هل نحن فاسدون ام مفسدون ام كلاهما
د. فاخر العكور
جو 24 : قبل يومان وفي قاعة المحاضرات فتحت موضوع تدني تحصيل الطلبة للعلامات وضعف التواصل العلمي داخل قاعة الدرس وضعف القدرات الاستيعابية عند كثير من طلبتنا الامر الذي ارهق تفكيري واعجز لساني لكثرة الحديث معهم حالات فردية في مكتبي كمساعد للعميد والبحث عن اسباب هذا الضعف والذي يقابله سعي جاد من كثير منهم للتاثير على الكثير من الزملاء من خلال المعارف والاهل والاصدقاء لتغيير علامات الطلبة وتنجيحهم وهو امر ينجح حينا ويفشل احيانا اخرى.
ويحضرني في هذا النقاش ما حصل مع احد الزملاء الذين لم يستجيبوا لجميع الجاهات والوجاهات التي استطاع احد الطلبة ان يحشدها للتاثير على زميلي والتي باءت بالفشل مما اثار زوبعة لم تهدا على مستويات عدة ضده وصاحبها تشويه لسمعته العلمية والاكاديمية. من جملة ما تحدثت به مع الطلبة ان هذا الزميل هو اشرفنا جميعا لانه ما زال يفكر كما كنا نفكر بعد ان عدنا من بلاد الغربة محملين بالعلم نحاول ان نطبق الخلق الاكاديمي على انفسنا وعلى طلابنا ولكن هيهات والفكر المجتمعي يرفد كل يوم ثقافتنا بفكر دنيء جديد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يولد الانسان على الفطرة فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه" صدق رسول الله. هذه البداية استشهادا بالحديث النبوي الشريف وضعت لتبيان ان الانسان ابن بيئته وطبيعة التنشئة التي ينشأ عليها.
يتاثر كثيرا بما يحيط به من عوامل حيوية وغير حيوية تجعله يتفاعل معها لتشكيل منظومة شخصيته ذات الطاقات والقدرات والافكار التي تتناسب مع طبيعة التكيف والتجارب والمعارف التي حصل عليها ومدى تفاعله معها. فخالق هذا الكون ومن خلال رسله وكتبه السماوية وضع معايير المسائلة والمحاسبة والحوافز استنادا الى التكليف والتبليغ بالدين واصوله باي وسيلة كانت.
في هذا الزمان ولاسباب جلها اجتماعية والذي بداية ومن قناعة شخصية ان الفساد والافساد الللذان انتشرا بيننا انما هما خاصية بشرية لا ترتبط فقط بالبعد عن الدين وانما بقواعد السلوك الاجتماعي والذي استشرى بيننا حيث نما وتطور كمنظومة اجتماعية متكاملة من لحظة الولادة لحين الوفاة ومن ثم تتوارث الى اجيال تربت على ايدي هذه الفئة من الناس.
والسؤال هنا، كيف تبدأ قابلية الانسان المولود حديثا للفساد بغض النظر عن نوعه وكمه؟ وللاجابة ومن وجهة نظر شخصية انها تبدأ بالمراحل العمرية الاولى للانسان، ومثالي على ذلك يتجلى بطريقة تربيتنا لابنائنا، فلاعتقادنا اننا نداعب ابنائنا ونربيهم على الشجاعة والاقدام فيصدف ان ياخذ الطفل لعبة من طفل آخر وعندما يتمعن هذا الطفل بوحوه ذويه يرى الابتسامة وقد شقت وجوههم وبدأ التصفيق او المداعبة بكلمات ظاهرها سيء وباطنها ثناء واعجاب مثل ان يقول له يا أزعر، وبحالات اخرى كان يقول بجلسة ما ان طفله ذكي وواعي لدرجة انه يعرف كيف ياخذ العاب الاطفال، وغير ذلك من الكلمات والتصرفات التي تغرس في نفس هذا الطفل ان هذا السلوك محمود ويجعل صاحبه ذا حضوة عند غيره.
والانكى من ذلك ان يصل الطفل الى قناعة ان هذا السلوك هو السلوك الصحيح وان عدم سرقة او استيلائه على املالك غيره هو ضعف وهوان وضعف بشخصيته.
يكبر هذا الطفل وقد تشبع بهذه المفاهيم وتكبر معه السلوكيات الخاطئة والتي بنظره انها صحيحة وحق لا تنازل عنه فيواجه مجتمعا بعض شخوصه تماثله بالقناعات وشخوص تختلف تماما بسلوكيات لا يقتنع بها وعندها يكذب ويسرق ويضرب ويقتل ويسلك جميع السبل التي تحقق له مطلبه بغض النظر عن الثمن وما يلحقه ذلك السلوك من أذى على غيره من الناس.
يكبر هذا الطفل ويواجه دينا وخلقا واعرافا اجتماعية بعضها ما زال سائدا وبعضها قد تنحى ولكنه فقهها وادعاها وتظاهر بسلوكها، يكبر ويعي ان هناك قوانين وانظمة حاكمة بين الناس ظاهرها رادع وسبب لوضع ثوابت العدل والمساواة بين الناس فيلجأ للحيلة والدهلزة واستغلال النفوذ وتسخير الآخرين ليحصل على حق غيره او حق ليس له بالاصل او يعطل مصالح الناس وتقدمهم وتطور مراكزهم فيقضي على آمال الناس بحياة كريمة بعيدة عن هذه الوسائل الرخيصة والدنيئة التي تحق باطلا وتبطل حقا، وهنا تبدأ اسباب انهيار المجتمعات وقيمها واعرافها الحاكمة وقوانينها العادلة فيسود الظلم وتعم النقمة عند اولئك المستضعفين المهضومة حقوقهم الذين يجدون ويثابرون ثم لا يجدوا مما عملوا أثرا او تاثيرا.
اشكال الفساد كثيرة، فاعود الى بداية حديثي وقاعدة الثواب والعقاب التي عرفها الناس ورسخها الدين الحنيف حيث ارى ثلاث حالات من الناس كمفارقات اجتماعية سلوكية نجدها يوميا ونحن نتعامل مع اناس حولنا وبيننا. الحالة الاولى تتمثل باناس تفكروا وحللوا قواعد السلوك واصوله وطبيعة تركيبه البشري وقناعاته وعكسها على اصول التكوين البشري وقواعد السلوك فوجد ان السلوك البشري الراقي يتمثل باحترام التكوين البشري وما هو اصيل بان يقدم للآخرين من معاملات رسخها الدين ووضعها القانون المدني وحث عليها فلم يبالي بما هو مغاير لقناعته وتكوينه الفكري البشري الراقي، وهو ما يماثل ان يتمعن الانسان بالدين ويتدبر معالم الكون وتدبيره وما جاء عن الله فيهتدي.
الحالة الثانية وهي ما جاء في بداية هذه الخاطرة والمتعلقة بكيف يكون الانسان فاسدا ومفسدا ومسهلا للفساد.
اما الحالة الثالثة فهي تلك المجموعة من الناس الذين عرفوا الحق وحاولوا ان يعيشوا لذتها لكنهم عاشوا مظلومين من تغول معتقدي افكار وسلوك الحالة الثانية وسحقوا فاستسلموا وعادوا عن رشدهم وشرعوا بممارسات وسلوكيات الفئة السائدة التي تتمتع بحياتها على انقاض نفوس آخرين. هؤلاء الفئة من الناس ينطبق عليهم ما قاله الدكتور ضياء الروسان في مكتبي بعد ان قرات عليه هذه الخاطرة حيث قال:
"في اللحظة التي يشعر فيها الانسان ان ضميره قد ارتاح فهي في الحقيقة ان ضميره قد مات"، وهنا تكمن بدايات فقدان الثقة بالذات وبالمجتمع وبالامة والوطن وخصوصا على المستوى الاكاديمي عند اولئك الذين كانوا يتبنون قيما ومبادئ تترفع عن استغلال معارفهم رغم قدرتهم على ذلك لتوفرها وهم يتعرضون كل يوم لمحاولات تضييق وتطفيش وانتهاك لكراماتهم.
حفظ الله الاردن وشرفاءه وحفظ عليهم كرامتهم
ويحضرني في هذا النقاش ما حصل مع احد الزملاء الذين لم يستجيبوا لجميع الجاهات والوجاهات التي استطاع احد الطلبة ان يحشدها للتاثير على زميلي والتي باءت بالفشل مما اثار زوبعة لم تهدا على مستويات عدة ضده وصاحبها تشويه لسمعته العلمية والاكاديمية. من جملة ما تحدثت به مع الطلبة ان هذا الزميل هو اشرفنا جميعا لانه ما زال يفكر كما كنا نفكر بعد ان عدنا من بلاد الغربة محملين بالعلم نحاول ان نطبق الخلق الاكاديمي على انفسنا وعلى طلابنا ولكن هيهات والفكر المجتمعي يرفد كل يوم ثقافتنا بفكر دنيء جديد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يولد الانسان على الفطرة فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه" صدق رسول الله. هذه البداية استشهادا بالحديث النبوي الشريف وضعت لتبيان ان الانسان ابن بيئته وطبيعة التنشئة التي ينشأ عليها.
يتاثر كثيرا بما يحيط به من عوامل حيوية وغير حيوية تجعله يتفاعل معها لتشكيل منظومة شخصيته ذات الطاقات والقدرات والافكار التي تتناسب مع طبيعة التكيف والتجارب والمعارف التي حصل عليها ومدى تفاعله معها. فخالق هذا الكون ومن خلال رسله وكتبه السماوية وضع معايير المسائلة والمحاسبة والحوافز استنادا الى التكليف والتبليغ بالدين واصوله باي وسيلة كانت.
في هذا الزمان ولاسباب جلها اجتماعية والذي بداية ومن قناعة شخصية ان الفساد والافساد الللذان انتشرا بيننا انما هما خاصية بشرية لا ترتبط فقط بالبعد عن الدين وانما بقواعد السلوك الاجتماعي والذي استشرى بيننا حيث نما وتطور كمنظومة اجتماعية متكاملة من لحظة الولادة لحين الوفاة ومن ثم تتوارث الى اجيال تربت على ايدي هذه الفئة من الناس.
والسؤال هنا، كيف تبدأ قابلية الانسان المولود حديثا للفساد بغض النظر عن نوعه وكمه؟ وللاجابة ومن وجهة نظر شخصية انها تبدأ بالمراحل العمرية الاولى للانسان، ومثالي على ذلك يتجلى بطريقة تربيتنا لابنائنا، فلاعتقادنا اننا نداعب ابنائنا ونربيهم على الشجاعة والاقدام فيصدف ان ياخذ الطفل لعبة من طفل آخر وعندما يتمعن هذا الطفل بوحوه ذويه يرى الابتسامة وقد شقت وجوههم وبدأ التصفيق او المداعبة بكلمات ظاهرها سيء وباطنها ثناء واعجاب مثل ان يقول له يا أزعر، وبحالات اخرى كان يقول بجلسة ما ان طفله ذكي وواعي لدرجة انه يعرف كيف ياخذ العاب الاطفال، وغير ذلك من الكلمات والتصرفات التي تغرس في نفس هذا الطفل ان هذا السلوك محمود ويجعل صاحبه ذا حضوة عند غيره.
والانكى من ذلك ان يصل الطفل الى قناعة ان هذا السلوك هو السلوك الصحيح وان عدم سرقة او استيلائه على املالك غيره هو ضعف وهوان وضعف بشخصيته.
يكبر هذا الطفل وقد تشبع بهذه المفاهيم وتكبر معه السلوكيات الخاطئة والتي بنظره انها صحيحة وحق لا تنازل عنه فيواجه مجتمعا بعض شخوصه تماثله بالقناعات وشخوص تختلف تماما بسلوكيات لا يقتنع بها وعندها يكذب ويسرق ويضرب ويقتل ويسلك جميع السبل التي تحقق له مطلبه بغض النظر عن الثمن وما يلحقه ذلك السلوك من أذى على غيره من الناس.
يكبر هذا الطفل ويواجه دينا وخلقا واعرافا اجتماعية بعضها ما زال سائدا وبعضها قد تنحى ولكنه فقهها وادعاها وتظاهر بسلوكها، يكبر ويعي ان هناك قوانين وانظمة حاكمة بين الناس ظاهرها رادع وسبب لوضع ثوابت العدل والمساواة بين الناس فيلجأ للحيلة والدهلزة واستغلال النفوذ وتسخير الآخرين ليحصل على حق غيره او حق ليس له بالاصل او يعطل مصالح الناس وتقدمهم وتطور مراكزهم فيقضي على آمال الناس بحياة كريمة بعيدة عن هذه الوسائل الرخيصة والدنيئة التي تحق باطلا وتبطل حقا، وهنا تبدأ اسباب انهيار المجتمعات وقيمها واعرافها الحاكمة وقوانينها العادلة فيسود الظلم وتعم النقمة عند اولئك المستضعفين المهضومة حقوقهم الذين يجدون ويثابرون ثم لا يجدوا مما عملوا أثرا او تاثيرا.
اشكال الفساد كثيرة، فاعود الى بداية حديثي وقاعدة الثواب والعقاب التي عرفها الناس ورسخها الدين الحنيف حيث ارى ثلاث حالات من الناس كمفارقات اجتماعية سلوكية نجدها يوميا ونحن نتعامل مع اناس حولنا وبيننا. الحالة الاولى تتمثل باناس تفكروا وحللوا قواعد السلوك واصوله وطبيعة تركيبه البشري وقناعاته وعكسها على اصول التكوين البشري وقواعد السلوك فوجد ان السلوك البشري الراقي يتمثل باحترام التكوين البشري وما هو اصيل بان يقدم للآخرين من معاملات رسخها الدين ووضعها القانون المدني وحث عليها فلم يبالي بما هو مغاير لقناعته وتكوينه الفكري البشري الراقي، وهو ما يماثل ان يتمعن الانسان بالدين ويتدبر معالم الكون وتدبيره وما جاء عن الله فيهتدي.
الحالة الثانية وهي ما جاء في بداية هذه الخاطرة والمتعلقة بكيف يكون الانسان فاسدا ومفسدا ومسهلا للفساد.
اما الحالة الثالثة فهي تلك المجموعة من الناس الذين عرفوا الحق وحاولوا ان يعيشوا لذتها لكنهم عاشوا مظلومين من تغول معتقدي افكار وسلوك الحالة الثانية وسحقوا فاستسلموا وعادوا عن رشدهم وشرعوا بممارسات وسلوكيات الفئة السائدة التي تتمتع بحياتها على انقاض نفوس آخرين. هؤلاء الفئة من الناس ينطبق عليهم ما قاله الدكتور ضياء الروسان في مكتبي بعد ان قرات عليه هذه الخاطرة حيث قال:
"في اللحظة التي يشعر فيها الانسان ان ضميره قد ارتاح فهي في الحقيقة ان ضميره قد مات"، وهنا تكمن بدايات فقدان الثقة بالذات وبالمجتمع وبالامة والوطن وخصوصا على المستوى الاكاديمي عند اولئك الذين كانوا يتبنون قيما ومبادئ تترفع عن استغلال معارفهم رغم قدرتهم على ذلك لتوفرها وهم يتعرضون كل يوم لمحاولات تضييق وتطفيش وانتهاك لكراماتهم.
حفظ الله الاردن وشرفاءه وحفظ عليهم كرامتهم