فاخر العكور يكتب: القصة الملعونة
تمر مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف وانحدار الاوضاع مستمر على المسلمين بعموم الكرة الارضية اينما ثقفوا والضنك يغشاهم من كل حدب وصوب وقد تكالبت علينا الامم كقصعة تجذب البواهش واصبحنا كغثاء سيل. ابتعدنا عن كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وجرفتنا الدنيا بزخارفها وبيارقها ولم نعد كما كنا خير امة اخرجت للناس.
وهنا التساؤل الكبير الذي لا ينفك يجوب بخاطري هل تتحقق نبوءة النبي المصطفى عليه من الله افضل الصلاة واتم السلام، النبي الملهم الذي لا ينطق عن الهوى.
تطالعنا الصحف صباح مساء بالماسي والالام التي يتعرض لها المسلمون في كل مكان على مستوى الجماعات والافراد والدليل انها على المسلمين وليس المنطقة العربية وحدها وما يحصل في رواندا الان دليل.
السؤال او الاسئلة التي تجول في الخاطر لم كل هذا؟ هل نحن ارهابيون كما يصورنا الغرب؟ ام هل هي حرب بمنظور اخر يتعلق بصراع الحضارات بمفهوم حرب على الدين الاسلامي ؟ هل هي حرب على الثروات والموقع الجغرافي للجزيرة العربية؟
كثير من الكتاب والمحللين اجابوا على كل هذه الاسئلة وما يدور بفلكها بنعم، وبالنسبة لي احتار الى اي توجه انتمي فكريا ومن منهم يقنعني برايه .
وهنا اجدني منجذبا الى قراءة التاريخ وتحليله لاجد فيه ان الامة العربية والاسلامية بمنطقتها الجغرافية وقبل الدعوة المحمدية لم تكن بالنسبة للحضارات القائمة ذات قيمة سياسية او عسكرية وانما كانت في بعض الاحايين مطمع لطرق التجارة وكانت السيطرة عليها سهلة وكلها بين مد وجزر، وبعد قيام الدولة الاسلامية والفتوحات التي تمت وانكسار الحضارات الرومانية والفارسية اصبحت السيادة للاسلام كدين ودولة.
ولفهم ما يجري الان وبالعودة لحقبة ما قبل الاسلام، اجد ان الصراع القديم بدا مع التحول من الجمهورية الرومانية الى الامبراطورية الرومانية والتوسع الذي قامت به الامبراطورية الرومانية جغرافيا باستخدام القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية ،والمتمثلة بالغزوات القبلية المحدودة التي قامت بها روما لاخضاع العشائر والعائلات المحيطة بهم حتى تمت السيطرة على كامل شبه الجزيرة الايطالية، وانتقال روما للمرحلة الثانية بامتداد الامبراطورية الى قوة عسكرية عالمية تتطلع للسيطرة على مركز العالم القديم، وكان الامتداد للحروب مع الفينيقيين بقرطاجة للسيطرة على التجارة اولا باحتلال جزيرة صقلية، وتوالت الحروب بينهم وخصوصا بعهد حنبعل قائد قرطاج وامتدت الامبراطورية الرومانية لمقدونيا واسبأنيا غربا الى اسيا الصغرى شرقا، ثم الى مصر والشام لاغراض اقتصادية وابتزاز الرعايا ماديا دون انخراطها بولاءات وطنية للامبراطورية الرومانية. وكان الصراع الامبراطوري مع الساسانيين (بلاد فارس) مستمر وامتدت لسبعة قرون كل يريد السيطرة وامبراطوريتان قائمتان تتصارعان على السيادة.
وبدات روما بالافول لاسبأب عدة اهمها انتشار الاوبئة والذي قضى على اناس كثر وفي عهد دقلديانوس قسمت روما شرقية وغربية واعيد توحيد روما مرة اخرى، وقسمت روما مرة اخرى بعد موت ثيودوسيوس الى شرقية تحكم من القسطنطينية وغربية تحكم من روما ثم ميلان وثم من رافينا، وانتهت الإمبراطورية الشرقية عندما قام محمد الثاني بغزو القسطنطينية.
اما الامبراطورية الساسانية والتي شملت اراضي ايران والعراق واجزاء من ارمينيا وافغانستان وباكستان وتركيا والتي توسعت مساحاتها حينا وتقلصت حينا اخر. وبحكم الصراعات كان لفارس الساسانية تاثير على الحضارة الرومانية ثقافيا وصل الى اروبا الغربية والصين والهند دون السيطرة جغرافيا. وبدات الصراعات مع المناطق العربية بحكم الجوار بعد الظلم الذي شعر به العرب منهم والاتراك، وكان شابور الثاني هو الملك الذي بدا حملته ضد العرب والاتراك الذين تصدوا له واوقفوا زحفه وتوقيعه اتفاقية سلام مع الامبراطور البيزنطي في حينه، ومن ثم ضد الرومان غربا ونجح فيها وبعدها عاود الكرة حيث سحق القبائل الاسيوية والاتراك الشرقيين وضم مناطقهم لامبراطوريته واتخذ بعدا ثقافيا جديدا نكاية بالامبراطورية الرومانية، التي اتخذت الدين المسيحي، بابتداعهم الدين الزرادشتي الذي اضطهد المسيحين وقرب اليه اليهود.
وبتتابع الملوك الساسانيين كانت القوة الساسانية بين مد وجزر حتى انهم فقدوا ارمينيا لصالح روما ووقعوا معاهدة سلام معهم. واعادت فارس مجدها بعهد الملك بهرام الخامس ونهضت ثقافيا لدرجة كبيرة وبعدها في عهده وعهد يزدجرد الثاني توالت الهزائم الحاسمةَ ضدّهم وأرجعهم الرومان شرقاً.
وتوالت الاحداث وظهرت الدعوة الاسلامية و بدأت الفتوحات الاسلامية لبلاد الساسانيين وبقتل الملك يزدجرد الثالث كانت نهاية الامبراطورية الساسانية او الفارسية. وبحكم الحنين الى الماضي لم تغب عن بال اي من احفاد هذه الامبراطوريات هذه الحقيقة واستمر التصيد للفرص مستمر وخصوصا من المجوس الذين غيروا من سياساتهم بغياب كيان دولة يجمعهم وينظمهم من خلال الدسائس والمهادنة والتقيا التي اعتمدوها من عصر الخليفة الفاروق الذي اغتاله ابي لؤلؤة المجوسي الذي ادعى الاسلام وانخرط بين المسلمين الى ان حانت له الفرصة بقتل الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وتكررت هذه الحوادث وباسلوب جديد قديم حين اتخذ المجوس اليهود مطية لتحقيق ماربهم للنيل من الاسلام ورموزه، ومنذ زمن بعيد حين ارادوا الثار من البالبليين الذين قتلوا من فارس الكثير ردا على هجماتهم وتسلطهم ببابل، والذي تعمق بداية بزواج الملك الفارسي احشويروش باستير اليهودية وجعله عمها وزيرا على العراق الذي نكل بالبابليين وقتل منهم الكثير.
وتستمر هذه المكائد بعد سقوط فارس وصولا الى عبدالله بن سبأ "ابن السوداء الحبشية اليهودية كما تصفه كتب التاريخ"، في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه والذي اسس فرقة السبئية والذين قالوا باولوهية علي رضي الله عنه كنوع من النخر بالاسلام وقواعدة العقائدية والتي ذكرها الطبري بكتابه " تاريخ الطبري " وابن عساكر بكتابه " تاريخ دمشق " والنسائي والحاكم في المستدرك وغيرهم الكثير.
حيث بدا ابن سبأ من المدينة المنورة وتبنى وأشاع برجعية الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ومقارنته برجعة عيسى عليه السلام ومن ثم رجعة علي رضي الله عنه، كما ذكر سليمان العودة في كتابه " عبدالله بن سبأ ودوره في احداث الفتنة في صدر الاسلام".
وانتشر المذهب الشيعي على يديه وانتشر بين عامة المسلمين دون العلماء الذين حاجوهم وافشلوهم ودحروهم بالحجة ولكنهم توجهوا للعامة البسطاء البعيدين عن مراكز العلم والتنوير الاسلامي الحقيقي والى يومنا هذا. ومن المدينة توجهوا الى الشام والتي كانت بامرة معاوية ولم يتمكنوا من النجاح بمسعاهم وكانت الكوفة تعج بالفتن والفوضى فاستغلوا وضعها ونشروا فكرهم الخبيث وقويت شوكتهم وكانوا جزءا رئيسيا من سقوط الخلافة الاموية على يد ابي مسلم الخرساني وظهور الخلافة العباسية ، وبدايته بالخليفة ابو العباس السفاح حيث ساهَمَ أهلُ العراق وخُراسان من الفُرس في نشأة الدولة العباسيّة ولكن لم تستمر لهم الحضوة حيث قتل الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور زعيمهم ابو مسلم الخرساني واشياعه ومنهم الرواندية الذين نادوا المنصور الها ولكنه رفض ذلك واسائه هذا الادعاء وتشردوا بالامصار.
وتوالت المكائد بعهد الرشيد على يد أبناء برمك الذين اتخذ بعضهم الدين وجاءا ووصلوا الى اعلى المراتب في العهد العباسي وتوغلوا بالتاثير على الحكم الى ان جاء هارون الرشيد وانهى حكمهم وقتل منهم الكثير. وتشتت الشيعة المجوس على اطراف الدولة الاسلامية شرقا وظهر كيان شيعي على يد بني بويه والذين انتقلوا بعدها الى بغداد، وغربا في بلاد المغرب والذين انشاوا الدولة الادريسية وسط قبيلة كتامة البربريَّة ومن ثم الفاطمية او الدولة العبيدية، ودعوا للقتال باسم المهدي المنتظر الذي اتخذوه اداة قتل وتشريد لغير الشيعة (المسلمون السنة) والدعوة للثورة على الخلافة الاسلامية.
تحالف البويهيين مع الفاطميين في الغرب، بعد ان فضلوهم على العلويين حلفاؤهم والذين ما هجروهم بل كانت لهم الحضوة بالمناصب ابان حكم الدولة الفاطمية في الشرق وفتحوا مصر وأسسوا مدينة القاهرة شمال الفسطاط، وجعلوها عاصمتهم، فأصبحت مصر المركز الروحي والثقافي والسياسي للدولة الفاطمية واتخذوا المذهب الشيعي الاسماعيلي ونشطوا بانشاء الحسينيات منذ العهد العباسي، ولكنهم افلوا بظهور الخلافة العثمانية.
وفي عصرنا الحاضر وبغياب التجمع الشيعي المجوسي بكيان دولة استمرت خططهم بالانتشار بين عامة الناس وحافظوا على كياناتهم الشيعية بمراكزها في ايران والعراق وبعض المناطق البعيدة عن اعين الخلافة العثمانية بدون نشاطات علنية وظهور اجتماعي لدرجة ان هويتهم الحقيقية ما كانت لتتميز من خلال هويتهم الظاهرة بانهم مسلمون مثل بقية الناس. تولى احفاد روما الدور للثار من المسلمين وخصوصا بعد التوسع العثماني في اوروبا والاستيلاء على معظم العالم جغرافيا وسياسيا واقتصاديا، وعندما ضعفت الخلافة العثمانية وانتهت ودخولها بالعهد التركي وتحويل الحكم الى ولايات للاتراك وانتشار الظلم والتسلط بدات تنحسر السيادة العثمانية واستمرر ضعفها وافل عزها وانتهت من وجهة نظري الخلافة العثمانية الجديدة ايضا بدءا من عهد السلطان محمود الثاني الذي غير معالم النظام الحاكم وقلد الغرب بكل شيء لكنه لم يسلم منهم فحاربوه حيث ظهرت روسيا للضغط عليه للتوقيع على استقلال اليونان، وتدخلت كل من بريطانيا وفرنسا بينهم كفرصة يحاول كل منهم ان ينال شؤف اعادة امجاد روما، ومن ثم تنازعوا النفوذ واحتدمت الصراعات بينهم للظفر بتركة الرجل المريض وقامت الحروب العالمية الاولى والثانية، وتفاهم الفرنسيين والبريطانيين وقسموا التركة خصوصا بعد سقوط الجزائر على يد الفرنسيين وتوجههم نحو الشرق وانتصارهم على الالمان والروس.
ومن هنا بدات التحالفات على الشرق وتمت ازاحة البقية الباقية من حكم العثمانيين وكان اخرهم بمصر، واستعمروا بلاد العرب كلها واتبعوا سياسة بعدها غير عسكرية نعرفها جميعا وزرعوا بخاصرة الامة اليهود في فلسطين. واليوم ومع شدة ممناعة الاسلام كدين وحفظه بين جنبات المسلمين تتغير اللعبة، وتدخل فارس من جديد في الحرب على الاسلام بوصول الخميني للسلطة بايران على يد الامريكان، وهي حرب غير معلنة بصليبتها والمسيحية منها براء، وبتخطيط خبيث نشات النزاعات داخل بلاد المسلمين العرب واعادوا الة المجوس الاولى في الحرب باان نكون نحن وقود نار حقدهم لنحرق انفسنا بايدينا كما فعلوا يوم ان اغووا محمد وابراهيم ولدي عبدالله بن الحسين بن على والقتل الذي كان بسببهم، فكانت داعش وغيرها من الادوات التي زرعت بيننا كله لاجل استعادة امجاد روما وايقاد نار فارس المجوسية في العراق وبقية دولنا .
وانني ارى يوما قادما تعود فيه حروب فارس وروما من جديد وتتصارع فيما بينها وسوف يتحقق الوعد ويصحوا المارد الاسلامي من جديد ونسود الدنيا مرة اخرى ولا ندري اهو قريب ام بعيد.