وجهة نظر للاصلاح
خلال الفترة الماضية آثرت ان لا اكتب في الشان العام ليس تهربا من استحقاق المرحلة ولكن لغياب البوصلة التي يهتدي بها الناس وخشيت ان اكون جزءا من محركات التشتت الفكري والمجتمعي ولكن ما يحدث على كل الصعد يستوجب الوقوف ولو للحظة عند بعض المنعطفات التي تشوش على بوصلة الاصلاح الذي ننشد ونتمنى.
افهم ان التغيير عند الشعوب يكون برفض الواقع الفاسد واثبات انها اهل للتغيير وبوعي يرتكز على ثقافة معرفة الذات وتحديد الاولويات والاليات التي تحقق وتخدم الرغبة في الاصلاح ومحاربة الفساد.
عندما يتم النقاش مع بعض النشطاء في حراك الاصلاح ولست ضده ولا ضدهم بهذا المفهوم لا اجد نضوج فكري ومحاولة تطبيق الدعوى للاصلاح بدءا من انفسنا (وهنا اضع نفسي بنفس الميزان) فلا الغاية تبرر الوسيلة والتي يعلنها النشطاء بمفهوم سلمية الحراك والذي ومن دون شك سيؤثر على المجتمع وعلى الدولة وعلى الامن وهي الامور التي ندعو الله تبارك وتعالى صباح مساء ان يديم نعمة الامن والامان وحكمة القيادة ودوامها، ولا السكوت هو الخيار الافضل لان من سلب مني مالي وقاتلته وقتلني فانا شهيد.
هنا تلتبس الامور على من يحمل فكرا ووطنية حتى النخاع وتتشابه الامور في بعضها، فعلى سبيل المثال حصل ان كنا نركب سيارة لاحد الاصدقاء وكنا نسير على طريق جديد تحت الانشاء مفتوح جزئيا لا يحتوي على اشارات للسرعة واذا بدورية سير توقفنا فالسرعة المسموح بها كما قالوا لنا 80 كم ونحن نسير بسرعة 93 كم، وبالطبع حرر الشرطي المخالفة. هنا امر محير لي وادخلني بمفهوم ان الامور اختلطت علي فلا اشارة توجيهية لتحديد السرعة وهي مخالفة غير قانونية لغياب المرجعية القانونية لتحرير المخالفة وعلى الرغم من ذلك تمت المخالفة وبنفس الوقت لم اجد ولو مبرر واحد لمناقشة موضوع التوسط لازالة المخالفة . هذا مثال على مستوى الحيرة التي اجدني فيها فهناك تناقضات ايهما اخترت فانت تعتقد انك على حق.
ابدا من التشويش الذي المسه عند طلبتنا والتي تعكس مدى الفراغ الذهني والثقافي الذي يتمتع به معظم طلبتنا في الجامعات والذي غذاه التمادي والفهم الخاطئ لمفهوم الحرية ومحاربة الفساد والذي رسخ مفهوم الانا وليس غيري بمفهوم يصل لحد التبجح بالخطأ واستعراض العضلات بالعشائرية والحزبية وهما من ذلك براء. هنا اضع اللوم وانا اكاديمي على عمادات شؤون الطلبة والتي ولغاية هذه اللحظة فشلت بتعبئة فراغ طلبتنا سواء على مستوى وقت الفراغ او على مستوى الفراغ الفكري والذي ويا للاسف يوجه بطريقة خاطئة من قبل البعض ويستغل هذه الفئة لتحقيق مصالح خاصة على مستوى الافراد وعلى مستوى الجماعات باي مفهوم يتم تفسيره فانت محق، بمعنى العشائر والاحزاب والفئوية وغير ذلك من مفرقات هذا المجتمع الطيب. وهنا لا بد من التاكيد على ان معظم نتائج الابحاث الاجتماعية تؤكد على ما ورد سابقا وهذا بحد ذاته سبب لتوجيه الجهود ووضع الاستراتيجيات لمعالجة العنف الجامعي استنادا الى هذه القواعد.
الدولة بجميع مكوناتها وهيئاتها مطلوب منها ان تعمل بروح عالية الهمة وبنفس رجل واحد تؤدي ادوارها اولا باخلاص النية وعلى قاعدة ان هذه الفئة هي ابني وابنتي واخي واختي، وهم مسؤولون مني بالتربية والتنشئة والرعاية والتوجيه. احترم جدا من يحاول وهو عارف لما يريد وهو اساس الاصلاح. وعلى سبيل المثال اجدني مضطرا لسوق مثال وزارة الشباب والتي وبغض النظر عن النوايا فنحن لم نطلع على النوايا ولا نزكي على الله احد عندما حددت هدفا كنموذج للبدء بالاصلاح وتوجهت الى الشباب وهي الفئة المستهدفة والغاية والوسيلة للبدء بالاصلاح بالتوازي مع النواحي الاخرى يبدا الهجوم على الوزارة ممثلا بوزيرها والذي اعتقد انه بدا بالفئة الصح والتي لا يمكن تهيئتها للمستقبل الا من خلال تعظيم الوعي وتعريفهم بكينونتهم وتعريفهم باشخاصهم وانهم ذوات وهيئات لها اهميتها ودورها وهم هدف الحياة واسباب النصر والتقدم والرفعة. وما يثير التقزز هو النقد لاجل النقد وتكسير المجاديف وتحطيم الرغبة في تقديم شيء لهم . لم اسمع ومنذ ان وعيت وادركت دورا لوزارة الشباب غير الرياضة ومع اهميتها ودورها الفاعل والشباب، الا ان الاهتمام بالشباب بمفهوم السهر والمجون والرقص والغناء لم ولن يروق لمن همه الوطن وركيزته الاساس الشباب، وعندما تتغير سياسة هذه الوزارة بطريقة لا تناسب اصحاب الهوى يبدا التشهير بعدم المصداقية وحب الظهور وهو امر ومن وجهة نظري وحتى لو كان صحيحا ، رغم شكي بصحة هذا الافتراض، فهو اجتهاد في مكانه ما دام يحقق تنمية فكرية وتوجيه اخلاقي وتقافي للشباب الذين نترجى ان يكونوا افاضل وقادة، وهنا اقصد مقال الاستاذ ابراهيم غرايبة الذي فاجاني بمقاله بالتحديد بعنوان وزير الشباب وغياب البوصلة والذي نشر بصحيفة الغد وعمون بتاريخ 204، والذي اتابع بعض مقالاته التي تعجبني في بعض الاحيان والذي توقعت منه كونه ممن يدعون للاصلاح ومحاربة الفساد ان لا يهاجم هذا السعي والتطبيق من وزارة الشباب والذي اجده قد جافى الحقيقة. فهل يلام الرجل على تقصير وزارة الزراعة بمكافحة التصحر وحماية الغابات وتطويرها، هل يلام الرجل او تلام الوزارة على تخلي وزارة الاوقاف او غيرها عن دورها نحو الشباب والوطن.
الضياع الذي يعيشه ابناؤنا مرده الى غياب القدوة الحسنة وعدم الثقة برجالات تتساقط اقنعتها يوما بعد يوم. الضياع الذي يعيشه ابناؤنا لا راد له الا من خلال التعبئة الفكرية ولا اجد التوجيه الديني بمجتمع اسلامي وبدولة دينها الاسلام نصا صريحا في دستورها.
الضياع الذي يعيشه ابناؤنا هو غياب العقاب وتهميش القانون ، لا اعتقد ان استاذنا الفاضل وغيره ممن ادانوا توجه وزارة الشباب الى الدعاة الافاضل الذين جابوا الاردن من شماله الى جنوبه يقبلوا ما يحدث من فاحشة وخدش للحياء على قارعة الطريق وما شارع الاردن في العاصمة الحبيبة وشارع البتراء في اربد وغيرها من دور الدعارة المخفية والتي تظهر للعيان يوما بعد يوم وانتشار المومسات امام بوبة الجامعة الاردنية وفيها وفي غيرها، ولا اظنهم يقبلوا ان تنتشر آفة المخدرات وكظاهرة مزعجة بين الشباب.
فما الحل. هذا ما توقعت ان اقرا من مقالات للاستاذ ابراهيم وغيره.
اتعلمون ما يؤرقني طيلة يومي بنهاره وليله، من من هؤلاء الشباب الذكور سوف آمنه على ابنتي، ومن هؤلاء الشابات من آمنها على ابني. اعتقد انكم تفهمون المدى الذي يحويه هذا الأرق وابعاده.
من هذا المنبر اطلق هذه الصرخة، صرخة اب يخشى على ابنائه بان ادعموا من يسعى للاصلاح بصورة عملية لا تؤذي بل تبني حتى ولو كان له غاية بالظهور حسب راي البعض ما دام لا يؤذي المشاعر ولا يثير الفتنة وباسلوب سلمي حقيقي بتطبيق يحفظ الوطن وابناؤه.
حفظ الله الاردن واحة امن وسلام وقيض له من ابنائه من يهمهم مصلحته ويحرص على سلامته.