jo24_banner
jo24_banner

أقلق على وطني

د. فاخر العكور
جو 24 : لا استطيع ان انكر ايجابيات الحراك والمدى الذي وصلت اليه بقصد او بدون قصد، من توعية وتثقيف للناس وكسر حاجز الخوف والاستكانة. عندما خرجنا للدفاع عن الاعتداءات على غاباتنا والحيلولة دون اعدامها بحراك سلمي راقي وبوعي كبير استطعنا بسلميتنا وحبنا لارضنا ان نوقف التعدي وان نضع لبنة ببنيان هذا الوطن ونحن مرتاحوا الضمير، وتلاه الوقوف ضد آلية وظروف انشاء المفاعل النووي بمفهوم المكان والزمان والامكانات وتمكنا من توقيف هذا المشروع.
لم يكن بحساباتنا خوف مما يمكن ان نتعرض له من مضايقات وصعوبات قد نتعرض لها نتيجة معارضة هذه التجاوزات، خرجنا للموقع ومعنا عائلاتنا باطفالها وشبابها وعجائزها بفرح ورقي. كان مع الاعتصامات شعارات وانشطة ترفيهية موجهة للاطفال، احببناها كبارا واحبوها صغارنا، واثبتنا مستوى عالي من الرقي بالاعتصام وعلمية بالطرح واصرار على الثوابت.
بداية دعوني ان اميز بين ثلاثة انواع من الحراكات الشعبية، الاول وهو الحراك السلمي الواعي لما يريد والمتفهم لابعاد تحركه والواضع نصب عينيه لحمة الوطن والمحافظة على المكتسبات والابتعاد عن التطرف، وهو حراك ايجابي ، والثاني وهو الحراك السلبي والذي يستند الى اجندات خاصة ومصالح شخصية لا يهمه الا تحقيق مطالبه حتى لو احرق الاخضر واليابس ودمر الوطن، والحراك الثالث وهو الاحمق والذي يتدافع فيه المظللين والماجورين لنصرة فئة ظللتهم اما بالمال او بالعاطفة او باللعب على وتر مصالحهم وحقوقهم وهم نسبة لا باس بها.
ومنذ أن بدأ الحراك الأردني لمحاربة الفساد واستعادة مقومات الوطن المنهوبة والتطاول على المتبقي منها ومحاسبة الفاسدين ونحن نتطلع الى حراك راقي وواعي بعيد عن الاجندات الخاصة والثارات السياسية والشخصية. وكغيري من المتطلعين للحفاظ على الاردن ارضا وشعبا ونظام ومقومات اعجبتنا وابهرتنا سلمية الحراكات في مصر وآلية تنفيذها ورقي محاورها دون تكسير لسيارات او تحطيم لنوافذ او تعدي على الاشخاص باعينهم . ما يقلقني على وطني هو طبيعة الحراك الاردني وعلى الرغم من احقية الحراك والمطالب والتي اؤمن بها ايمانا كبيرا كايماني بالاردن الوطن الذي نحب ونفتديه بالمهج والارواح ونذود عن ثراه بالغالي والنفيس لكنني اجد طريقة فريدة وخطيرة وجديدة في التعبير عن رفض الفساد والمحسوبية ونهب مقدرات الوطن لا تقل خطورتها عن بقاء الفساد نفسه. فما هي الفائدة المرجوة من مكافحة ومحاربة الفساد والفاسدين وانا ادمر بلدي بيدي، الا وهي الاعتصام امام المنازل.
كان رايي وما زال بكيفية التعبير عن هذا الرفض ومدى وعي الناس وكسب تاييدهم للمشاركة في هذا الرفض، فهل استطاع الحراك كسب الشارع الاردني وهو يقوم بتعطيل المحال التجارية وحركة الناس، الجواب بالتاكيد لا بل على العكس كسب الحراك نقمة التجار والناس ورفضهم للحراك جملة وتفصيلا حتى انهم اصبحوا يتشائمون من يوم الجمعة والذي هو عيد لنا ويوم مقدس واصبحوا يتمنوا ان لا يكون يوم الجمعة.
هل استطاع الحراك بطريقته الجديدة ان يضع لبنة للوطن وامنه، ونحن نرى اعتداءات على رجال الامن بدون سبب وحتى لو كان بسبب فهناك طرق كفلها القانون للاعتراض والتشكي، واصبحنا نرى تظاهرات تخرج لمجرد ان احد السرسرية تم اعتقاله ولاجبار الشرطة لاطلاق سراحه وهو ما يتم فعلا حتى وصلنا لمرحلة ان الشرطي يرى الحدث ويحاول ان لا يتدخل خوفا من قتله او معاقبته. وهذا ما استدعى الى ان الاردنيين اصبحوا يتهافتون على شراء الاسلحة والخناجر والقناوي لحماية انفسهم من السرسرية والبلطجية والخاوات.
هل استطاع الحراك السلبي الذي تتبنون ان يضع حدا للتعصب والشللية، الجواب لا حتى خرجت مفاهيم جديدة للعشائرية ليست من قيم وقواعد العشائرية الاردنية الاصيلة والتي بمفهومها الجديد انصر اخاك بالمفهوم المطلق دون تطبيق مفهومها الحقيقي بنصرة المظلوم ومحاسبة الظالم من ابناءها.
وآخر سقطات الحراك السلبي هو الحكم على فساد الاشخاص دون ادلة وبراهين بائنة وساطعة سطوع الشمس والحكم عليهم بالفساد وبتطور خطير وسابقة تنذر بافلاس فكري وثقافي وهو تنفيذ الحكم يالتشهير العلني وبعقر داره، كمن يكفر مسلما يشهد الوحدانية. قامت المعارضة بتنصيب نفسها مكان الدولة بجهازها القضائي وهو سابقة لم يسبقنا اليها احد واعادونا الى شريعة الغاب، وهو ما لم تقم به ثورة احرار مصر رغم ضخامة الحدث وعظيم التهديد الذي تعرضوا له ، رغم قدرتهم على ذلك وانفلات الامن وانسحابه عن الساحة المصرية، ولكن الثوار ما لجاوا الى التوجه الى رموز الفساد وهم معروفون لديهم ولم يقضوا مضاجعهم ببيوتهم، فما بالك بمن نؤمن بنزاهته ووطنيته وهو الاعظم عندنا. لم يقم الثوار بتنصيب انفسهم قضاة ومنفذي احكام وتركوه للقضاء والتحقيق وكان جل همهم التغيير بالوسائل السلمية وكسب الناس بالحق دون اكراه او تشويه للاهداف رغم وجود المتسلقين وتجار الحروب.
هل حسبت من تطلق على نفسها بالمعارضة عواقب هذا التصرف الارعن واللامسؤول من اراقة للدماء اولا ومن اهانات للشخوص امام ابنائهم وعائلاتهم وجيرانهم وتهييج للمشاعر واخراج سلمية الحراك الى الدموية ومن توجيه الحراب الى الاشخاص وعشائرها وترك من يوقد نيران الفتنة ان يتلذذ بوضع البنزين على هذه النيران.
هل نجحت المعارضة السلبية بانتقاد صناع القرار ام نجحت بتوجيه الدفة عن مفاتيح الحل والربط واراحت الحكومة من مواجهة الحراك الايجابي وتنفيذ الاصلاحات. هل نجحت المعارضة بمنع المحسوبية والواسطة والعمل الاداري الفاسد ام اصبح كل مسؤول شريف يخاف ولا يجرؤ ان يتخذ قرار او ينفذ سياسة دائرته لمصلحة الوطن بالنهاية، او حتى معاقبة مقصر مهما كانت درجته خوفا من تشويه سمعته وتحطيم تاريخه النظيف ويتمنى ان يخرج على التقاعد باقل الخسائر محفوظ الكرامة مصونا امام ابناءه وعائلته، وبالتالي تعطيل النهضة واسقاط الدولة وهو ما لا نريد، ام لكم راي آخر.
في كل امة هناك رموز وطنية تدافع عن مقومات الوطن وتناضل لصونها وعندما يتسلموا المناصب ويبدوا للاصلاح والتطهير يهاجموا ويشكك بوطنيتهم ويحاربوا وعندما تتضارب المصالح تشن الحملات لتشويه سمعتها والتشكيك بوطنيتها ويتم اسقاطهم، وتسقط معهم آمال واحلام الوطنيين . والادهى والامر ان تتواصل الاحقاد اعمالها وتتنامى الثارات وتتعاظم دون وجل فالساحة ربيع عربي والفرصة سانحة للقنص والامتهان، وهو سلوك الفاشلين ومن لا يملك برنامجا وطنيا واضحا او حتى حقيقي وهو ما يتراءا لي كاردني يحب وطنه ويتابع تجار الحروب واغنياؤه.
اعيدوا النظر بطريقتكم الاستفزازية وقراءنكم العنكبوتية وخيوطها الوهنة، عودوا الى الطريق السوي بالتعبير عن رفض الفساد والفاسدين بطريقة سلمية وحضارية واحفظوا ماء وجهكم امام الناس والتاريخ فانا على يقين انكم مكشوفون ولا غطاء لكم سوى امتطاء موجة الربيع العربي، ولكن نحن واعون ومنتبهون لما يخطط لبلدنا فلا تكونوا اداة تمزيق للوحدة ولا تقتلوا الاصلاح المنشود ولا تخيبوا آمال البسطاء لنيل حقوقهم المغتصبة ولكن بالطرق السلمية والثورة المصرية والتونسية مثال حي.
ارجوكم اخفوا حقدكم على الوطن وابناءه واستحوا على شيبة وطن شابت مرابطة على الحدود وتنتظر الوعد الالهي وعودة الحياة بربيع حقيقي لا يشوبه تلويث بدم او انتهاك لحرمات البيوت او اشعال نار الفتنة والجهوية والطائفية وهو ما تفعلون بدراية ام باستغفال وكلاهما غير محمود العواقب. كونوا كما تعلنون عن وطنيتكم واثبتوا لنا حبكم للاردن فنحن الاغلبية الصامتة والتي حان الوقت لتنطق عن رفضها امتهان الوطن والانسان الاردني والذي هو الرافض لاساليبكم الصبيانية ان كان بحسن نية او الشيطانية ان كان عن قصد فنحن لكم بالمرصاد ولن نسمح بجر الوطن للمواجهة الشعبية والعشائرية ، ولن نسمح بقتل الرموز الوطنية، واعلموا ان ميدان الاصلاح ليست البيوت ولا باغتيال الشخصية وانما بالمطالبة الحثيثة من واضعي السياسة الاصلاحية وبالطرق السلمية وما مجلس النواب عنكم ببعيد.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير