قانون الانتخاب.. دربكة حكومية
فهد الخيطان
ما فهمناه من مصادر رسمية، أن اللجنة الوزارية لم تستقر حتى ظهر أمس على صيغة نهائية للنظام الانتخابي، وأن الخلافات مستمرة ومتجددة بشأن نظام تقسيم الدوائر، والأسوأ أن أحدا لا يملك حتى اللحظة الجزم بتصور نهائي للقانون.
وما عرفناه أيضا أن اللجنة الوزارية تتعرض لتجاذبات عديدة، وضغوط كثيرة من أطراف رسمية تتبنى اقتراحات متباينة بخصوص الصيغة المناسبة للنظام الانتخابي. حصة القائمة المغلقة على مستوى الوطن من المقاعد، من أكثر العناوين التي تخضع للجدل. ففي الوقت الذي رغبت فيه أوساط حكومية برفعها إلى ثلاثين مقعدا، تمسكت دوائر أخرى بنصف هذا الرقم. ووسط احتدام النقاش، لم يتردد وزراء في الحكومة باقتراح العودة إلى نظام الصوت الواحد!
مشهد تراجيدي بحق يكشف عن غياب تام للرؤية، وارتباك مفجع في إدارة واحد من أهم ملفات الإصلاح السياسي. لكن الأخطر من ذلك أن حالة الارتباك هذه ستجد صدى مباشرا لها في أوساط الرأي العام، الأمر الذي يجعل مهمة الحكومة في حشد التأييد للقانون بالغة الصعوبة. وما يخشاه المراقبون أن يتشكل انطباع سلبي عن القانون قبل ولادته، يلازمه في المستقبل القريب ويحطم سمعته في الشارع.
الحكومة، ورئيسها على وجه التحديد هو المسؤول عن المأزق الذي نحن بصدده؛ فهو لم يأخذ منذ البداية بالدعوات التي نصحته بالتبكير في إجراء المناقشات حول القضايا الأساسية في القانون، وحسمها بدل تأجيلها إلى ربع الساعة الأخير، كما فعل للأسف.
ماذا كانت النتيجة؟
خلافات في مراكز صناعة القرار، وعدم التزام بالموعد المقرر لإنجاز القانون وإحالته إلى مجلس النواب، وأكثر من ذلك مواقف مبكرة من أطراف سياسية رئيسة برفض القانون.
لقد أجرت الحكومة حوارات مع جميع القوى السياسية، هذا صحيح؛ لكنها جاءت كلها في توقيت متأخر، والأهم من ذلك أنها لم تأخذ بالاقتراحات التي تقدمت بها هذه القوى، كما أسقطت من حسابها، وفي وقت مبكر، مقترحات لجنة الحوار الوطني.
في كل المحطات الرئيسة والمفصلية، تصرفت الحكومة بصلف وغرور، وتعاملت بروح عدائية مع اقتراحات المخلصين، وفضلت الصفقات السرية أسلوبا لبناء التحالفات. لكن هاهي تتلقى الصفعة من أقرب الحلفاء، وتخسر أول وزير قبل أن تخوض معركة إقرار قانون الانتخاب.
الغد