مقارنات ممكنة وهي ليست في صالح الحكومات المحايدة، ولا حتى في صالح أي قوى وطنية تصمت عن انهيار الصحافة الوطنية، التي يدينون لها بكل هذا الأمن الفكري الذي يمتاز به الفعل والخطاب الأردني الرسمي والمعارض..
لا تلحنوا في القول ولا تتغاضوا عن هوية الدولة وعن المؤسسات الصحفية الفعلية التي تعهدت بالحفاظ عليها.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير