زهايمر يهدد و يبدد عقل الدولة ..
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
جو 24 : التغاضي عن التهديدات والتحديات الكبيرة يمكن فهمه بأنه فساد، وهذا فهم مختصر قصير المدى، لا يكلف القائل فيه الكثير من الجهد، وربما يقوله وصفا لكنه يتمناه حقيقة، فكثيرون يتمنون للدولة أن تتقهقر ولا تلوي على فعل شيء أمام كثرة التحديات والمشاكل، ومثل هؤلاء هم سفراء الفوضى في كل دولة، لا يجدون في أنفسهم حرجا من اتهام الدولة وسلطاتها بالفساد، ويدعون دوما للتثوير والتوتير بلا بدائل موضوعية..
ويمكن فهم هذا التغاضي بأنه مرض في العقل وجهاز الاحساس المركزي، وضياع كبير من مخزون الذاكرة، وهذا وصف لمرض الزهايمر المعروف، لكن كيف يصبح الزهايمر سياسيا، ويتم التغاضي عن ثوابت وأعراف ترسو في العقول الموضوعية والسليمة، وتثبت أكثر من القانون والدستور نفسه، لكنها وبفعل ما تصبح طي النسيان، ولا نلمسها لا على هيئة استراتيجيات، ولا حتى على هيئة «فزعات» ؟!.
قبل أعوام؛ كانت الصالونات السياسية ومساحات الحوار العام تزخر بشخصيات أردنية مميزة، حيث تجد شخصية أردنية، تولت المسؤولية في فترة ما، وتركتها منذ عقود، لكن هذه الشخصية ما زالت تتمتع بضمير حي، عامر بالوفاء والولاء لهذا البلد وقيادته وأعرافه وتقاليده ومؤسساته ومواطنيه، يتحدث وكأنه ما زال على رأس المسؤولية، ولا يناطح أحدا أو يغرد خارج السرب، كما يفعل سياسيون كثر هذه الأيام، مثل هذه النماذج الأردنية اختفت من الساحة أو تكاد، وأصبح رأيها فائضا عن الحاجة، ولا يثير أو ينال استحسان وانتباه وسائل الاعلام ولا المواطنين، الذين يتم العبث في عقولهم وضمائرهم يوميا ويتم «تدجينها» صوب الإثارة والاستعراض، ويختفي منها الولاء والوفاء والخوف على هذا البلد ومستقبله..
الزهايمر يسيطر على مساحات كبيرة من عقل الدولة السياسي، ولا أعني بعقل الدولة جهات بعينها أو سلطات، فالمعارضة تشكل جزءا من هذا العقل، والفعل الشعبي بمختلف تلاوينه يشكل جزءا، والاعلام بكل أشكاله يمثل حالة هذا العقل، ويعتبر المرآة الحقيقية التي تعكس سلامة عقل الدولة، وهي بالذات أعني وسال الاعلام، والصحافة منها على وجه الخصوص، يراد لها التغير والانفكاك من مسؤوليتها الأخلاقية والانسانية والفكرية المعروفة، ولو تعرضت كل أجزاء العقل للزهايمر وبقيت الصحافة سليمة، لكان الأمر سهلا، ومعالجته ممكنة عن طريق الصحافة ذاتها..
أكبر مؤشر «فاضح» على تقهقر عقل الدولة، وتعرضه للعطب، هو هذا الصمت عن انهيار الصحافة الوطنية، وتركها في مهب المغامرات، ولا أعتقد أن خسارة ستكون أكثر فداحة بالنسبة للدولة أكثر من خسارة الصحافة الوطنية، التي كانت وما زالت من أهم أدوات السياسة والاقتصاد والاجتماع والتنمية الشاملة الناجحة..
الضمير هامد، والعقل مشتت تماما، ولسان حال الوطن يفقد لهجته وعافيته..وهم مشغولون في لا شيء.
بفقدانكم هذه الصحافة ستكونون أول المفقودين من بين صورة المرآة هنا وحول العالم، فهل تفهمون قولا أو تشعرون بحجم هذا الخطر؟! سؤال لن يجد إجابة الا من خلال غرف الانعاش .
ولا حلول أخرى نتوقعها من هؤلاء الذين ابتلاهم الله بموت الذاكرة والضمير ..
ibqaisi@gmail.com
(الدستور)
ويمكن فهم هذا التغاضي بأنه مرض في العقل وجهاز الاحساس المركزي، وضياع كبير من مخزون الذاكرة، وهذا وصف لمرض الزهايمر المعروف، لكن كيف يصبح الزهايمر سياسيا، ويتم التغاضي عن ثوابت وأعراف ترسو في العقول الموضوعية والسليمة، وتثبت أكثر من القانون والدستور نفسه، لكنها وبفعل ما تصبح طي النسيان، ولا نلمسها لا على هيئة استراتيجيات، ولا حتى على هيئة «فزعات» ؟!.
قبل أعوام؛ كانت الصالونات السياسية ومساحات الحوار العام تزخر بشخصيات أردنية مميزة، حيث تجد شخصية أردنية، تولت المسؤولية في فترة ما، وتركتها منذ عقود، لكن هذه الشخصية ما زالت تتمتع بضمير حي، عامر بالوفاء والولاء لهذا البلد وقيادته وأعرافه وتقاليده ومؤسساته ومواطنيه، يتحدث وكأنه ما زال على رأس المسؤولية، ولا يناطح أحدا أو يغرد خارج السرب، كما يفعل سياسيون كثر هذه الأيام، مثل هذه النماذج الأردنية اختفت من الساحة أو تكاد، وأصبح رأيها فائضا عن الحاجة، ولا يثير أو ينال استحسان وانتباه وسائل الاعلام ولا المواطنين، الذين يتم العبث في عقولهم وضمائرهم يوميا ويتم «تدجينها» صوب الإثارة والاستعراض، ويختفي منها الولاء والوفاء والخوف على هذا البلد ومستقبله..
الزهايمر يسيطر على مساحات كبيرة من عقل الدولة السياسي، ولا أعني بعقل الدولة جهات بعينها أو سلطات، فالمعارضة تشكل جزءا من هذا العقل، والفعل الشعبي بمختلف تلاوينه يشكل جزءا، والاعلام بكل أشكاله يمثل حالة هذا العقل، ويعتبر المرآة الحقيقية التي تعكس سلامة عقل الدولة، وهي بالذات أعني وسال الاعلام، والصحافة منها على وجه الخصوص، يراد لها التغير والانفكاك من مسؤوليتها الأخلاقية والانسانية والفكرية المعروفة، ولو تعرضت كل أجزاء العقل للزهايمر وبقيت الصحافة سليمة، لكان الأمر سهلا، ومعالجته ممكنة عن طريق الصحافة ذاتها..
أكبر مؤشر «فاضح» على تقهقر عقل الدولة، وتعرضه للعطب، هو هذا الصمت عن انهيار الصحافة الوطنية، وتركها في مهب المغامرات، ولا أعتقد أن خسارة ستكون أكثر فداحة بالنسبة للدولة أكثر من خسارة الصحافة الوطنية، التي كانت وما زالت من أهم أدوات السياسة والاقتصاد والاجتماع والتنمية الشاملة الناجحة..
الضمير هامد، والعقل مشتت تماما، ولسان حال الوطن يفقد لهجته وعافيته..وهم مشغولون في لا شيء.
بفقدانكم هذه الصحافة ستكونون أول المفقودين من بين صورة المرآة هنا وحول العالم، فهل تفهمون قولا أو تشعرون بحجم هذا الخطر؟! سؤال لن يجد إجابة الا من خلال غرف الانعاش .
ولا حلول أخرى نتوقعها من هؤلاء الذين ابتلاهم الله بموت الذاكرة والضمير ..
ibqaisi@gmail.com
(الدستور)