يا لها من فضيحة!
للوهلة الأولى، لم أكن أصدق ما أسمع؛ رياضيون حظوا بشرف تمثيل بلادهم في أرفع تظاهرة رياضية في العالم "أولمبياد لندن للمعاقين"، متهمون بالتحرش جنسيا بأطفال ونساء في مجمع للتدريب في إحدى المقاطعات الأيرلندية!
لم نعرف إن كانوا لاعبين أو إداريين، لكن الاتهام وجه رسميا، أمس، لثلاثة من أعضاء الفريق الأردني الذي يستعد للمشاركة في أولمبياد لندن للمعاقين، والذي ينطلق نهاية الشهر الحالي، عقب مزاعم بالتحرش الجنسي. وحسب موقع "بي. بي. سي"، فإن اثنين من المتهمين وجهت إليهما الاتهامات بالتحرش بأطفال ونساء، بينما اقتصرت الاتهامات للثالث على التحرش بامرأة. ومن المفترض أن يكون الثلاثة قد مثلوا أمام المحكمة أمس.
حتى ساعة كتابة هذا المقال، لم يصدر أي تعقيب من الوفد الأردني أو الاتحاد الرياضي على هذه المزاعم، والتي نتمنى أن تكون غير صحيحة. لكن القصة، ومع الأسف، تفاعلت في وسائل الإعلام العالمية، وتصدرت المواضيع الأكثر قراءة على موقع عالمي مثل "بي. بي. سي". وسارعت وزيرة الرياضة في أيرلندا الشمالية إلى عقد اجتماع عاجل مع هيئة تطوير الرياضة لمناقشة القضية. وفي الأثناء، كانت الشرطة تفتح تحقيقا مع المتهمين والنساء اللاتي تقدمن بالشكوى.
إن صحت الاتهامات وسارت المحكمة في إجراءات محاكمة الأردنيين الثلاثة، فإننا إزاء فضيحة تلطخ سمعة الأردنيين والرياضة الأردنية.
تقشعر الأبدان لمجرد أن تسمع أو تقرأ عن حادثة تحرش بحق طفل بريء، وتكون على قناعة بأن مرتكبها مريض نفسي على الأرجح. لكنك تصاب بالذهول والصدمة عندما يكون المتهم رياضيا، أو على صلة بعالم الرياضة؛ فمن مثلهم يملك أخلاقا وصحة بدنية ونفسية تفوق الأشخاص العاديين.
نطالع باستمرار عن فضائح الرياضيين في المسابقات الدولية، وتتعلق في العادة بتعاطي المنشطات، أو الاعتداء على المدربين، ويصل الأمر أحيانا إلى تورط لاعبين مشهورين في مغامرات نسائية تجلب لهم المتاعب مع جمهورهم ومع وسائل الإعلام. لكن لم يسبق أن سمعت عن وفد رياضي يستعد لخوض منافسة عالمية، يهدر وقت التدريبات الثمين في ارتكاب جرائم تحرش بأطفال ونساء.
وفي تاريخ المشاركات الأردنية في البطولات الدولية، على تواضعها ومحدوديتها، لم يحدث أن تورط لاعب أو إداري في فضيحة تجلب سمعة سيئة له ولبلاده. والأردنيون على العموم، سواء كانوا مغتربين أو في مهمات رسمية، يعدون على الدوام مثالا للاستقامة والالتزام؛ يؤدون عملهم بإتقان، ويحرصون على سمعتهم أكثر من حرصهم على جمع المال أو الجاه.
سيكون لهذا العمل الشائن، إن ثبت، عواقب وخيمة على مشاركة الأردن في المسابقات الرياضية الدولية، وربما يرتب عقوبات ليس أقلها حرمان الوفود الأردنية من المنافسة في البطولات.
لن نستبق إجراءات المحكمة البريطانية ونصدر حكما بإلادانة، وما نزال نأمل أن تكون اتهامات التحرش مجرد ادعاءات لا أساس لها. لكن مجرد توقيف الأردنيين الثلاثة، والتعامل معهم كمتهمين، يكفي لتشويه السمعة. وإذا أصدرت المحكمة في المستقبل قرارا بالإدانة، فمن الصعب على أحد فينا أن يشكك في نزاهة القضاء البريطاني العريق.
fahed.khitan@alghad.jo
(الغد)