2024-11-25 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

معنى أن تكون مواطنا أردنيا

فهد الخيطان
جو 24 : لم يؤرق سؤال الهوية الشعوب العربية قبل الربيع العربي وبعده. الهويات المصرية، والتونسية، والسورية، راسخة ومستقرة منذ آلاف السنين. وأغامر بالقول إن الهوية الأردنية، في بعدها العربي الأصيل، تشكلت واستقرت شعبا ودولة أيضا، رغم الإشكالية الناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وما ترتب عليها من تعقيدات ديموغرافية يمكن تجاوزها بقليل من الإرادة الوطنية والسياسية التي لم تتوفر بعد.

صحيح أن المصريين يواجهون متاعب طائفية بين المسلمين والأقباط، لكن المسلم لا يشكك في مصرية القبطي والعكس صحيح. وفي العراق، حيث يأخذ الصراع الطائفي والإثني طابعا دمويا، لا تجد بين الأطراف المتصارعة من يصادر هوية الآخر العراقية. وهكذا الحال في لبنان بلد الطوائف. حتى سورية التي تقف على شفا حرب أهلية، لا تخشى من مأزق الهوية.

لم يكن سؤال الهوية محركا للثورة في مصر؛ اعتزاز المصريين بهويتهم وبمصر "أم الدنيا" زمن حكم مبارك، هو ذاته بعد الثورة. كما أن جنون القذافي لم يفقد الليبيين عقلهم، إذ ظلوا على اعتزازهم بهويتهم وتاريخهم.

سؤال المواطنة، أو بمعنى أدق حقوق المواطن، هو المحرك الأصيل لثورات الشعوب العربية، وهو التحدي الماثل أمامها اليوم وإلى أمد غير منظور.

بعد عقود من حكم مستبد صادر الحقوق والحريات، أفاق التونسي والمصري والليبي والسوري واليمني على سؤال موجع: ما معنى أن تكون مواطنا؟ تلك هي لحظة الثورة الأولى؛ بدايتها وهدفها النهائي أيضا.

حقوق المواطن في المشاركة في صناعة القرار والتعبير عن الرأي، وفي التعليم والرعاية الصحية، والمسكن والمشرب اللائقين، والمساواة والعدالة في تطبيق القانون على الجميع، وحق الشعب في الثروة والسيادة والكرامة الوطنية، هي ما دفع بملايين العرب إلى النزول إلى الشوارع والثورة على الحكام.

في دول مثل الأردن والمغرب والبحرين تختلف الوسائل، لكن الغايات نفسها؛ فقد توافقت الأنظمة والشعوب في هذه الدول على طريق سلمية متدرجة للإصلاح بدلا من الثورات.

الأردني لا يسأل عن هويته، بل عن حقوق ومعنى أن يكون مواطنا. ذلك هو سؤال الإصلاح والمستقبل. هناك إشكاليات هوية، لكن لها سياقا مختلفا ومسارا آخر، تعالجه التشريعات في إطار عملية الإصلاح ذاتها. المصري بعد الثورة يريد من الحكام المنتخبين تحقيق مطالبه التي ثار من أجلها: "عيش، حرية، عدالة اجتماعية". والتونسي يكافح من أجل المحافظة على مكتسباته في الحقوق المدنية، واسترجاع الثروات التي نهبها "السراق"، ومنع احتكار السلطة بدعوى صناديق الاقتراع. ولهذا يخوض المصريون والتونسيون والليبيون في نقاش حاد حول حقوق المواطن في الدساتير الجديدة.

يتعين علينا أن لا نغرق في نقاش بيزنطي حول سؤال الهوية. الأساس هو سؤال المواطنة، ومعنى أن تكون مواطنا أردنيا أو مصريا.. إلخ.

fahed.khitan@alghad.jo

(الغد)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير