المقامة العينيّة
يا شاهقَ أنفاسِكَ من هَلَعِ..إنّ زفيرَكَ مكبوتٌ فَ دَعِ..دوزَنْتَ العُمرَ على فوضى الجوعِ؛ ولم تعرفْ يوماً ساحلَ بحرٍ للشَّبَعِ..لم تصعدْ جبلاً..لم تهبطْ أرضاً..لم تلمسْ نهراً..لم تأخذْ حقَّكَ في الوَلَعِ..غادرتَ الجمعَ بلا طرحٍ..قسّمتَ الذلَّ بلا ضربٍ..أبقيتَ الآلةَ حاسبةً ؛ ومعادَلةَ الحظِّ على القُرَعِ..وكأنَ الكونَ إذا صارَ إليكَ ..بكيتَ على المكشوفِ وما خبّأتَ شعورَكَ بالفزَعِ..!
هدّئْ من روعِكَ..لا تلبسْ قمصانَ أخيكَ..ولا تسرقْ مصروفَ الوَجَعِ..أمّكَ شابتْ قبلَ أوان الشيبِ لأنّ أباكَ طريحُ الشوكِ ؛ وأنتَ على ذات الدربِ بلا عينينِ ولا سمَعِ.. يتقنُ فنّ الشهقِ؛ وفنّ اللاجدوى..يتقنُ حتى لبسَ الفروِ على جلدٍ إنْ كان الجلدُ مليئاً بالبُقَعِ..ما أغبى العمر يضيعُ بلا هدفٍ ..ما أغبى العمرَ إذا كان بلا طمعِ..!
حاولْ أن تلمسَ وجهَكَ..حاولْ أن تقنعَ نفسكَ أنّكَ موجودٌ في كلّ مكانٍ ؛ واكسرْ ثلجَ الخَنَعِ..وترنَّمْ حينَ تقودُ خطاكَ إلى موسيقاكَ لكي يلقاكَ عُلاكَ بخارطةٍ واضحةٍ للبِدَعِ..!
حاولْ يا شاهقَ أنفاسِكَ أن تدفشَ نفسَكَ فيكَ..وألاّ يصيبَكَ بعضُ المسِّ من الصرَعِ..حاولْ يا حاملَ شكلي تفصيلاً أن تأتي في هذا الوقتِ معي..أرجوكَ تعالَ معي..!
الدستور