2024-09-03 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الدولة تطور قدرتها على التنبؤ بردود الفعل

فهد الخيطان
جو 24 : في غضون عشرة أيام اتخذت حكومة فايز الطراونة ما يمكن وصفها بأصعب القرارات وأقلها شعبية؛ تعديل قانون المطبوعات والنشر لتقييد حرية الإعلام الإلكتروني، الإطاحة بقيادة مؤسسة الضمان الاجتماعي وتعيين شخصية مثيرة للجدل على رأس الوحدة الاستثمارية، توزيع مناصب رسمية على أقارب وأصدقاء المسؤولين. أما آخر القرارات فكان رفع أسعار المحروقات وعلى نحو مفاجئ مساء يوم الجمعة الذي شهد مسيرات واعتصامات في معظم محافظات المملكة نددت بسياسات الحكومة وقراراتها.
قبل ذلك بقليل أبرمت الحكومة اتفاقية قرض بقيمة ملياري دولار مع البنك الدولي التزمت بموجبها بإلغاء الدعم عن الكهرباء مع نهاية العام 2014 وتحرير السلع المدعومة وتخفيض العجز في الموازنة بنسبة كبيرة.
لم يكن من السهولة اتخاذ مثل هذه القرارات دفعة واحدة في السابق، لا بل إن قرارا واحدا كرفع أسعار المشتقات النفطية احتاج لأشهر من النقاش في زمن حكومة سابقة، وترددت حكومة الطراونة قبل اتخاذه أول مرة. ولم يتمكن رئيس وزراء سابق من إنفاذ قراره بتعيين ذات الشخصية التي عينها الطراونة في الوحدة الاستثمارية للضمان الاجتماعي بسبب ردة فعل الشارع حينها.
في الآونة الاخيرة خلص أصحاب القرار إلى استنتاج مفاده، أن الرضوخ المفرط لمزاج الشارع وحراكه، شل قدرة الدولة على اتخاذ القرارات الصعبة. ومع التراجع الذي شهده الحراك الشعبي في الشهرين الأخيرين، والمسار الدموي للثورة في سورية الذي جعل الاستقرار بالنسبة للمواطن الأردني أولوية على الإصلاح، وفق تقدير مسؤولين، وجدت الحكومة الفرصة سانحة أمامها لإعادة النظر في الاعتبارات التي تحكم عملية اتخاذ القرار.
يمكن القول إن الحكومة تنبهت مبكرا لإمكانية تجاوز العامل الشعبي والسياسي من حساباتها، وتجلى ذلك في العودة الى نظام الصوت الواحد في قانون الانتخاب بعد أن ودعته حكومة سابقة في جنازة مهيبة.
وعلى هذا "الإنجاز" أصبح بوسع الحكومة أن تمضي بإجراء الانتخابات النيابية بدون اعتبار لمقاطعة الحركة الإسلامية وأحزاب وقوى سياسية صاعدة في المجتمع.
نقطة التحول في السياسة الرسمية كانت بعد رفع أسعار المشتقات النفطية أول مرة. القرار اتخذ في ذروة الحراك الشعبي، ومع ذلك مر بدون وقوع أي من ردود الفعل التي كانت تحذر منها المعارضة.
عندما لا يكون بمقدور حكومة توقع ردود الفعل على قراراتها، فإن المخاطر المترتبة على اتخاذ القرارات الصعبة تكون كبيرة حتما، لكن حين يصبح التنبؤ بحجم المعارضة لها ممكنا فعليك أن لا تتردد في اتخاذ ما تشاء من القرارات. تلك هي الوصفة السحرية التي منحت الحكومة وأصحاب القرار الشجاعة للقيام باستدارة كاملة، والتحلل نهائيا من "أوهام" مجاراة الشارع وثورات الربيع العربي.
المقاربة الجديدة لعملية صنع القرار أسقطت من حساباتها أيضا العامل الخارجي، ولم يعد هناك أي اعتبار لما يقال عن ضغوط غربية على الأردن للالتزام بمعايير محددة للإصلاح السياسي. وساهم في استبعاد هذا العامل أمران أساسيان: الأول، انشغال الغرب بملفات سورية وإيران والتحولات الجارية في مصر وتونس بعد سيطرة الإسلاميين على مقاليد الحكم هناك. والثاني، التفاهم الكامل بين الحكومة الأردنية والمؤسسات المالية الدولية على شروط الإصلاح الاقتصادي الذي يعد في نظر الغرب عاملا رئيسيا من عوامل الاستقرار في الأردن.
عند تحليل الظروف التي منحت الدولة القدرة على مراجعة طريقة إدارتها للمشهد الداخلي، ينبغي أن لا يغيب عن الأذهان أن حكومة الطراونة بوصفها حكومة انتقالية مستعدة أكثر من غيرها لاتخاذ القرارات الصعبة بدون اكتراث لتراجع شعبيتها. ولذلك لم تتردد في رفع أسعار المشتقات النفطية بالتزامن استطلاع يجريه مركز الدراسات الاستراتيجية لقياس مدى شعبيتها بعد مائة يوم على تشكيلها.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير