سمسرة و «سرسرة»
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
جو 24 : أعرف شخصا «واحدا على الأقل»؛ سرسرياً.. يرتكب الحماقات والجرائم بحق الناس، وحين يتم تقديمه لمحاكمة لتنفيذ عقاب بحقه أو عتاب «لا ينفع معه العتاب «، يتذرع بأنه كان «مزهزه» يعني سكران بالطبع، وبعض المشتكين يعتبرون تناوله الكحول عذرا مخففا يحول دون عقوبته جراء «العربدة» على الخلق، وحين أفكر في هذا العذر المخفف الذي يمنحه المجني عليه للسكران، أكتشف بأن المجني عليه الذي منح العذر «محشش ومسطول».. حسنا؛ هذا عن العربيد الذي لم يجد أحدا «يكسر خشمه»، لكن كيف نعذر سمسارا يحتكر قوت المواطن ليرفع السعر متى وكيف شاء؟ وماذا يقول هذا السمسار حين يشرع المراقب أو المجني عليه بعتابه أو طلب عقابه؟. وما هو العذر المخفف الذي يحصل عليه «سرسري» بهذه الخطورة، ومن الذي يمنحه الأعذار المخففة؟!. يقول بعضهم بأن المانح والمانع في هذه الحالة هي تشريعات !..مثل «حرية السوق» و»اتفاقيات التجارة العالمية» هذه التي وقعت عليها حكومات أردنية، وجعلت الاقتصاد مفتوحا، وسمحت بالتنافسية، وكبلت أيدي الحكومات ومنعتها من الرقابة على الأسواق، أي أن اجتماع بعض العمال من جنسيات عربية في سوق الخضار المركزي، وقرارهم احتكار الخضروات والفواكه ورفع سعرها، عمل لا يقع ضمن جريمة العبث في قوت الناس وتجويع الفقراء وهم «السواد الأعظم» من الناس في وطني، بل هو عمل حر مربح، ويلهم غيرهم، حتى وإن كان هناك فقط سوق واحد مركزي للخضار في عمان، ويقع في قبضة سماسرة، آخر ما قد يفكرون به هو طعام الفقراء في وطن ليس بوطنهم!. بينما يقول آخرون بأن المانع والمانح شخص راش «حوت»، يقدم الرشى لمسؤولين نقابيين وغيرهم، ثمنا لسكوتهم عن هذه التجاوزات بحق وطن الفقراء، وحين نفكر بالمرتشي الذي يخفف على المحتكرين اللصوص، نجد أنه فرد أو زعيم في عصابة، المال وطنها الحقيقي، وآخر ما تفكر فيه وطن يحكمه القانون ويعيش الناس فيه آمنين على غذائهم وقوت يومهم.. ترى ما أهمية ما ذكرته «الدستور» في صنارتها أمس: (قال رئيس جمعية اتحاد مصدري الخضار والفواكه سليمان الحياري ان سبب ارتفاع اسعار الخضار في الاسواق المحلية يعود لممارسات احتكارية يقوم بها بعض الوسطاء والسماسرة الوافدين في اسواق الخضار المركزية)..؟!. الأمانة مشغولة بتحذير المواطنين بأن عليهم إزالة «معرشات البطيخ» من أماكنها بعد انتهاء فترة التصاريح، وتمنع الفقراء من طلب رزقهم وبيع الخضروات في الشوارع، لتكون في متناول الناس الفقراء وبأسعار معقولة، وهذه ممارسات تساعد على الاحتكار في أسواق الفواكه والخضار، وتفسح المجال للذين يتحدث عنهم الحياري ليتحكموا بالأسعار وبالأقدار كذلك. بعض القوانين والأنظمة والتعليمات تشرعن للسرقة والفساد، وتساعد فئات من التجار للسمسرة على الوطن كله، وكلما لاح في الأفق حديث عن خلل أو خطأ ما، تقع العقوبة «الصوتية» على جهات مقصرة، لكن الجهات التي تمارس الجريمة وتقوم بها، ولا حديث عنها ولا مساءلة ولا متابعة أو رقابة .. هل هذا ضرب من فساد «قانوني» أم هو محض جنون أم مجرد «تحشيش وتسطيل» ؟!.