jo24_banner
jo24_banner

نور الشريف

كامل النصيرات
جو 24 : حينما كنّا نسكن في مزارع الكرامة في الثمانينيات ..لم يكن هناك قنوات تلفزيونية فضائية ..وكانت كل خياراتنا محصورة في التلفزيون الأردني وفي التلفزيون الاسرائيلي ..فقط هاتان المحطتان اللتان كانتا (طبع) بدون تشويش إذا ما ضبطنا الانتين أو الشبكة التي كنّا نصنعها و نخرّب في صنعها صحنين ألمنيوم أو ثلاثة ..! وكان الفيلم العربي كل جمعة على التلفزيون الاسرائيلي الساعة الخامسة و النصف مساء هو الموعد المقدس ..وكنا نعيش حالة نكد حقيقية إذا جاءنا ضيوف بتلك الساعة أو إذا خلصت بطارية التلفزيون الابيض و الأسود (ابو الـ 14 بوصة ) .. !
هناك بدأت حكايتي مع «نور الشريف»..من هناك بدأ يتسلل إلى وجداني ..هناك حضرتُ : دائرة الانتقام أول مرة ؛ و دموع ساخنة أول مرة ..أرزاق يا دنيا أول مرة ..الأخوة الأعداء أول مرّة..ضربة شمس أول مرّة ..وحبيبي دائما أول مرة ..وغيره و غيره ..!
لم يكن «نور الشريف» ممثلاً عادياً ..ولئن قالوا عنه : ممثل عابر للقارات فإن رأيي فيه إنه ممثل عابر للقرون ..وهو باقٍ ما بقي الفن ..ليس لأنه «نور الشريف» ..بل لأنه «ابن خلدون» ولأنه «عمر بن عبد العزيز « ولأنه «هارون الرشيد» ولأنه «الحاج متولي» ولأنه «الوالي» ولأنه «حرفوش الحرافيش»..!
وحين ضاقت الدنيا على الفنّ الفلسطيني الملتزم ..خرج نور الشريف كالمارد و أخرج معه «ناجي العلي» و قاد معركة شرسة مع المدافعين عن السادات و حورب في كلّ شيء ولكنه لم يتراجع وها هو الفيلم شاهد من شواهد افلام المقاومة التي لن تندثر ..!
ولا زلتُ أذكر له عند بدايات الثورة السورية عندما أشيع بأن صوره يرفعونها شبيحة النظام باعتباره مؤيداً لبشار الأسد ..فخرج على شاشات التلفزيون غاضباً ومستنكراً وقال قولته المشهورة : اللي يكسّر ايد صديقي الرسام «علي فرزات» مستحيل أكون معاه ..أنا مع ثورة الناس..!
يغيب نور الشريف ..ويصدمنا ..لكنه سيبقى من الأجمل حضوراً ومن الذين نركض وراءهم دائماً لنتابع تفاصيل جسدهم وهم يمثلون ..فليس من السهل أن يتكرّر ممثل يوظّف عينيه وباقي تفاصيل وجهه مثلما كان يفعل نور الشريف الراحل إلى ربّه وهو يحلم برحيل يشبه رحيل عمر بن عبد العزيز ..!

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news