انفجار ومغدورون وصمت مريب ..!
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
جو 24 : خمسة بل ستة، وقالوا 7، ثم استخدموا الرقم 8 ..وما زال الجدل الرقمي محتدما. إذا؛ فهم يختلفون على عدد الذين ماتوا في انفجار الجمرك، وعدد الذين أصيبوا أو تشوهوا، ويكاد يكون العدد هو السبق الصحفي المطلوب، بينما الحدث «الجريمة» يغيب، بل يتم إبعاده الى أقصى منطقة مظلمة من الدماغ والضمير وإعلام الوسائل والبدائل..! انفجار الجمرك؛ إلى أي حد يشبه تفجيرات الفنادق؟!.. فيه ضحايا أبرياء، وحرائق ودخان، لكن لا همة إعلامية ولا سياسية فيه، ولم نعلن حدادا ولا حديثا عن المجرم الذي تسبب به، هذا شأنكم؛ أعني : اصمتوا أو احرفوا مسار رائحة الدخان المتصاعد من جثث أبرياء اشتعلت غيلة وغدرا، لكنني لن أفعل وسأتحدث عن المجرم : هو نفسه؛ كتبت عنه كثيرا في هذه الزاوية، مجرم؛ إرهابي النزعة، يميل الى ترهيب المستمعين والمشاهدين، ويأخذ أجرا من عمله الترهيبي هذا، فهو يعيش «الطخطخة» فكرة وطريقة حياة واستثمارا أيضا، يصادر هدوء المدن والقرى، ويحول الأفراح الى مسرحيات «طخطخة»، وأصبحت هذه «الطخطخة» عرفا تراثيا في الوطن بسبب هذا المجرم «الطخاخ»، حيث له فقرة ثابتة في أفراح الناس، هؤلاء الذين ما زالوا يمارسون طقوسيات احتفالات ماراثونية، يحشدون البشر في صالات، فيحضرون الأطفال والنساء البدينات وأصحاب الكروش من الرجال، وفتيان «اسم الله عليهم».. مسشورين شعرهم «ع الملّ بعد تضميخه بالجل»، يرتدون بدلات سوداء، ويلتهبون نطنطة ورقصا موبوءا بثقافات معولمة، يغلقون الشوارع على امتداد رحلتهم الى الصالة، وهناك يتوارون بين الحشد في صالة ملوثة صوتيا علاوة على التلوث البصري الفانتازي، وفي الخارج أو على سطح العمارة، يتم تنفيذ عقد جانبي من جريمة إطلاق المتفجرات والصواريخ الضوئية، حيث لا يسمعها المؤتمرون في الصالة ولا أبو العريس الذي دفع مالا عن هذه الفقرة الاجرامية، بينما ينزعج منها كل جيران الصالة.. والحوادث تحدث «قولتن»، حسب تصريحات الديبلوماسيين. الحوادث تحدث: كما جرت العادة؛ «يريد المسؤولون أن يقوم الملك بكل شيء»، وما أكثر ما فعل جلالته هذا، وعن هذه الجرائم تحدث الملك ووجه الحكومات الى العمل على استعادة هدوء وليل المدن، ومنع إطلاق العيارات النارية، وكان قبل هذا وجه بمنع استخدام الألعاب النارية، فرأينا همة إعلامية وسياسية وشعبية وأمنية، واستعدنا شيئا من صيف عمان الجميل، لكن المجرم لم يهدأ، ولم يكف عن العبث بأمننا والاستثمار في إزعاجنا، فهرّب الألعاب النارية وسربها، وما زالت تنطلق بمناسبة وبغيرها.. والحوادث تحدث!. لن أستغرب لو خرج علينا مدير ما وعزا سبب الانفجار إلى رداءة البضاعة، سيقول بضاعة صينية نخب عاشر، ويصبح الحق على «الصينيين»، وتذهب الجريمة والضحايا مع الدخان.. هل ارتوى فرسان الطخطخة من دماء الأبرياء؟ هل دفأتم جيوبكم ومارستم هوايتكم في الطخ والصوت وبطولات «تقعيد الناس على الخوازيق»؟ .. أعلم بأنكم لن تملوا هذه الممارسة المنحرفة، وسوف تعودون لتسرقوا ليلنا وهدوئنا ثم حياتنا، وستلهبون المدن والقرى والبوادي بنار «طخطختكم» .. ستعود الألعاب النارية والعيارات النارية والأفراح النارية ومواكب الأعراس والرقصات الملسوعة بسموم الثقافات المعيارية المستوردة.. كلها؛ سوف تعود بعد أن ننسى. وكلنا في النهاية وفي البداية ..ننسى.