انهاء برامج التعليم الموازي في الجامعات
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
جو 24 : الناس يدفعون هناك في المدارس ولا يعجبهم أن يدفعوا هنا ! نتيجة نتوصل إليها حين نقارن ارتفاع رسوم المدارس الخاصة مع رسوم الجامعات !. في كل سؤال موجه لرؤساء الجامعات الحكومية، تقف الإجابة عند عبارة باتت معروفة (لا يمكننا الاستمرار في هذا بسبب الأعباء المالية على الجامعات وتوقف الدعم الحكومي). عموما : يلوح في الأفق مسعى حكومي للتخفيف عن الجامعات «صدقوني حين أقدم سبقا صحفيا». هل نتحدث بصراحة ومنطق وعدالة؟ على الرغم من أن مستفيدين كثرا من الوضع القائم يقلقون من الصراحة ويحاربون المنطق والعدالة.. نتحدث بصراحة وأرقام أيضا: دخل الجامعات الرسمية الرئيس هو المتأتي من الرسوم التي يدفعها الطلبة، علما أن هذه الرسوم على البرنامج العادي تم إقرارها قبل 25 الى 30 سنة ولم تتغير، وهي توفر 70% من موارد دخل الجامعات، ويقف الناس والمناضلون على اختلاف وعيهم وعلمهم..يقفون بالمرصاد ضد تعديل تلك الرسوم، وسرعان ما يتهمون الجامعات بنوايا الخصخصة وغيرها من التهم المعلبة، لكنهم لا يعلمون بأن الذين يدفعون الرسوم من جيوبهم للجامعات هم فقط 10% من الطلبة الذي يدرسون على البرنامج العادي، اقول العادي وليس الموازي، وحقيقة أخرى تقول: إن هذه الرسوم التي يدفعها الطالب على البرنامج العادي لا تغطي أكثر من 30 من الكلفة الفعلية للدراسة وبقيتها الكلفة تتحملها الجامعات التي نتساءل بدورنا : كيف وإلى متى ستبقى صامدة؟!.. من يدفع الرسوم عن 90% من الطلبة المقبولين في الجامعات ؟..اليكم هذه النسبة و «الحسبة» التقريبية : حوالي 27% من طلبة البرنامج العادي يتولى الانفاق عليهم صندوق دعم الطالب في وزارة التعليم العالي، فيدفع الصندوق على دراسة هؤلاء عن طريق منح كلية وجزئية. و20% من طلبة البرنامج العادي يدفع عنهم الجيش «مكرمة جيش»، و5% تدفع عنهم نقابة المعلمين، و8% تدفعها جهات لذوي الاحتياجات الخاصة..إذا المجموع 60% من طلبة البرنامج العادي تتولى جهات متعددة الانفاق على دراستهم. وهذا جزء من دخل الجامعات ومواردها الرئيسة، علما أن من بينها جهات لا تقوم بالدفع وتترك الجامعات تواجه مصيرها، (الحكومة ستحاول قريبا أن تلزمها بالدفع أو تجد جهات بديلة تدفع عنها هذه الالتزامات للجامعات)، حيث بلغت نسبة الديون المترتبة في ذمتها للجامعات أكثر من 75 مليونا حتى الآن. وهي تقريبا نصف المديونية المطلوبة للجامعات. بقي أن نقول: إن نسبة 30% من دخل الجامعات تعتمد على برنامج التعليم الموازي، ومعها يتوضح لنا مقدار ما يدخل على الجامعات من موارد وهو 60% المذكورة آنفا ، يضاف إليها 10% هي فقط نسبة الطلبة التي تنفق من حسابها على الدراسة في الجامعات، وهم الطلبة المقبولون على البرنامج العادي «تنافس ومقاعد بلا منح»، وهي نسبة تشكل 70% من موارد الجامعات و30% المتبقية تأتي من برنامج الموازي. لذلك فالمنطق يحتم على الذين يدركون حجم التحدي الذي يواجه مؤسسات التعليم العالي الرسمي، أن يعيدوا النظر في موضوع الرسوم الجامعية بتوحيدها بين الجامعات في كثير من التخصصات، ورفعها رفعا متدرجا لتقترب من الكلفة الفعلية؛ «التي لن تصل الى حجم رسوم المدارس الخاصة بأي حال». هذا اقتراحنا للخروج من مشكلة الأعباء المالية التي تواجه الجامعات الرسمية، وهو -أيضا- اقتراح للتخلص من برنامج التعليم الموازي؛ لأن الجامعات لن تستمر في برنامج التعليم الموازي لو تحققت لها وفرة مالية من البرنامج العادي، وستعمل على رفع قدرتها الاستيعابية، لتشمل جميع الطلبة المؤهلين للدراسة في الجامعات.. لا حلول بعيدا عن المنطق والعدالة وتساوي الفرص، فتشوهات الرسوم الجامعية وتواضعها مقارنة بتكلفتها الحقيقية، هي التحدي الأكبر الذي يواجه التعليم العالي الرسمي، فهل ستقوم وزارة التعليم العالي بتعليق الجرس، وهل ستلتزم الحكومة بخطة لإنقاذ مؤسسات التعليم العالي التي باتت أقرب الى حالة «الاحتضار» ؟!. سؤال برسم الضمير قبل الإجابة والتقرير ولا مجال لفتح المزادات النضالوية ما دام تعليمنا العالي يسير في طريق مجهول المصير.